@ شدة تحري ابن خزيمة في انتقاء الحديث @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

– شدة تحري ابن خزيمة في انتقاء الحديث –

الإمام الحافظ ابن خزيمة رحمه الله عُرف بشدة تحريه في انتقاء الحديث الصحيح ، فلا يدخل في صحيحه إلا ما ترجع له صحته ، ومما يدل على شدة تحريه ما يلي:
– أولاً: أنه قد يروي الحديث الصحيح في صحيحه ثم تتبين له علته ويتراجع عن تصحيحه.

مثاله:

قال ابن خزيمة(ح-٣٨) حدثنا أحمد بن عبدة الضبي أخبرنا حماد بن زيد عن هشام بن عبيدة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس

( أن النبي عليه الصلاة والسلام أكل عظماً أو لحماً ثم صلى ولم يتوضأ )
قال أبو بكر ابن خزيمة: خبر حماد بن زيد غير متصل الإسناد ، غلطنا في إخراجه ، فإن بين هشام بن عروة وبين محمد بن عمرو بن عطاء ، وهب بن كيسان.

وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان وعبدة بن سليمان.اهـ

– ثانياً: أنه قد يروي الحديث في صحيحه ثم يتردد في صحته ، فيقول فيه (إن صح الخبر) وهذا كثير في صحيحه.

مثاله:

قال ابن خزيمة (١٠٥)-باب فضل السواك وتضعيف فضل الصلاة التي لها على الصلاة التي لا يستاك لها إن صح الخبر.

وساق بسنده (ح-١٣٧) عن محمد بن إسحاق قال ذكر محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( فضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفاً )

قال ابن خزيمة: أنا استثنيت صحة هذا الخبر لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم وإنما دلسه عنه.اهـ
وقوله(١٢١)-باب إباحة ترديد الآية الواحدة في الصلاة مراراً عند التدبر والتفكر في القرآن

إن صح الخبر.اهـ
وقوله(٤٩٣)-باب فضل قراءة ألف آية في ليلة إن صح الخبر ، فإني لا أعرف أبا سوية بعدالة ولا جرح.

– ثالثاً: أنه قد يروي للراوي الضعيف في صحيحه لوجود ما يعضد حديثه.

مثاله:

روى ابن خزيمة(ح-١٤٦) قال أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب أخبرنا عمي أخبرني ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل الحضرمي

عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن سالم بن عبدالله عن أبيه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام( إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات)

قال أبو بكر ابن خزيمة: ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا الكتاب إذا تفرد برواية وإنما أخرجت هذا الخبر لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد.اهـ

– رابعاً: أنه قد يروي الحديث المعل في صحيحه ليبين علته.

مثاله:

قال ابن خزيمة(٤١)-باب الترجيع في الأذان مع تثنية الإقامة.

وساق بسنده(ح-٣٧٨) عن عبدالعزيز بن عبدالملك عن أبي محذورة ( أن رسول الله عليه الصلاة السلام

أقعده فألقى عليه الأذان حرفاً حرفاً…)

قال أبو بكر ابن خزيمة: عبدالعزيز بن عبدالملك لم يسمع هذا الخبر من أبي محذورة إنما رواه عن عبدالله بن محيريز عن أبي محذورة.

ثم ساقه(ح-٣٧٩) عن عبدالعزيز بن عبدالملك عن عبدالله بن محيزيز عن أبي محذورة.
– وقوله(٤٤)-باب إدخال الإصبعين في الأذنين

عند الأذان إن صح الخبر ، فإن هذه اللفظة لست أحفظها إلا عن حجاج بن أرطاة ، ولست أفهم أسمع الحجاج هذا الخبر عن عون بن أبي جحيفة أم لا ، فأشك في صحة هذا الخبر لهذه العلة.اهـ
وقوله(ح-١٢١٦) عن موسى بن عبدالعزيز عن الحكم بن أبان حدثني عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال للعباس بن عبدالمطلب:( يا عباس يا عماه ألا أعطيك ألا أجيزك…)

ورواه إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة مرسلاً ، لم يقل فيه عن ابن عباس.
وقوله(ح-١٢٢٤) عن إسماعيل بن عبدالله الرقي عن خالد بن عبدالله عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام(لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب)

قال أبو بكر ابن خزيمة:لم يتابع هذا الشيخ إسماعيل بن عبدالله على إيصاله هذا الخبر

ورواه الدراوردي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة مرسلاً ، ورواه حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قوله.اهـ

– خامساً: قد يروي الحديث الضعيف في صحيحه ليس من باب الاحتجاج به وإنما ليبين ضعف راويه.
قال ابن خزيمة (ح- ٤٦٩): عاصم العنزي وعباد بن عاصم مجهولان لا يدرى من هما.
وقال (ح-٤٧٠): حارثه بن محمد ليس ممن يحتج أهل الحديث بحديثه.
وقال (ح- ٨٦٥): إن كان قابوس بن أبي ظبيان

يجوز الاحتجاج بخبره فإن في القلب منه.
وقال (ح-١٠٠٥): في القلب من زمعة.
وقال (ح-١٢١٥): ولست أعرف علي بن الصلت

هذا ، ولا أدري من أي بلاد الله هو.

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١٧/١٠/١٤٣٦هـ

@ معنى قول الترمذي: وفي الباب عن فلان @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

– معنى قول الترمذي: وفي الباب عن فلان –
من عادات الإمام الترمذي في جامعه

بعد سوقه للحديث يقول: وفي الباب عن فلان وفلان.

مثاله:

روى الترمذي(١٢٦٧) عن معمر بن عبدالله بن نضلة قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول( لا يحتكر إلا خاطئ )

قال الترمذي: وفي الباب عن عمر وعلي وأبي أمامة وابن عمر.اهـ
ومراده من قوله: وفي الباب عن فلان وفلان

أي رواه فلان وفلان من الصحابة مثل لفظ حديث الباب أو بمعناه أو بمعنى آخر.
قال الحافظ العراقي في القييد والإيضاح(١٠١):

قول الترمذي في الجامع(وفي الباب عن فلان وفلان) فإنه لا يريد ذلك الحديث المعين وإنما يريد أحاديث أخر تصح أن تكتب في ذلك الباب وإن كان حديثاً آخر غير الذي يرويه في أول الباب

وهو عمل صحيح ، إلا أن كثيراً من الناس يفهمون

من ذلك أن من سُمي من الصحابة يروون ذلك الحديث الذي رواه في أول الباب بعينه وليس الأمر على ما فهموه بل قد يكون كذلك وقد يكون حديثاً آخر يصح إيراده في ذلك الباب.اهـ

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١٦/١٠/١٤٣٦هـ

@ الحافظ ابن الصلاح لم يغفل باب الاجتهاد في الحديث @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

 – الحافظ ابن الصلاح لم يغفل باب الاجتهاد في الحديث –
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٢٧):

إذا وجدنا فيما يروي من أجزاء الحديث وغيرها حديثاً صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصاً على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته فقد تعذر في هذه الأعصار الأستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد..اهـ
ظن بعض أهل العلم أن الحافظ ابن الصلاح أغلق باب الاجتهاد في الحديث بعد عصر الأئمة ،

 قال الحافظ السيوطي في التدريب(١٠٨):

ابن الصلاح سد باب التصحيح والتحسين والتضعيف على أهل هذه الأزمان لضعف أهليتهم.اهـ
والتحقيق: أن الحافظ ابن الصلاح لم يرد منع الاجتهاد في تصحيح الحديث وتضعيفه بعد عصر الأئمة الحفاظ ، وإنما مراده منع من لا يحسن الصنعة الحديثية أن يقدم على التصحيح والتحسين والتضعيف ، فيصحح تارة ويحسن تارة ويضعف تارة ، من غير علم ولا بصيرة بهذا الشأن.
وبرهان ذلك ما يلي:

أولاً: أن الحافظ ابن الصلاح لم ينكر على المشتغلين بعلم الحديث في زمانه ممن اعتنوا في بيان الصحيح من غيره ، منهم: الحافظ المنذري والحافظ ابن القطان والحافظ ضياء الدين المقدسي وخلق سواهم.
ثانياً: أن الحافظ ابن الصلاح قوى جملة من الأحاديث وضعف مثلها ، فلو كان مراده المنع لما خالف قوله.

ومن الأحاديث التي حكم عليها ابن الصلاح هي:

– حديث( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )

قال ابن الصلاح في فتاواه(١٧٦):

لم نجد له إسناداً يثبت بمثله الحديث.اهـ
– حديث ( لعن الله من أكرم غنياً لغناه وأهان فقير لفقره )

وحديث ( لعن الله من أكرم بالغنى وأهان بالفقر )

قال ابن الصلاح في فتاواه (١٧١):

إن هذين الحديثين لا نعرفهما من جهة تصح تقوم بها الحجة.اهـ
– (حديث صلاة التسبيح)

قال ابن الصلاح في فتاواه (٢٣٥): حديث حسن

أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم المعتمدة

أبو داود السجستاني وأبو عيسى الترمذي

وأبو عبدالله بن ماجه والنسائي وغيرهم

وأورده الحاكم أبو عبدالله الحافظ في صحيحه

المستدرك ، وله طرق يعضد بعضها بعضاً.اهـ
– (حديث تلقين الميت)

قال ابن الصلاح في فتاواه (٢٦١):

رويناه من حديث أبي أمامة ، ليس بالقائم إسناده ، ولكن اعتضد بشواهد.اهـ
– حديث كعب رضي الله عنه مرفوعاً:(كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع)

حسنه ابن الصلاح ، كما في البدر المنير لابن الملقن-٧/٥٢٨
– حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )

حسنه ابن الصلاح ، كما في الإرواء للألباني (٨١)

كتبه:

بدر بن محمد البدر.

١٦/١٠/١٤٣٦هـ

@ أول من صنف في الصحيح المجرد @

 – مباحث في علم مصطلح الحديث –

– أول مَن صنف في الصحيح المجرد –

أول مَن صنف في الصحيح المجرد الخالي من الحسن والضعيف هو الإمام البخاري في كتابه الصحيح ، فإنه لم يخرج في أصول صحيحه إلا ما صح عنده ، ولم يخرج في أصوله غير الصحيح.
قال العلامة التبريزي في شرح فن أصول المصطلح(٥٨): وأول من صنف في الصحيح المجرّد العاري عن الحسن والضعيف هو الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري.اهـ

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١٥/١٠/١٤٣٦هـ

@ الإعراض عن رواية الحديث الغريب @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

  – الإعراض عن رواية الحديث الغريب –

غالب الأحاديث الغرايب ضعيفة ، لذا كان الأئمة الحفاظ يعرضون عن رواية الحديث الغريب ، ولا يعتنون به.
قال الأعمش قال إبراهيم: ( كانوا يكرهون غريب الحديث ) رواه الخطيب في الكفاية(٤٨٦)
وقال أحمد بن حنبل: ( شر الحديث الغرائب التي لا يعمل بها ولا يعتمد عليها ) رواه الخطيب في الكفاية(٤٨٧)
وقال أبو داود في رسالته لأهل مكة(٢٩):

ولو احتج رجل بحديث غريب ، وجدت من يطعن فيه ، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث ، وقال يزيد بن أبي حبيب: إذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضالة فإن عُرف وإلا فدعه.اهـ
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٢٥٦):

الغريب ينقسم إلى صحيح وإلى غير صحيح وذلك هو الغالب على الغرايب.

وروينا عن أحمد بن حنبل أنه قال غير مرة: لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرايب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء.اهـ

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١٥/١٠/١٤٣٦هـ

@ كثرة طرق المرسل تدل على ثبوته @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

 – كثرة طرق المرسل تدل على ثبوته –

الحديث المرسل إذا كثرت طرقه وتباينت ، سواء كانت مرسلة أو متصلة ، دلت على ثبوته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع(١٣/١٨٦):

والمراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصداً أو الاتفاق بغير قصد كانت صحيحة قطعاً… فإذا كان الحديث جاء من جهتين أو جهات وقد علم أن المخبرين لم يتواطؤا على اختلاقه وعلم أن مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتفاقاً بلا قصد علم أنه صحيح.اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في النكت (٢/٥٦٦): وحاصله: أن المجموع حجة لا مجرد المرسل وحده ولا المنضم وحده فإن حالة الاجتماع تثير ظناً غالباً وهذا شأن لكل ضعيفين اجتمعا.اهـ

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١٣/١٠/١٤٣٦هـ

@ شروط مختلف فيها في راوي الحديث الصحيح @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

-شروط مختلف فيها في راوي الحديث الصحيح-
اتفق أهل العلم أن من شروط الصحيح أن يكون راويه عدلاً ضابطاً ، واختلفوا في عدة شروط منها:
١- أن يكون راوي الحديث الصحيح مشهوراً بالطلب.
٢- أن يكون راوي الحديث الصحيح مشهوراً بالفهم والمعرفة.
٣- أن يكون راوي الحديث الصحيح كثير السماع والمذاكرة.

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١٣/١٠/١٤٣٦هـ

@ الخبر المحتف بالقرائن @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

     – الخبر المحتف بالقرائن –
– الخبر المحتف بالقرائن: هو الحديث المقبول الذي احتفت به أمور زائدة على شروط الحديث المقبول.
– فائدة القرائن:

القرائن تزيد الحديث المقبول قوة.
– أنواع القرائن:
١- الحديث إذا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، ولم يبلغ حد التواتر.
٢-الحديث المشهور إذا كانت له طرق متباينه

سالمة من ضعف الرواة والعلل.
٣- الحديث المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين

ولا يكون غريباً.
قال الحافظ ابن حجر في النزهة(٧٤):

والخبر المحتف بالقرائن أنواع:

منها: ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ حد التواتر ، فإنه قد احتفت به قرائن منها 

جلالتهما في هذا الشأن ، وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما ، وتلقي العلماء كتابهما بالقبول.

ومنها: المشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل.

ومنها: المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين حيث لا يكون غريباً.

ومحصل الأنواع الثلاثة التي ذكرناها:

أن الأول: بختص بالصحيحين

والثاني: بما له طرق متعددة

والثالث: بما رواه الأئمة.اهـ

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١٣/١٠/١٤٣٦هـ

@ أنواع الرواية @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

            – أنواع الرواية –
رواية الحديث على ثمانية أنواع.
قال القاضي عياض في الإلماع(٧٧):

اعلم أن طريق النقل ووجوه الأخذ وأصول الرواية على أنواع كثيرة ويجمعها ثمانية ضروب وكل ضرب منها له فروع وشعوب ومنها ما يتفق عليه في الرواية والعمل ومنها ما يختلف فيه فيهما جميعاً أو في أحدهما.اهـ
وهذه الأنواع هي:
النوع الأول: السماع من لفظ الشيخ.

وهو نوعان:

الأول: إملاء : وهو أن يَجلس الشيخ وحوله طلابه معهم الأقلام والأوراق ، فيتكلم الشيخ بما فتح الله عليه من العلم وطلابه يكتبون ما يملي عليهم.
والثاني: تحديث : هو أن يحدث الشيخ من غير إملاء سواء كان من حفظه أو من كتابه.
قال القاضي عياض في الإلماع(٧٧): السماع من لفظ الشيخ أرفع درجات أنواع الرواية عند الأكثرين.اهـ
ويجوز في السماع من لفظ الشيخ أن يقول السامع: حدثنا أو أخبرنا أو أنبأنا أو سمعت أو قال لنا أو ذكر لنا ، ونحو ذلك.
قال القاضي عياض في الإلماع(٧٧): ولا خلاف أنه يجوز في هذا أن يقول السامع منه: حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت فلاناً يقول وقال لنا فلان وذكر لنا فلان.اهـ
النوع الثاني: القراءة على الشيخ ، وتسمى العرض لأن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه.

وهو نوعان:

الأول: قراءتك أنت على الشيخ.

الثاني: قراءة طالب أخر على الشيخ وأنت تسمع.
قال القاضي عياض في الإلماع(٧٩): ولا خلاف أنها رواية صحيحة.اهـ
ويجوز في القراءة على الشيخ أن يقول السامع:

أخبرنا أو قرئ على فلان وأنا أسمع.

ويقول القارئ: قرأت على فلان.
وجوّز الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٦٢)

في القراءة على الشيخ أن يقول: حدثنا فلان قراءة عليه أو أخبرنا قراءة عليه ونحو ذلك.اهـ
النوع الثالث : المناولة.

هو أن يناول الشيخ الطالب كتابه مقتصراً على قوله: ( هذا سماعي أو رواياتي ).

وهي نوعان:

الأول: مناولة مقرونة بالإجازة ، وهذه صحيحة

الثاني: مناولة غير مقرونة بالإجازة ، وهذه لا تصح.

النوع الرابع: المكتابة.

هي أن يكتب الشيخ لتلميذه شيء من حديثه أو رواياته.

وهي نوعان:

الأول: مكاتبة مقرونة بالإجازة ، وهذه صحيحة

الثاني: مكاتبة غير مقرونة بالإجازة ، وهذه لا تصح.

النوع الخامس: الإجازة.

والإجازة جائزة عند جمهور المحدثيين ،

وادعى القاضي أبو الوليد الباجي الإجماع على صحة الإجازة ، ذكره عنه القاضي عياض في الإلماع(٨٩)

ورد الإجماع الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٧١) قال: قد خالف في جواز الرواية بالإجازة جماعات من أهل الحديث والفقهاء والأصوليين وذلك إحدى الروايتين عن الشافعي روي عن صاحبه الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي لا يرى الإجازة في الحديث ، قال الربيع: أنا أخالف الشافعي في هذا.اهـ

 

وهي أنواع:

أولاً: إجازة من معين لمعين : 

كأن يقول الشيخ أجزتك يا فلان أن تروي عني كتابي الفلاني ، وهذا النوع جائز عند أكثر أهل العلم.
ثانياً: إجازة لمعين في غير معين :

كأن يقول الشيخ: أجزتك يا فلان أن تروي عني جميع مروياتي ، وهذا النوع جائز عند أكثر أهل العلم.
ثالثاً: إجازة لغير معين ، وتسمى الإجازة العامة.

وهي أن يقول الشيخ: أجزت كل مسلم أو أجزت الموجودين أو أجزت كل أهل بلدي.

وهذا النوع في صحته خلاف. 
رابعاً: إجازة لمجهول أو إجازة بمجهول :

كأن يقول الشيخ: أجزت عبدالله المكي ، وفيه جملة يشتركون بهذا الاسم ولم يعين أحداً.

أو يقول الشيخ: أجزت عبدالله أن يروي عني كتاب السنن ، وله عدة كتب في السنن ولم يعين كتاباً.

وهذا النوع لا يصح.

قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٧٤):

هذه إجازة فاسدة لا فائدة لها.اهـ
خامساً: إجازة لمعدوم.

وهو أن يقول الشيخ: أجزت لمن يولد لفلان وذرية ذريته.

وهذا النوع فيه خلاف .

النوع السادس: الإعلام.

وهو إعلام الشيخ للطالب أن هذه الكتب روايته.

وقد جوزها بعض الحفاظ ومنعها آخرون.

والتحقيق جوازها إذا كانت مقرونة بالإجازة

وبه قال الحافظ ابن حجر في النخبة(١٣)

والحافظ الصنعاني في إسبال المطر(٢٤٢)

النوع السابع: الوصية. أي وصية الشيخ بكتبه لتلميذه.

قال العلامة القاسمي في قواعد التحديث(٢١٢):

جوز بعضهم للموصى له روايته عنه تلك الوصية لأن في دفعها له نوعاً من الإذن وشبهاً من المناولة وصحح الأكثرون المنع.اهـ

والصحيح جواز الرواية بالوصية إذا كانت مقرونة بالإجازة .

وبه قال الحافظ ابن حجر في النخبة(١٣) والحافظ الصنعاني في إسبال المطر(٢٤٢)

النوع الثامن: الوجادة.

وهي أن يجد الطالب حديثاً أو كتاباً بخط شيخه

وهذه فيها خلاف.

والتحقيق جواز الوجادة إذا كانت مقرونة بالإجازة

وبه قال الحافظ ابن حجر في النخبة(١٣)

والحافظ الصنعاني في إسبال المطر(٢٤٢)

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

٧/١٠/١٤٣٦هـ

@ موقف المسلم من الفتن @

– موقف المسلم من الفتن –
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
– معنى الفتن:
الفتن جمع فتنة.

قال ابن فارس في مقاييس اللغة(٤/٤٧٢):

 الفاء والتاء والنون: أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار.اهـ
وقال الأزهري في تهذيب اللغة(١٤/٢١١):

جماع معنى الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان.اهـ
والفتن نوعان:
– النوع الأول : فتن خاصة.

وهي الفتن التي تخص المرء بعينة ، كفتنة المال والولد ونحوهما

قال تعالى ( إنما أموٰلكمـ وأولٰدكمـ فتنة والله عنده أجر عظيمـ )
قال الحافظ النووي في شرح مسلم (١/١٨٤):

وفتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من فرط محبته لهم وشحه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير كما قال تعالى (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) أو لتفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم فإنه راع ومسؤول عن رعيته وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا فهذه كلها فتن تقتضي المحاسبة ومنها ذنوب يرجى تكفيرها بالحسنات كما قال تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات).اهـ
– موقف المسلم من الفتن الخاصة:

عليه أن يتقرب إلى الله سبحانه تعالى بالأعمال الصالحة ، من صلاة وصيام وصدقة وغير ذلك.
عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )

رواه البخاري (٥٢٥) ومسلم (١٤٤)

– النوع الثاني: فتن عامة.

وهي الفتن التي تعم كل الناس.

قال تعالى ( الٓمٓـ أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهمـ فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكـٰذبين )
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٦/٢٦٣):

هذا استفهام إنكار ، ومعناه أن الله لابد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان.اهـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن يُشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به )

رواه البخاري (٣٦٠١) ومسلم (٢٨٨٦)
– والفتن العامة إذا وقعت ذهبت عقول الناس ، والتبست الأمور.
قال حذيفة رضي الله عنه :( ما الخمر صرفاً بأذهب بعقول الرجال من الفتن )

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه(٧/٤٧٥)
وقال علي رضي الله عنه : ( إن الفتنة إذا أقبلت شبّهت وإذا أدبرت أسفرت )

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٧/٥٢٨)
وبوب الإمام نعيم بن حماد في كتابه الفتن(١/٦٢)

باب: ما يذكر من انتقاص العقول وذهاب أحلام الناس في الفتن.
وبوب الإمام عثمان الداني في كتابه السنن الواردة في الفتن(١/٣٥٠): باب: ما جاء في ذهاب العقول عند وقوع الفتن.
وبوب العلامة حمود التويجري في كتابه إتحاف الجماعة(١/٢٣): باب: أن الفتن تُذهب العقول.

– موقف المسلم من الفتنة العامة:

ينبغي للمسلم إذا وقعت الفتن العامة أن يتمسك بثلاثة أصول ، هي المنجية من هذه الفتن

بإذن الله تعالى.
الأصل الأول: الاعتصام بالكتاب والسنة.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( تركتوا فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه )

رواه مالك بلاغاً (١٧١٨)

ورواه البيهقي في السنن الكبرى(١٠/١١٤) موصولاً عن ابن عباس.

قال الحافظ ابن عبدالبر في التمهيد(٢٤/٣٣١):

هذا محفوظ معروف مشهور عن النبي عليه الصلاة والسلام عند أهل العلم شهرة يكاد يستغنى بها عن الإسناد.اهـ
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ )

رواه أحمد(٤/١٢٦) وأبوداود(٤٦٠٧)

وقال الترمذي(٢٦٧٦): هذا حديث حسن صحيح.
قال العلامة ابن باز في الفتوى (٥/١٢٣):

فجدير بأهل العلم من الشباب وغيرهم أن يعضوا على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام

بالنواجذ وأن يتفقهوا فيهما ، مع سؤال علماء الحق عما أشكل عليهم من الأحكام.اهـ

الأصل الثاني: عدم الخوض في الفتن والرجوع إلى العلماء الراسخين.
قال تعالى ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( ليس منا من لم يعرف لعالمنا حقه )

رواه أحمد(٥/٣٢٣) وقال الهيثمي في المجمع(١/١٢٧): إسناده حسن.

وقال الألباني في صحيح الجامع(٥٤٤٣): حسن.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام عن الفتن :( أفلح من كف يده )

رواه أبو داود (٤٢٤٩) وصححه الألباني.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال( املك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك )

رواه الترمذي(٢٤٠٦) وقال حديث حسن.

وقال الألباني: حديث صحيح.
قال الحسن البصري رحمه الله :(إن الفتنة إذا أقبلت عرفها العالم ، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل)

رواه البخاري في التاريخ الكبير(٤/٣٢١)
وقال العلامة الفوزان في محاضرات في العقيدة(٣/١١٩): أهل العلم هم أهل القول في الدنيا والآخرة .. والله سبحانه وتعالى أمر بالرجوع إلى أهل العلم وأهل الفقه عند المشكلات وسؤالهم .. وأهل العلم أيضاً هم أهل الثبات عند فتن الشهوات أو الشبهات.

إلى أن قال: فالعلماء لهم مكانتهم ولهم قدرهم ولا يصلح الناس بدون وجود العلماء ، والمراد بالعلماء أهل العلم النافع والعمل الصالح الذي بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام.اهـ

الأصل الثالث: لزوم جماعة المسلمين وإمامهم.
قال حذيفة رضي الله عنه للنبي عليه الصلاة والسلام لما ذكر الفتن ، فما ترى إن أدركني ذلك؟

قال النبي عليه الصلاة والسلام ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ) قلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال ( فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )

رواه البخاري (٧٠٨٤)
وعن عمر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال ( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة )

رواه الترمذي(٢١٦٥) وقال: حديث حسن صحيح غريب.

وقال الحاكم في المستدرك(١/١١٤): صحيح على شرط الشيخين.

وقال القاري كما في التحفة(٦/١٦):إسناده صحيح ، ورجاله رجال الصحيح إلا إبراهيم بن الحسن الخثعي ، فإنه لم يخرج له الشيخان وهو ثقة ثبت.اهـ
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ( أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله الذي أمر به وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة)

رواه الآجري في الشريعة(١٧) بسند حسن
– ختاماً:
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها

وما بطن.

عن المقداد رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن السعيد لمن جُنِّب الفتن ) رواه أبو داود( ٤٢٦٣) وصححه الألباني.

 
كتبه:

بدر بن محمد البدر.

٧/١٠/١٤٣٦هـ