– أداب طالب الحديث –
هذه جملة من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب الحديث وهي:
@- ينبغي على طالب الحديث أن يخلص نيته في طلب الحديث.
لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمعت
رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى )
رواه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧)
قال حَفْصُ بْنُ مَاهَانَ قَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ أَطَلَبْتَ هَذَا الْعِلْمَ يَوْمَ طَلَبْتَهُ لِلَّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ سُفْيَانُ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَامَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ سُفْيَانُ: «اللَّهُمَّ لَا، إِنَّمَا طَلَبْنَاهُ تَأَدُّبًا وَتَظَرُّفًا، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ»
رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(١٨٣)
@- وينبغي لطالب الحديث أن يقبل على العلم من صغره.
قال الإمام الشَّافِعِي رحمه الله:
( تَفَقَّهْ قَبْلَ أَن تَرَأَّسَ فَإِذَا تَرَأَّسْتَ فَلَا سَبِيلَ إِلَى التَّفَقُّه )
رواه الخطيب في النصيحة(١)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ عُمَرَ تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا
يَقُولُ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مَا دُمْتُمْ صِغَارًا قَبْلَ أَنْ تَصِيرُوا سَادَةً رُؤَسَاءَ
رواه الخطيب في النصيحة(٥)
@- وينبغي لطالب الحديث أن يحضر لمجلس الحديث مبكراً ، لكي لا يفوته فوائد الشيخ.
عن صخر الغامدي رضي الله عنه مرفوعاً( اللهم بارك الله لأمتي في بكورها )
رواه أبو داود(٢٣٤٥) والترمذي(١٢١٢) وحسنه
وقال الألباني: صحيح.
وهذا الحديث عام في فضل التبكير.
@-وينبغي لطالب الحديث أن يدنو من شيخه
ولا يجلس بعيداً ليتمكن من سماع صوته جيداً.
لحديث جبريل عليه السلام وفيه( فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه)
فيه بيان أن الطالب يكون قريباً من شيخه.
قال العلامة ابن الملقن في المعين(١٠١): هذا جلوس المتعلم بين يدي شيخه للتعلم.اهـ
@- وينبغي للطالب أن يلبس أحسن ثيابه إذا ذهب لمجلس الحديث.
لما روى مسلم(٨) عن عمر رضي الله عنه قال:( بينما نحن جلوس عند رسول الله عليه الصلاة والسلام ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب..)
قال بعض أهل العلم: ينبغي للطالب أن يلبس أحسن ثيابه إذا دخل على العلماء لحديث جبريل عليه السلام.
وقال مُطَرِّفٌ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: قُلْتُ لِأُمِّي: أَذْهَبُ فَأَكْتُبُ الْعِلْمَ فَقَالَتْ لِي أُمِّي: تَعَالَ فَالْبَسْ ثِيَابَ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ اذْهَبْ فَاكْتُبْ قَالَ: فَأَخَذَتْنِي فَأَلْبَسَتْنِي ثِيَابًا مُشَمَّرَةً، وَوَضَعَتِ الطَّوِيلَةَ عَلَى رَأْسِي وَعَمَّمَتْنِي فَوْقَهَا، ثُمَّ قَالَتِ: اذْهَبِ الْآنَ فَاكْتُبْ “
رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠٠)
@-و ينبغي لطالب الحديث أن يكون حسن الخلق.
قال ابْنِ شِهَابٍ الزهري رحمه الله : « إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ أَدَبُ اللَّهِ الَّذِي أَدَّبَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَدَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ »
رواه الخطيب في الجامع(٧)
قال أبو عَاصِمٍ: « مَنْ طَلَبَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَدْ طَلَبَ أَعْلَى أُمُورِ الدُّنْيَا، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ النَّاسِ »
رواه الخطيب في الجامع(٦)
قال إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: «يَا بُنَيَّ، إِيتِ الْفُقَهَاءَ وَالْعُلَمَاءَ، وَتَعَلَّمْ مِنْهُمْ، وَخُذْ مِنْ أَدَبِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ وَهَدْيِهِمْ، فَإِنَّ ذَاكَ أَحَبُّ إِلَيَّ لَكَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْحَدِيثِ»
رواه الخطيب في الجامع(١٠)
@- وينبغي لطالب الحديث أن يجد ويجتهد في الطلب ، فإن العلم لا ينال براحة البدن.
قال يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، يَقُولُ: «لَا يُدْرَكُ الْعِلْمُ بِالرَّاحَةِ»
رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠١)
وقال حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «لَا يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنْ يَطْلُبُهُ بِالتَّمَلُّكِ وَغِنَى النَّفْسِ فَيَفْلَحُ، وَلَكِنْ مَنْ طَلَبَهُ بِذِلَّةِ النَّفْسِ، وَضِيقِ الْعَيْشِ، وَخَدَمَةِ الْعِلْمِ أَفْلَحَ»
وقَالَ السَّاجِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ أَوْ حُدِّثْتُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يُجَزِّئُ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ: الثُّلُثُ الْأَوَّلُ يَكْتُبُ، وَالثَّانِي يُصَلِّي، وَالْأَخِيرُ يَنَامُ
رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠٣)
@- وينبغي لطالب الحديث له أن يحفظ كتاب الله أولاً قبل كل شيء.
قال سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ : سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْأَعْمَشَ فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي قَالَ: أَتَحْفَظُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: ” اذْهَبْ فَاحْفَظِ الْقُرْآنَ، ثُمَّ هَلُمَّ أُحَدِّثُكَ قَالَ: فَذَهَبْتُ فَحَفِظْتُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ جِئْتُهُ فَاسْتَقْرَأَنِي، فَقَرَأْتُهُ، فَحَدَّثَنِي”
رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠٥)
وقال عُبَيْدُ بْنُ جنادٍ: عَرَضْتُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَقُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ، فَقَالَ: ” أَقْرَأَتَ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: اقْرَأْ فَقَرَأْتُ عُشْرًا”
رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠٥)
قال الخطيب البغدادي رحمه الله في الجامع(١٠٧): ذِكْرُ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُ حِفْظِهِ عَلَى الْحَدِيثِ يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يَبْدَأَ بِحِفْظِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذْ كَانَ أَجَلَّ الْعُلُومِ وَأَوْلَاهَا بِالسَّبْقِ وَالتَّقْدِيمِ.
@- فإذا أتم حفظ كتاب الله ينبغي له أن يعتني بالصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم ثم بقية كتب الحديث.
قال المحدث أحمد شاكر في الباعث(٤٤١):
ينبغي للطالب أن يقدم الاعتناء بالصحيحين ثم السنن كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان والسنن الكبرى للبيهقي ثم بالمسانيد وأهمها مسند أحمد ثم بالكتب المؤلفة في الأحكام وأهمها موطأ مالك ثم كتب ابن جريج وابن أبي عروبة وسعيد بن منصور وعبدالرزاق وابن أبي شيبة
ثم العلل ثم يشتغل بكتب رجال الحديث وتراجمهم وأحوالهم ثم يقرأ كثيراً من كتب التاريخ وغيرها.اهـ
@- وينبغي لطالب الحديث أن يطلب العلم عند أهل العلم الراسخين الثقات ، ولا يطلبه عند المبتدعة أهل الدجل والضلالات.
قال الخطيب في الجامع (١٥٩)
باب: فِي تَرْكِ السَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ.
وساق بسنده عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ »
وقال مَحْمُودَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيَّ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ مَحْبُوبَ بْنَ مُوسَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: « أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ » قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَسَأَلْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ: مَنِ الْأَصَاغِرُ؟ قَالَ: « أَهْلُ الْبِدَعِ »
رواه الخطيب في الجامع(١٦٠)
قال الثَّوْرِيَّ رحمه الله: « مَنْ سَمِعَ مِنْ مُبْتَدِعٍ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِمَا سَمِعَ »
رواه الخطيب في الجامع (١٦٣)
@- ولا ينبغي لطالب الحديث أن يطلب العلم عند الوعاظ والقصاصين.
قال يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ : « مَا رَأَيْتُ الْكَذِبَ فِي أَحَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فِيمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْخَيْرِ
وَالزُّهْدِ »
رواه الخطيب في الجامع(١٦٧)
قال الإمام مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: ” لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَيُؤْخَذُ مِمَّنْ سِوَى ذَلِكَ: لَا تَأَخُذْ مِنْ سَفِيهٍ مُعْلِنٍ بِالسَّفَهِ وَإِنْ كَانَ أَرْوَى النَّاسِ، وَلَا تَأْخُذْ مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ إِذَا جُرِّبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مِنْ صَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَى هَوَاهُ، وَلَا مِنْ شَيْخٍ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ إِذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ “
وقَالَ الإمام مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ : « لَقَدْ أَدْرَكْتُ بِهَذَا الْبَلَدِ – يَعْنِي الْمَدِينَةَ – مَشْيَخَةً لَهُمْ فَضْلٌ وَصَلَاحٌ وَعِبَادَةٌ يُحَدِّثُونَ مَا سَمِعْتُ مِنَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدِيثًا قَطُّ» ، قِيلَ: وَلِمُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مَا يُحَدِّثُونَ »
رواه الخطيب في الجامع(١٦٨)
@- وينبغي لطالب الحديث أن يجالس العلماء
الكبار ويأخذ منهم العلم والأدب.
قال سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ قال عَبْدِ اللَّهِ: لَا يزَال النَّاس بِخَير ماأخذوا الْعِلْمَ عَنْ أَكَابِرِهِمْ وَعَنْ أُمَنَائِهِمْ فَإِذَا أَخَذُوا مِنْ صِغَارِهِمْ وَشِرَارِهِمْ هَلَكُوا
رواه الخطيب في النصيحة(٧)
@- وينبغي لطالب الحديث أن يستعين على تقييد العلم بالكتابة.
قَالَ أَنَس رضي الله عنه :( قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ)
رواه الخطيب في تقييد العلم(٩٦)
وعَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أُمَامَةَ رضي الله عنه عَن كِتَابَةِ الْعِلْمِ، فَقَالَ: ( لا بَأْسَ بِذَلِكَ )
رواه الخطيب في تقييد العلم(١٠٠)
وقال الشَّعْبِي رحمه الله : ( الْكِتَابُ قَيْدُ الْعِلْمِ )
رواه الخطيب في تقييد العلم(١٠٠)
وقال سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر ( كُنْتُ أَسْمَعُ مِنَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْحَدِيثَ بِاللَّيْلِ فَأَكْتُبُهُ فِي وَاسِطَةِ رَحْلِي حَتَّى أُصْبِحَ وَأَنْسَخَه )
رواه الخطيب في تقييد العلم(١٠١)
@- وينبغي لطالب الحديث أن يعتني بالمذاكرة فإن إحياء العلم مذاكرته.
قال جَرِير عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «إِنَّ لَنَا كُتُبًا نَتَعَاهَدُهَا»
رواه الخطيب في تقييد العلم(١٠١)
قال الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ ( كَانَ الْمَأْمُونُ يَنَامُ وَالدَّفَاتِرُ حَوْلَ فِرَاشِهِ يَنْظُرُ فِيهَا مَتَى انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَنَامَ )
رواه الخطيب في تقييد العلم(١٢٢)
@- وينبغي لطالب الحديث أن يشتري الكتب النافعة له ويقرأ ما استطاع منها.
قال سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِر قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبِي وَأَنْا بِالْكُوفَةِ « أَنِ اشْتَرِ الْكُتُبَ، وَاكْتُبِ الْعِلْمَ، فَإِنَّ الْمَالَ يَذْهَبُ وَالْعِلْمُ يَبْقَى »
رواه الخطيب في تقييد العلم(١١٣)
قال الْعَبَّاسُ بْنُ مُجْتَاحٍ : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ:
( الْكِتَابُ جَلِيسٌ لَا مَؤُونةَ عَلَيْكَ فِيهِ )
رواه الخطيب في تقييد العلم(١٢٠)
قال مُحْرِزُ بْنُ جُبَيْرٍ الْمَرْوَزِي قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ خَرَجْتَ فَجَلَسْتَ مَعَ أَصْحَابِكَ؟ قَالَ: ( إِنِّي إِذَا كُنْتُ فِي الْمَنْزِلِ جَالَسْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ , يَعْنِي النَّظَرَ فِي الْكُتُبِ )
رواه الخطيب في تقييد العلم(١٢٦)
وقَالَ ابْنُ الْمُبَارَك رحمه الله : « مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَفِيدَ فَلْيَنْظُرْ فِي كُتُبِهِ »
رواه الخطيب في تقييد العلم(١٤٠)
@- وينبغي لطالب الحديث أن يحافظ على كتبه
ولا يعير كتاباً إلا لمن يثق به.
والأفضل أن يحدد الإعارة بوقت معين ويكتب تاريخ الإعارة على ورقة ، فإذا تأخر المستعير في رد الكتاب أو لم يحافظ عليه فلا يعره مرة أخرى.
قال الخطيب في تقييد العلم(١٥٠):
قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ التَّوَّزِيِّ، سَمَاعَهُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: ” اسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ كِتَابًا , ثُمَّ رَدَّهُ إِلَيْهِ بَعْدَ حِينٍ مُتَكَسِّرًا مُتَغَيِّرًا عَلَيْهِ آثَارُ الْبُزُورِ وَغَيْرِهِ , فَسَأَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ غَيْرَهُ , فَقَالَ لَهُ: مَا أَحْسَنْتَ ضِيَافَةَ الْأَوَّلِ فَنُضِيفَكَ الثَّانِي.
قَالَ: وَاسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ كِتَابًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهُ مَعَ غُلَامٍ لَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لَيْسَ مِنْ حَقِّ الْعِلْمِ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْهُ غَيْرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَامَةُ فِي رَدِّهِ كَالْكَرَامَةِ فِي أَخْذِهِ وَإِنَّكَ لَمَّا أَخَذْتَهُ بِنَفْسِكَ وَجَبَ أَنْ تَرُدَّهُ بِنَفْسِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي أَنْفَذْتُهُ مَعَهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْمَالِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَالِ وَلَيْسَ كُلُّ مُؤْتَمَنٍ عَلَى الْمَالِ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْعِلْمِ وَالْمَالُ يَعْرِفُ قَدْرَهُ كُلُّ أَحَدٍ؛ فَهُوَ يَصُونُهُ وَيُعَظِّمُهُ، وَلَيْسَ الْعِلْمُ كَذَلِكَ , وَلَمْ يُعِرْهُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِك.
@- وينبغي لطالب الحديث أن يسأل عما أشكل عليه من المسائل ، ولا يكثر المسألة على الشيخ حتى لا يضجره.
قال تعالى: ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٢٣٣):
وليعظم شيخه ومن يسمع منه فذلك من إجلال الحديث والعلم ولا يثقل عليه ولا يطول بحيث يضجره فإنه يخشى على فاعل ذلك أن يحرم الانتفاع ، وقد روينا عن الزهري أنه قال: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب.اهـ
@- ولا ينبغي لطالب الحديث أن يستحي من السؤال فإن العلم لا يناله مستحي.
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٢٣٤):
ولا يكن ممن يمنعه الحياء أو الكبر عن كثير من الطلب ، وقد روينا عن مجاهد: لا يتعلم مستحيي ولا مستكبر.اهـ
@- وينبغي لطالب الحديث أن يبدأ الطلب في بلده ثم بعد ذلك يرحل في طلب العلم.
قال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٤٣٨): وليبادر – أي الطالب – إلى سماع العالي في بلده فإذا استوعب ذلك انتقل إلى أقرب البلاد إليه أو إلى أعلى ما يوجد من البلدان وهو الرحلة.
– والرحلة في طلب الحديث لها مكانة عند السلف رحمهم الله.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ « إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ الْبَلَاءَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِرِحْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ »
رواه الخطيب في شرف أصحاب الحديث(٦٠)
وقال يَزِيدَ بْنِ هَارُون قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ هَلْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: ” بَلَى، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}
فَهَذَا فِي كُلِّ مَنْ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ إِلَى مَنْ وَرَاءَهُ، يُعَلِّمُهُمْ إِيَّاهُ “
رواه الخطيب في شرف أصحاب الحديث(٥٩)
@- وينبغي لطالب الحديث أن لا يترك الطلب مهما بلغ من العلم ما بلغ.
قال تعالى( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )
قال الْحَسَنَ بْنَ مَنْصُورٍ الْجَصَّاصُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: ” إِلَى مَتَى يَكْتُبُ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ؟ قَالَ: «حَتَّى يَمُوتَ»
وقال عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيَّ، سمعت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «أَنَا أَطْلُبُ الْعِلْمَ إِلَى أَنْ أَدْخُلَ الْقَبْرَ»
رواهما الخطيب في شرف أصحاب الحديث( ٦٦)
كتبه/
بدر بن محمد البدر.
٣/٩/١٤٣٦هـ