@ أسباب الإنحراف @

– أسباب الإنحراف الفكري –
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإن أسباب الإنحراف الفكري لدى الشباب الذين نحو منحى التكفير والتفجير ، كثيرة جداً من أهم هذه الانحرافات ما يلي:
– أولاً: اتباع الهوى.

إن من أسباب الانحراف الفكري : اتباع الهوى ، فإن اتباع الهوى يصد صاحبه عن الحق ويعمي بصيرته ويسلك به مسلك الباطل.
– والهوى نوعان:

– الأول: هوى مذموم.

وهو أن يقدم المرء هواه على كل شيء.

قال تعالى في ذمه : ( أفرءيت من اتخذ إلهه هوىـٰه وأضله الله على علمـ وختمـ على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشـٰوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)

أي أفرأيت أيها الرسول من اتخذ هواه إلهاً له فلا يهوى أمراً من الأمور إلا فعله فلا يرجع للأدلة الشرعية ولا يسمع النصح ولا المواعظ بسبب هواه

الذي صده عن الحق وسلك به مسلك الباطل.
– النوع الثاني : هوى ممدوح

وهو من كان هواه متبعاً لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام.
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعاً ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) رواه ابن أبي عاصم في السنة(١٥)

وصححه النووي في الأربعين(٤١)

وابن الملقن في المعين(٤٣٤)

وقال ابن حجر في الفتح(١٣/٣٠٢):رجاله ثقات.

وقال ابن رجب في الجامع(٧٧٧):ضعيف

وضعفه الألباني في ظلال الجنة(١٥)
والحديث يندرج تحت أصول صحيحة ثابتة.

قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم(٧٧٧):

حديث( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) حديث ضعيف وأما معنى الحديث أن الإنسان لا يكون مؤمناً كامل الإيمان الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام فقد ورد القرآن بمثل هذا في غير

آية.اهـ
– ثانياً: الغلو في الدين.

ومن أسباب الانحراف الفكري الغلو في الدين.

والغلو: هو مجاوزة الشيء حده ، والمراد بالغلو في الدين هو التشدد فيه.
قال تعالى في ذم الغلو ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم )
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( هلك المتنطعون، قالها ثلاثًا ) رواه مسلم (٢٦٧٠)

والتنطع: هو الغلو والتشدد
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي عليه الصلاة والسلام : (أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين )

 رواه أحمد(١/٢١٥) وابن ماجه (٣٠٢٩) والنسائي(٢٦٨) وصححه ابن حبان(٣٩٥٩)

وله شاهد عن سمرة بن جندب رواه الطبراني في الكبير (٦٩٥١) وعن الفضل بن العباس رواه الطبراني في الكبير(١٥١٦٠)
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء(١/٢٨٩) : قوله: «إياكم والغلو في الدين» عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال.اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى(١٠/٦٢٠) : الرهبانيات والعبادات المبتدعة التي لم يشرعها الله ورسوله من جنس تحريمات المشركين وغيرهم ما أحل الله من الطيبات ومثل التعمق والتنطع الذي ذمه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( هلك المتنطعون ) وقال : ( لو مد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم ) مثل الجوع أو العطش المفرط الذي يضر العقل والجسم ويمنع أداء واجبات أو مستحبات أنفع منه ، وكذلك الاحتفاء والعري والمشي الذي يضر الإنسان بلا فائدة ، مثل حديث أبي إسرائيل الذي نذر أن يصوم ، وأن يقوم قائما ولا يجلس ، ولا يستظل ، ولا يتكلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه ) رواه البخاري ، وهذا باب واسع.اهـ

ثالثاً: عدم الرجوع إلى فهم السلف للنصوص الشرعية.

ومن أسباب الانحراف الفكري : عدم الرجوع إلى فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين والأئمة المجتهدين.

فينبغي للمرء المسلم أن لا يقدم فهمه القاصر للنصوص الشرعية على فهم السلف ، لا سيما القرون الثلاثة الذين شهد لهم النبي عليه الصلاة والسلام بالخيرية.
قال تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى(١٢/٢٣٥): الذي يجب على الإنسان اعتقاده في ذلك وغيره ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام واتفق عليه سلف مؤمنين الذين أثنى الله عليهم وعلى من اتبعهم وذم من اتبع غير سبيلهم.اهـ
رابعاً: عدم الرجوع إلى العلماء الربانيين.

من أسباب الانحراف الفكري : عدم الرجوع إلى العلماء الربانيين الذين أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بالرجوع إليهم.

قال تعالى : (فاسألوا أهل الذِّكر إنْ كنتم لا تَعلمون )
فالإعراض عن العلماء الكبار والصد عنهم والتقليل من شأنهم والتزهيد في علمهم ، والإقبال على الصغار والأخذ منهم وتعظيم شأنهم ، شر كبير وبلاء مستطير ، ابتلي به الكثيرون.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( فساد الدين إذا جاء العلم من ِقبل الصغير استعصي عليه الكبير وصلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير تابعه عليه الصغير )

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (١/٢٠١): أخرجه قاسم بن أصبغ في مصنفه بسند صحيح.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ( إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في كباركم فإذا كان العلم في صغاركم سفّه الصغير الكبير )

رواه ابن عبدالبر في الجامع (١/١٥٩)
فإذا رأى المرء من نفسه أنه أصبح عالماً ولا حاجة له أن يرجع إلى العلماء الكبار ، فليعلم أنه استدراج من الشيطان ، يريد إضلاله كما أضل غيره.
خامساً: تلقي العلم عن المبتدعة ودعاة الضلال.

ومن أسباب الانحراف الفكري : أخذ العلم من المبتدعة أهل الزيغ والضلال.

اعلم أيها المسلم ، أنه ما ضل من ضل من الناس إلا بسبب أخذ العلم من غير أهله ، وأهل البدع ليسوا بأهل العلم.
عن أبي أمية الجمحي رضي الله عنه قال : قال النبي عليه الصلاة والسلام : (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)

رواه ابن المبارك في الزهد(٦١)

قال الألباني في الصحيحة (٢/٣١٦): إسناده جيد.
قال أبو صالح محبوب بن موسى سألت عبدالله بن المبارك : من الأصاغر ؟ قال : « أهل البدع »

رواه الخطيب في الجامع(١٦٠)
وقال ابن عباس رضي الله عنهما للخوارج لما ناظرهم ( لم يكن فيكم أحد ممن صحب النبي عليه الصلاة والسلام ) رواه الحاكم (٢٦٥٦) وصححه.

أي ليس فيكم علماء ، وإنما فيكم دعاة ضلالة زينوا لكم سوء أعمالكم.
سادساً: عدم قبول النصحية.

ومن أسباب الانحراف الفكري : عدم قبول النصيحة من أهل النصح ، والاستهزاء بالناصح

وتحقيره والتقليل من شأنه سواء كان الناصح كبيراً في السن أو عالماً من العلماء أو شيخاً من المشايخ الفضلاء.

فرد النصيحة وعدم قبولها سمة من سمات أهل الباطل.

قال تعالى عن صالح عليه السلام مخاطباً قومه : ( لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين ) أي: فلم تنتفعوا بذلك لأنكم لا تحبون الحق ولا تتبعون ناصحاً ، ولهذا قال:(ولكن لا تحبون الناصحين). 
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :( البركة مع أكابركم )

رواه ابن حبان في صحيحه (٥٥٩) وصححه الحاكم في المستدرك (١٩٦)

وصححه الألباني في الصحيحة(١١٧٨)
– ولفظ الأكابر عام يشمل كبار السن ويشمل العلماء ، فإن البركة في كلامهم ونصائحهم وإرشادتهم وغير ذلك ، فمن أخذ بأقوالهم ونصائحهم وإرشادهم ، أخذ بالبركة ، ومن تركها وأعرض عنها ، ترك البركة.
هذا والله أعلم.

كتبه/

بدر بن محمد البدر

١٧/رمضان/١٤٣٦هـ

@ الفرق الشاذ والمنكر @

 – مباحث في علم مصطلح الحديث – 
           – الفرق الشاذ والمنكر –

قيل إن الشاذ والمنكر بمعنى واحد ولا فرق بينهما
فيطلق الشاذ على المنكر ويطلق المنكر على الشاذ وهذا الذي عليه أكثر المتقدمين.
وهو اختيار الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٠٤)
وأشار إليه الحافظ الذهبي في الموقظة(٢١) بقوله : وقد يعد مفرد الصدوق منكراً.

وقيل إن الشاذ والمنكر ليسا بمعنى واحد بل بينهما فرق ، فإن الشاذ إذا أطلق يراد منه مخالفة المقبول لمن هو أولى منه ، والمنكر إذا أطلق يراد منه مخالفة الضعيف للثقات.
وهذا اختيار الحافظ ابن حجر في النزهة(٦٨)
والعلامة الدمياطي في صفوة الملح(١٩٩)

التحقيق أن الأمر سهل ولا مشاحة في الاصطلاح.

كتبه/
بدر بن محمد البدر
٩/٩/١٤٣٦هـ

@ تعدد أقوال الناقد في راوٍ واحد @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –
– تعدد أقوال الناقد في راوٍ واحد –

إذا تعددت أقوال إمام من أئمة الجرح والتعديل في راوٍ معين ، يوثقة في موضع ويجرحه في موضع آخر ، فهذا لا يخلو من حالتين:

الأولى: أن يتراجع عن التوثيق أو الجرح ، فالعبرة بتراجعه.
مثاله:
قال المروذي قلت لأحمد: الحكم بن عطية كيف هو؟
قال: البصري؟ قلت: نعم ، الذي روى عن ثابت.
قال: كان عندي ليس به بأس ثم بلغني أنه حدّث بأحاديث مناكير وكأنه ضعفه.
(العلل ومعرفة الرجال لأحمد-١/٢٩)

الحالة الثانية: إذا لم يتبين تراجعه.
فإذا لم يتبين لنا تراجعه ففي هذه الحالة يؤخذ بآخر أقواله ، فإذا لم يتبين لنا آخر أقواله ، نأخذ برواية أصحابه الملازمين له فهم أعلم الناس بالمتقدم والمتأخر من أقواله ، فإذا كان كلا القولين جاء عن طريق أصحابه الملازمين له ، نرجح قوله الذي يوافق قول جماهير الحفاظ.

كتبه/
بدر بن محمد البدر
٥/رمضان/١٤٣٦هـ

@ أداب طالب الحديث @

– أداب طالب الحديث –


هذه جملة من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب الحديث وهي:


@- ينبغي على طالب الحديث أن يخلص نيته في طلب الحديث.


لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمعت

رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى )

رواه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧)


قال حَفْصُ بْنُ مَاهَانَ قَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ أَطَلَبْتَ هَذَا الْعِلْمَ يَوْمَ طَلَبْتَهُ لِلَّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ سُفْيَانُ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَامَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ سُفْيَانُ: «اللَّهُمَّ لَا، إِنَّمَا طَلَبْنَاهُ تَأَدُّبًا وَتَظَرُّفًا، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ»

رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(١٨٣)




@- وينبغي لطالب الحديث أن يقبل على العلم من صغره.


 قال الإمام الشَّافِعِي رحمه الله:

( تَفَقَّهْ قَبْلَ أَن تَرَأَّسَ فَإِذَا تَرَأَّسْتَ فَلَا سَبِيلَ إِلَى التَّفَقُّه )

رواه الخطيب في النصيحة(١)


قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ عُمَرَ تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا

يَقُولُ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مَا دُمْتُمْ صِغَارًا قَبْلَ أَنْ تَصِيرُوا سَادَةً رُؤَسَاءَ

رواه الخطيب في النصيحة(٥)



@- وينبغي لطالب الحديث أن يحضر لمجلس الحديث مبكراً ، لكي لا يفوته فوائد الشيخ.


عن صخر الغامدي رضي الله عنه مرفوعاً( اللهم بارك الله لأمتي في بكورها )

رواه أبو داود(٢٣٤٥) والترمذي(١٢١٢) وحسنه

وقال الألباني: صحيح.


وهذا الحديث عام في فضل التبكير.



@-وينبغي لطالب الحديث أن يدنو من شيخه

ولا يجلس بعيداً ليتمكن من سماع صوته جيداً.


لحديث جبريل عليه السلام وفيه( فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه)

فيه بيان أن الطالب يكون قريباً من شيخه.


قال العلامة ابن الملقن في المعين(١٠١): هذا جلوس المتعلم بين يدي شيخه للتعلم.اهـ



@- وينبغي للطالب أن يلبس أحسن ثيابه إذا ذهب لمجلس الحديث.


لما روى مسلم(٨) عن  عمر رضي الله عنه  قال:( بينما نحن جلوس عند رسول الله عليه الصلاة والسلام ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب..)

قال بعض أهل العلم: ينبغي للطالب أن يلبس أحسن ثيابه إذا دخل على العلماء لحديث جبريل عليه السلام.


وقال مُطَرِّفٌ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: قُلْتُ لِأُمِّي: أَذْهَبُ فَأَكْتُبُ الْعِلْمَ فَقَالَتْ لِي أُمِّي: تَعَالَ فَالْبَسْ ثِيَابَ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ اذْهَبْ فَاكْتُبْ قَالَ: فَأَخَذَتْنِي فَأَلْبَسَتْنِي ثِيَابًا مُشَمَّرَةً، وَوَضَعَتِ الطَّوِيلَةَ عَلَى رَأْسِي وَعَمَّمَتْنِي فَوْقَهَا، ثُمَّ قَالَتِ: اذْهَبِ الْآنَ فَاكْتُبْ “

رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠٠)



@-و ينبغي لطالب الحديث أن يكون حسن الخلق.


قال ابْنِ شِهَابٍ الزهري رحمه الله : « إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ أَدَبُ اللَّهِ الَّذِي أَدَّبَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَدَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ »

رواه الخطيب في الجامع(٧)


قال أبو عَاصِمٍ: « مَنْ طَلَبَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَدْ طَلَبَ أَعْلَى أُمُورِ الدُّنْيَا، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ النَّاسِ »

رواه الخطيب في الجامع(٦)


قال إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: «يَا بُنَيَّ، إِيتِ الْفُقَهَاءَ وَالْعُلَمَاءَ، وَتَعَلَّمْ مِنْهُمْ، وَخُذْ مِنْ أَدَبِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ وَهَدْيِهِمْ، فَإِنَّ ذَاكَ أَحَبُّ إِلَيَّ لَكَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْحَدِيثِ»

رواه الخطيب في الجامع(١٠)



@- وينبغي لطالب الحديث أن يجد ويجتهد في الطلب ، فإن العلم لا ينال براحة البدن.


قال يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، يَقُولُ: «لَا يُدْرَكُ الْعِلْمُ بِالرَّاحَةِ»

رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠١)


وقال حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «لَا يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنْ يَطْلُبُهُ بِالتَّمَلُّكِ وَغِنَى النَّفْسِ فَيَفْلَحُ، وَلَكِنْ مَنْ طَلَبَهُ بِذِلَّةِ النَّفْسِ، وَضِيقِ الْعَيْشِ، وَخَدَمَةِ الْعِلْمِ أَفْلَحَ»

وقَالَ السَّاجِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ أَوْ حُدِّثْتُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يُجَزِّئُ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ: الثُّلُثُ الْأَوَّلُ يَكْتُبُ، وَالثَّانِي يُصَلِّي، وَالْأَخِيرُ يَنَامُ

رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠٣)



@- وينبغي لطالب الحديث له أن يحفظ كتاب الله أولاً قبل كل شيء.


قال سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ : سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْأَعْمَشَ فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي قَالَ: أَتَحْفَظُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: ” اذْهَبْ فَاحْفَظِ الْقُرْآنَ، ثُمَّ هَلُمَّ أُحَدِّثُكَ قَالَ: فَذَهَبْتُ فَحَفِظْتُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ جِئْتُهُ فَاسْتَقْرَأَنِي، فَقَرَأْتُهُ، فَحَدَّثَنِي”

رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠٥)


وقال عُبَيْدُ بْنُ جنادٍ: عَرَضْتُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَقُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ، فَقَالَ: ” أَقْرَأَتَ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: اقْرَأْ فَقَرَأْتُ عُشْرًا”

رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل(٢٠٥)


قال الخطيب البغدادي رحمه الله في الجامع(١٠٧): ذِكْرُ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُ حِفْظِهِ عَلَى الْحَدِيثِ يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يَبْدَأَ بِحِفْظِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذْ كَانَ أَجَلَّ الْعُلُومِ وَأَوْلَاهَا بِالسَّبْقِ وَالتَّقْدِيمِ.



@- فإذا أتم حفظ كتاب الله ينبغي له أن يعتني بالصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم ثم بقية كتب الحديث.


قال المحدث أحمد شاكر في الباعث(٤٤١):

ينبغي للطالب أن يقدم الاعتناء بالصحيحين ثم السنن كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان والسنن الكبرى للبيهقي ثم بالمسانيد وأهمها مسند أحمد ثم بالكتب المؤلفة في الأحكام وأهمها موطأ مالك ثم كتب ابن جريج وابن أبي عروبة وسعيد بن منصور وعبدالرزاق وابن أبي شيبة

ثم العلل ثم يشتغل بكتب رجال الحديث وتراجمهم وأحوالهم ثم يقرأ كثيراً من كتب التاريخ وغيرها.اهـ


@- وينبغي لطالب الحديث أن يطلب العلم عند أهل العلم الراسخين الثقات ، ولا يطلبه عند المبتدعة أهل الدجل والضلالات.


قال الخطيب في الجامع (١٥٩)

باب: فِي تَرْكِ السَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ.

وساق بسنده عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ »


وقال مَحْمُودَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيَّ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ مَحْبُوبَ بْنَ مُوسَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: « أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ » قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَسَأَلْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ: مَنِ الْأَصَاغِرُ؟ قَالَ: « أَهْلُ الْبِدَعِ »

رواه الخطيب في الجامع(١٦٠)


قال الثَّوْرِيَّ رحمه الله: « مَنْ سَمِعَ مِنْ مُبْتَدِعٍ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِمَا سَمِعَ »

رواه الخطيب في الجامع (١٦٣)



@- ولا ينبغي لطالب الحديث أن يطلب العلم عند الوعاظ والقصاصين.


قال يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ :  « مَا رَأَيْتُ الْكَذِبَ فِي أَحَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فِيمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْخَيْرِ  

وَالزُّهْدِ »

رواه الخطيب في الجامع(١٦٧)


قال الإمام مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: ” لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَيُؤْخَذُ مِمَّنْ سِوَى ذَلِكَ: لَا تَأَخُذْ مِنْ سَفِيهٍ مُعْلِنٍ بِالسَّفَهِ وَإِنْ كَانَ أَرْوَى النَّاسِ، وَلَا تَأْخُذْ مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ إِذَا جُرِّبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مِنْ صَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَى هَوَاهُ، وَلَا مِنْ شَيْخٍ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ إِذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ “


وقَالَ الإمام مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ : « لَقَدْ أَدْرَكْتُ  بِهَذَا الْبَلَدِ – يَعْنِي الْمَدِينَةَ – مَشْيَخَةً لَهُمْ فَضْلٌ وَصَلَاحٌ وَعِبَادَةٌ يُحَدِّثُونَ مَا سَمِعْتُ مِنَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدِيثًا قَطُّ» ، قِيلَ: وَلِمُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مَا يُحَدِّثُونَ » 

رواه الخطيب في الجامع(١٦٨)



@- وينبغي لطالب الحديث أن يجالس العلماء

الكبار ويأخذ منهم العلم والأدب.


قال سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ قال عَبْدِ اللَّهِ: لَا يزَال النَّاس بِخَير ماأخذوا الْعِلْمَ عَنْ أَكَابِرِهِمْ وَعَنْ أُمَنَائِهِمْ فَإِذَا أَخَذُوا مِنْ صِغَارِهِمْ وَشِرَارِهِمْ هَلَكُوا

رواه الخطيب في النصيحة(٧)



@- وينبغي لطالب الحديث أن يستعين على تقييد العلم  بالكتابة.


قَالَ أَنَس رضي الله عنه :( قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ)

رواه الخطيب في تقييد العلم(٩٦)


وعَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أُمَامَةَ رضي الله عنه عَن كِتَابَةِ الْعِلْمِ، فَقَالَ: ( لا بَأْسَ بِذَلِكَ )

رواه الخطيب في تقييد العلم(١٠٠)


وقال الشَّعْبِي رحمه الله : ( الْكِتَابُ قَيْدُ الْعِلْمِ )

رواه الخطيب في تقييد العلم(١٠٠)


وقال سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر ( كُنْتُ أَسْمَعُ مِنَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْحَدِيثَ بِاللَّيْلِ فَأَكْتُبُهُ فِي وَاسِطَةِ رَحْلِي حَتَّى أُصْبِحَ وَأَنْسَخَه )

رواه الخطيب في تقييد العلم(١٠١)



@-  وينبغي لطالب الحديث أن يعتني بالمذاكرة فإن إحياء العلم مذاكرته.


قال جَرِير عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «إِنَّ لَنَا كُتُبًا نَتَعَاهَدُهَا»

رواه الخطيب في تقييد العلم(١٠١)


قال الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ ( كَانَ الْمَأْمُونُ يَنَامُ وَالدَّفَاتِرُ حَوْلَ فِرَاشِهِ يَنْظُرُ فِيهَا مَتَى انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَنَامَ )

رواه الخطيب في تقييد العلم(١٢٢)



@- وينبغي لطالب الحديث أن يشتري الكتب النافعة له ويقرأ ما استطاع منها.


قال سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِر قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبِي وَأَنْا بِالْكُوفَةِ « أَنِ اشْتَرِ الْكُتُبَ، وَاكْتُبِ الْعِلْمَ، فَإِنَّ الْمَالَ يَذْهَبُ وَالْعِلْمُ يَبْقَى »

رواه الخطيب في تقييد العلم(١١٣)


قال الْعَبَّاسُ بْنُ مُجْتَاحٍ : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ:

 ( الْكِتَابُ جَلِيسٌ لَا مَؤُونةَ عَلَيْكَ فِيهِ )

رواه الخطيب في تقييد العلم(١٢٠)


قال مُحْرِزُ بْنُ جُبَيْرٍ الْمَرْوَزِي قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ خَرَجْتَ فَجَلَسْتَ مَعَ أَصْحَابِكَ؟ قَالَ: ( إِنِّي إِذَا كُنْتُ فِي الْمَنْزِلِ جَالَسْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ , يَعْنِي النَّظَرَ فِي الْكُتُبِ )

رواه الخطيب في تقييد العلم(١٢٦)


وقَالَ ابْنُ الْمُبَارَك رحمه الله : « مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَفِيدَ فَلْيَنْظُرْ فِي كُتُبِهِ »

رواه الخطيب في تقييد العلم(١٤٠)



@- وينبغي لطالب الحديث أن يحافظ على كتبه

ولا يعير كتاباً إلا لمن يثق به.

والأفضل أن يحدد الإعارة بوقت معين ويكتب تاريخ الإعارة على ورقة ، فإذا تأخر المستعير في رد الكتاب أو لم يحافظ عليه فلا يعره مرة أخرى.


قال الخطيب في تقييد العلم(١٥٠):

قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ التَّوَّزِيِّ، سَمَاعَهُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: ” اسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ كِتَابًا , ثُمَّ رَدَّهُ إِلَيْهِ بَعْدَ حِينٍ مُتَكَسِّرًا مُتَغَيِّرًا عَلَيْهِ آثَارُ الْبُزُورِ وَغَيْرِهِ , فَسَأَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ غَيْرَهُ , فَقَالَ لَهُ: مَا أَحْسَنْتَ ضِيَافَةَ الْأَوَّلِ فَنُضِيفَكَ الثَّانِي.

قَالَ: وَاسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ كِتَابًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهُ مَعَ غُلَامٍ لَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لَيْسَ مِنْ حَقِّ الْعِلْمِ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْهُ غَيْرُ أَهْلِ الْعِلْمِ  وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَامَةُ فِي رَدِّهِ كَالْكَرَامَةِ فِي أَخْذِهِ وَإِنَّكَ لَمَّا أَخَذْتَهُ بِنَفْسِكَ وَجَبَ أَنْ تَرُدَّهُ بِنَفْسِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي أَنْفَذْتُهُ مَعَهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْمَالِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَالِ وَلَيْسَ كُلُّ مُؤْتَمَنٍ عَلَى الْمَالِ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْعِلْمِ وَالْمَالُ يَعْرِفُ قَدْرَهُ كُلُّ أَحَدٍ؛ فَهُوَ يَصُونُهُ وَيُعَظِّمُهُ، وَلَيْسَ الْعِلْمُ كَذَلِكَ , وَلَمْ يُعِرْهُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِك.



@- وينبغي لطالب الحديث أن يسأل عما أشكل عليه من المسائل ، ولا يكثر المسألة على الشيخ  حتى لا يضجره.


قال تعالى: ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) 


قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٢٣٣):

وليعظم شيخه ومن يسمع منه فذلك من إجلال الحديث والعلم ولا يثقل عليه ولا يطول بحيث يضجره فإنه يخشى على فاعل ذلك أن يحرم الانتفاع ، وقد روينا عن الزهري أنه قال: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب.اهـ



@- ولا ينبغي لطالب الحديث أن يستحي من السؤال فإن العلم لا يناله مستحي.


قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٢٣٤):

ولا يكن ممن يمنعه الحياء أو الكبر عن كثير من الطلب ، وقد روينا عن مجاهد: لا يتعلم مستحيي ولا مستكبر.اهـ


@- وينبغي لطالب الحديث أن يبدأ الطلب في بلده ثم بعد ذلك يرحل في طلب العلم.


قال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٤٣٨): وليبادر – أي الطالب – إلى سماع العالي في بلده فإذا استوعب ذلك انتقل إلى أقرب البلاد إليه أو إلى أعلى ما يوجد من البلدان وهو الرحلة.


– والرحلة في طلب الحديث لها مكانة عند السلف رحمهم الله.


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ « إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ الْبَلَاءَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِرِحْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ »

رواه الخطيب في شرف أصحاب الحديث(٦٠)


وقال يَزِيدَ بْنِ هَارُون قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ هَلْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: ” بَلَى، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}

 فَهَذَا فِي كُلِّ مَنْ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ إِلَى مَنْ وَرَاءَهُ، يُعَلِّمُهُمْ إِيَّاهُ “

رواه الخطيب في شرف أصحاب الحديث(٥٩)



@- وينبغي لطالب الحديث أن لا يترك الطلب مهما بلغ من العلم ما بلغ.


قال تعالى( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )


قال الْحَسَنَ بْنَ مَنْصُورٍ الْجَصَّاصُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: ” إِلَى مَتَى يَكْتُبُ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ؟ قَالَ: «حَتَّى يَمُوتَ»


وقال عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيَّ، سمعت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «أَنَا أَطْلُبُ الْعِلْمَ إِلَى أَنْ أَدْخُلَ الْقَبْرَ»

رواهما الخطيب في شرف أصحاب الحديث( ٦٦)



كتبه/

بدر بن محمد البدر.

٣/٩/١٤٣٦هـ

@ آداب المحدث @

مباحث في علم مصطلح الحديث  

             – آداب المحدث – 


ينبغي للمحدث أن يتحلى بعدة صفات وهي:


@-  ينبغي له أن يخلص نيته في طلب العلم

فإن طلب العلم قربة يتقرب بها العبد إلى ربه والقرب تفتقر إلى نية خالصة.


قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمعت

رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى )

رواه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧)


وعن كعب بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً ( من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار )

رواه الترمذي(٢٦٥٤) وحسنه الألباني.


قال الْحَسَنَ البصري رحمه الله: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ ابْتِغَاءَ الْآخِرَةَ أَدْرَكَهَا وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ ابْتِغَاءَ الدُّنْيَا فَهُوَ حَظَّهُ مِنْهُ» 

رواه الخطيب في اقتضاء العلم العمل(١٠٣)


قال وكيع سمعت سُفْيَانَ رحمه الله يَقُولُ: «مَا شَيْءٌ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْهُ يَعْنِي الْحَدِيثَ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ يَعْدِلُهُ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهَ بِهِ»

رواه الخطيب في الجامع(١٤)


قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ رحمه الله: «مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ لِغَيْرِ اللَّهِ، مَكَرَ بِهِ»

رواه الخطيب في الجامع(١٩)


وقال الإمام أحمد :( طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته ) قيل له: فأي شيء يصحح النية؟

قال:( ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل )

ذكره الحجاوي في شرح منظومة الآداب(٧٠)


قال الحافظ الذهبي في الموقظة(٣٢): آداب المحدث: تصحيح النية من طالب العلم متعين ، فمن طلب الحديث للمكاثرة أو المفاخرة أو ليروي أو ليتناول الوظائف أو ليثني عليه وعلى معرفته فقد خسر ، وإن طلبه لله وللعمل به وللقربة بكثرة الصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام ولنفع الناس فقد فاز ، وإن كانت النية ممزوجة بالأمرين فالحكم للغالب ، وإن كان طلبه لفرط المحبة فيه مع قطع النظر عن الأجر وعن بني آدم فهذا كثيراً ما يعتري طلبة العلوم فلعل النية أن يرزقها الله بعد

وأيضاً فمن طلب العلم للآخرة كسره العلم وخشع لله واستكان وتواضع ، ومن طلبه للدنيا تكبر وتجبر وازدرى بالمسلمين العامة وكان عاقبة أمره إلى سفال وحقارة.اهـ



@- ولا ينبغي للمحدث أن يحدث بحضرة من هو أعلم منه أو أكبر منه سناً ، وكان السلف الصالح لا يحدثون بحضرة الأكابر ، بل يسكتون وينصتون ، احتراماً لهم وتقديراً.


قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٢٢٦):

لا ينبغي للمحدث أن يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك ، وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء.اهـ


وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٤٢٧): وقالوا: لا ينبغي أن يحدث بحضرة من هو أولى سناً أو سماعاً ، بل كره بعضهم التحديث ولمن في البلد أحق منه.اهـ



@-  وينبغي للمحدث أن يجلس للحديث بوقار وهيبة

وسمت حسن ويكون متواضعاً هيناً ليناً في كلامه وجلوسه.


عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانهُ، ولا ينزعُ من شيءٍ إلا شانهُ» رواه مسلم(٢٥٩٤)


عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ، وَتَعَلَّمُوا لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْحِلْمَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمُونَ مِنْهُ، وَلَا تَكُونُوا جَبَابِرَةَ الْعُلَمَاءِ، فَلَا يَقُومُ عِلْمُكُمْ بِجَهْلِكُمْ»

رواه الخطيب في الجامع(٤١)


قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْهَدْيَ كَمَا يَتَعَلَّمُونَ الْعِلْمَ» قَالَ: وَبَعَثَ ابْنُ سِيرِينَ رَجُلًا فَنَظَرَ كَيْفَ هَدْيُ الْقَاسِمِ وَحَالُهُ “

رواه الخطيب في الجامع(٩)


قال عبدالله بن وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا، يَقُولُ: «إِنَّ حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ»

رواه الخطيب في الجامع(٢٠٩)


قال المروذي قلت لأبي عبدالله : الرجل يقال له في وجهه: أحييت السنة ؟ قال أحمد: هذا فساد لقلب الرجل.

وقال المروذي: قلت لأبي عبدالله : ما أكثر الداعين لك! فتغرغرت عينه وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجاً.

وقال المروذي : قال رجل لأبي عبدالله: الحمد لله الذي رأيتك ، فقال أحمد: اقعد أيش هذا؟ مَن أنا؟!

ذكره الحجاوي في شرح منظومة الآداب(٨٧)



@- ينبغي له أن يكون بهيئة حسنه ويلبس أحسن ثيابه.

كان الإمام مالك رحمه الله إذا حضر مجلس الحديث توضأ واغتسل وتطيب ولبس أحسن ثيابه.

رواه الخطيب في الجامع(٩٠٢)



@- وينبغي للمحدث أن لا يكون سخيفاً ثرثاراً كثير الضحك واللعب والعبث ، وأن يجتنب المحرمات وخوارم المروءات ، ويحتفظ بسمعته الطيبة.


قال تعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن )


وعن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً ( إن الله يبغض الفاحش البذيء )

رواه الترمذي(٢٠٠٢) وقال: حسن صحيح ، وصححه ابن حبان(٥٦٩٤)


قال سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ:  كُنَّا عِنْدَ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ فَضَحِكَ رَجُلٌ مِنَّا فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ: «تَضْحَكُ وَأَنْتَ تَطْلُبُ الْحَدِيثَ»

رواه الخطيب في الجامع(٢١١)


قال الخطيب البغدادي رحمه الله في الجامع (٢١٠):  يَجِبُ عَلَى طَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَجَنَّبَ اللَّعِبَ وَالْعَبَثَ وَالتَّبَذُّلَ فِي الْمَجَالِسِ بِالسَّخْفِ، وَالضَّحِكِ، وَالْقَهْقَهَةِ، وَكَثْرَةِ التَّنَادُرِ، وَإِدْمَانِ الْمِزَاحِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا يُسْتَجَازُ مِنَ الْمِزَاحِ يَسِيرُهُ وَنَادِرُهُ وَطَرِيفُهُ الَّذِي لَا يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْأَدَبِ وَطَرِيقَةِ الْعِلْمِ، فَأَمَّا مُتَّصِلُهُ وَفَاحِشُهُ وَسَخِيفُهُ وَمَا أَوْغَرَ مِنْهُ الصُّدُورَ وَجَلَبَ الشَّرَّ؛ فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ وَكَثْرَةُ الْمِزَاحِ وَالضَّحِكِ يَضَعُ مِنَ الْقَدْرِ، وُيُزِيلُ الْمُرُوءَةَ.اهـ


قال ابن بطال رحمه الله في شرح البخاري(٩/٢٨٨): كثرة الضحك يميت القلب فالإكثار منه وملازمته حتى يغلب على صاحبه مذموم منهي عنه وهو من فعل أهل السفه والبطالة.اهـ



@- وينبغي للمحدث أن يكون ناصحاً للطلاب

يدلهم على ما ينفعهم ويحذرهم عن ما يضرهم

فإن الدين النصيحة.


قال تميم الداري رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( الدين النصيحة ) قلنا لمن

قال ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم(٥٥)


وقال جرير البجلي رضي الله عنه ( بايعت رسول الله عليه الصلاة والسلام على السمع والطاعة

والنصح لكل مسلم ) رواه البخاري(٢٧٥٣) ومسلم(٢٠٨)


قال الحافظ الذهبي في الموقظة(٣٤): ومن آداب المحدث : أن لا يغش المبتدئين ، بل يدلهم على المهم فالدين النصيحة.اهـ



@- وينبغي للمحدث أن يبذل نفسه للطلبه ويعطيهم ما عنده من العلم ، ولا يكتم عنهم العلم.


قال تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينـٰت

والهدى من بعد ما بينـٰه للناس في الكتـٰب أولـٰىـءك

يلعنهم الله ويلعنهم اللـٰعنون )


وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً( من سئل عن علم علمه ثم كتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار ) رواه الترمذي( ٢٦٤٩) وحسنه ، وابن ماجه(٢٦٤) وقال الألباني: صحيح.



@- وينبغي للمحدث أن يكون أميناً في المشورة إذا استشاره الطلاب ، فإن المستشار مؤتمن.


عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً( المستشار

مؤتمن ) رواه الترمذي(٢٨٢٢) وحسنه وله شواهد.



@- وينبغي للمحدث أن يبدأ مجلس التحديث بحمد الله سبحانه تعالى ، ثم الصلاة والسلام على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.

والأفضل يقول خطبة الحاجة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.



@- وينبغي للمحدث أن يتكلم بصوت واضح مسموع ويتجنب اللحن ما استطاع.


عن أبي سلام عن رجل خدم النبي عليه الصلاة والسلام أن النبي عليه الصلاة والسلام ( كان إذا حدث بالحديث أعاده ثلاث مرات ) رواه أبو داود(٣٦٥٣)

وأصله في البخاري (٩٤) عن أنس رضي الله عنه بلفظ( … وإذا تكلم بالكلمة أعادة ثلاثاً )



@- وينبغي للمحدث إذا مر بذكر الله تعالى أن يقول:(الله جل جلاله) أو يقول : (الله تبارك وتعالى)

وإذا مر بذكر النبي عليه الصلاة والسلام يصلِ ويسلم عليه ، وإذا مر بذكر الصحابي ترضى عليه ، وإذا مر بذكر إمام من أئمة السلف ترحم عليه.



@- وينبغي للمحدث أن يكون عاملاً  بالعلم

فإن العمل بالعلم يعين على حفظ العلم.

وقد قيل: إن العلم العمل.


قال تعالى( فإذا قرأنـٰه فاتبع قرءانه ) قال بعض المفسرين: أي إذا علمت فأعمل


قَالَ عبدالله بْنُ مَسْعُود رضي الله عنه : «تَعَلَّمُوا تَعَلَّمُوا فَإِذَا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا» 

رواه الخطيب في اقتضاء العلم العمل(١٠)


قال أبو هُرَيْرَة رضي الله عنه: «مَثَلُ عِلْمٍ لَا يُعْمَلُ بِهِ كَمَثَلِ كَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»

رواه الخطيب في اقتضاء العلم العمل(١٢)


قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه : «لَا تَكُونُ عَالِمًا حَتَّى تَكُونَ مُتَعَلِّمًا، وَلَا تَكُونُ بِالْعِلْمِ عَالِمًا حَتَّى تَكُونَ بِهِ عَامِلًا»

رواه الخطيب في اقتضاء العلم العمل(١٧)


قال عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ الْمُلَائِيَّ، يَقُولُ: «إِذَا بَلَغَكَ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَاعْمَلْ بِهِ وَلَوْ مَرَّةً تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ»

رواه الخطيب في الجامع(١٨٢)


قال أَبَو الْقَاسِمِ بْنَ مَنِيعٍ، يَقُولُ: أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ، فَقُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: يَكْتُبُ لِي إِلَيْهِ، فَكَتَبَ: وَهَذَا رَجُلٌ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَكَ وَلُزُومِي لَوْ كَتَبْتَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ” قَالَ: «صَاحِبُ الْحَدِيثِ عِنْدَنَا مَنْ يَسْتَعْمِلُ الْحَدِيثَ»

رواه الخطيب في الجامع(١٨٣)


قال الْمَرُّوذِيُّ: قَالَ  لِي أَحْمَدُ: «مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ، حَتَّى مَرَّ بِي الْحَدِيثُ» أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ دِينَارًا «، فَأَعْطَيْتُ الْحَجَّامَ دِينَارًا حَتَّى احْتَجَمْتُ»

رواه الخطيب في الجامع(١٨٤)



@- ينبغي للمحدث أن لا يحدث المبتدعة أهل الزيغ الضلال ، بل يُعرض عنهم ولا يحدثهم.


قال الإمام العجلي في الثقات(٤٥٢):

زائدة بن قدامة كان لا يحدث أحداً حتى يسأل عنه فإن كان صاحب سنة حدثه وإلا لم يحدثه.اهـ


وقال الإمام المزي في التهذيب(١٢/٥٧٢):

وقال هشام بن عمار: لقيت شهاب بن خراش وأنا شاب فقال لي: إن لم تكن قدرياً ولا مرجئاً حدثتك

وإلا لم أحدثك ، فقلت: ما فيّ من هذين شيء.اهـ



@- وينبغي للمحدث أن لا يشترط الأجرة على تحديثه.

قال أحمد وإسحاق وأبو حاتم : لا يكتب عنه

إذا أخذ على حديثه أجره.

رواه الخطيب في الكفاية(٢٤٠)

ورخص أبو نعيم الفضل بن دكين وغيره أخذ الأجرة ، واختاره الحافظ السخاوي في فتح المغيث(٢/٩٦) قالوا: كما تؤخذ الأجرة على تعليم القرآن.

والأحوط الترفع عنها ما لم يكن محتاجاً لها لفقره.



@- وينبغي للمحدث إذا رأى حفظه بدئ يتغيير بسبب كبر سن ونحوه ، أن يمسك عن التحديث 

ولا يحدث.

قال الحافظ الذهبي في الموقظة(٣٣): وليمتنع – المحدث – مع الهرم وتغير الذهن وليعهد إلى أهله وإخوانه حال صحته : أنكم متى رأيتموني تغيرت فامنعوني من الرواية.اهـ



كتبه/

بدر بن محمد البدر

١/رمضان/١٤٣٦هـ

@ لايلزم من صحة السند صحة الحديث @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

– لا يلزم من صحة السند صحة الحديث –



لا يلزم من صحة إسناد معين صحة الحديث

إذ قد يكون المتن فيه شذوذ أو علة

ولهذا اشترط المحققون من أهل العلم في تعريف الحديث الصحيح مع اتصال الإسناد وعدالة الرواة عدم الشذوذ والعلة.

لأن اتصال السند وعدالة الرواة لا يلزم منها صحة الحديث ما لم يكن سالماً من الشذوذ والعلة.


قال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(١٣٩): قال – أي ابن الصلاح – : والحكم بالصحة أو الحسن على الإسناد لا يلزم منه الحكم بذلك على المتن إذ قد يكون شاذاً أو معللاً.اهـ


كتبه/

بدر بن محمد البدر

٢٩/٨/١٤٣٦هـ

@ تنبيه عن قولهم: أصح الأسانيد @

مباحث في علم مصطلح الحديث


– تنبيه عن قولهم: أصح الأسانيد


لا يحكم لإسناد معين أنه أصح الأسانيد

مطلقاً كقولهم: أصح الأسانيد فلان عن فلان عن فلان.

ولكن يقال مقيداً من غير إطلاق

كقولهم: أصح الأسانيد إلى عبدالله بن عمر

مالك عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر رضي الله عنه

وأصح الأسانيد إلى علي ، محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.


وهكذا يذكر مقيداً لا مطلقاً ،لاختلاف أنظار العلماء في أصح الأسانيد.


كتبه/

بدر بن محمد البدر

٢٩/٨/١٤٣٦هـ

@ مرتبة المنتقى لابن الجارود @

مباحث في علم مصطلح الحديث


– مرتبة المنتقى لابن الجارود –


ابن الجارود هو الإمام الحافظ أبو محمد عبدالله بن علي بن الجارود النيسابوري.

المتوفى سنة (٣٠٧ هـ)



اسم كتابه:

المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


مرتبة المنتقى:

غالب ما فيه صحيح وحسن وفيه أحاديث يسيرة لا تصح.


قال الحافظ الذهبي:

المنتقى لا ينزل فيه عن رتبة الحسن أبداً ، إلا في النادر في أحاديث يختلف فيها اجتهاد النقاد.

(السير-١٤/٢٣٩)


وقال الحافظ ابن عبدالهادي: كتاب المنتقى مجلد في السنن وهو نظيف الأسانيد.(طبقات علماء الحديث-٢/٤٦٩)


وقال الشيخ الكتاني: تتبعت أحاديثه – أي المنتقى – فلم ينفرد عن الشيخين منها إلا بيسير.

(الرسالة المستطرفة-٢٥)


فائدة:

ذكر الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة(١/١٥٩)

أن المنتقى لابن الجارود مستخرج على صحيح ابن خزيمة.


كتبه/

بدر بن محمد البدر

٢٨/٨/١٤٣٦هـ

@ تحمل الحديث وأدائه @

–  مباحث في علم مصطلح الحديث –

     –  تحمل الحديث وأدائه –


لا تشترط العدالة حال التحمل فيصح سماع الكافر وسماع الفاجر وسماع الصغير الممييز.


ويصح أداء الكافر إذا أسلم لحديث جبير بن مطعم رضي الله عنه في الصحيحين

ويصح أداء الفاسق إذا تاب من فسقه في أصح قولي العلماء.

وكذا يصح أداء الصغير الممييز إذا بلغ لحديث محمود بن الربيع في صحيح البخاري.


قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٥٧):

يصح التحمل قبل وجود الأهلية فتقبل رواية من تحمل قبل الإسلام وروى بعده وكذلك رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده.اهـ


وقال الحافظ ابن دقيق العيد في الاقتراح(٢٧):

تحمل الحديث لا يشترط فيه أهليتة الرواية ، فلو سمع في حال صغره أو حال كفره أو فسقه ، ثم روى بعد بلوغه أو إسلامه أو عدالته قُبل.اهـ

وكذا قال الحافظ الذهبي في الموقظة(٣٩).



كتبه/

بدر بن محمد البدر

٢٧/٨/١٤٣٦هـ

@ معرفة الحديث الموضوع من غير النظر إلى سنده @

مباحث في علم مصطلح الحديث


– معرفة الحديث الموضوع من غير النظر إلى سنده –


يعرف الحديث الموضوع من غير

النظر إلى سنده بعدة أمور:


١- الأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة.


كحديث: ( من صلى الضحى كذا وكذا ركعة أعطى ثواب سبعين نبياً)


٢- اشتمال الحديث على مجازفات.


كحديث: (من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائراً له سبعون ألف لسان لكل لسان سبعون ألف لغة يستغفرون الله له)



٣- تكذيب الحس له.


كحديث: (الباذنجان لما أكل له)

وحديث: (إذا عطس الرجل عند الحديث فهو دليل صدقه)


٤- سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه.


كحديث: (لو كان الأرز رجلاً لكان حليماً ما أكله جائع إلا أشبعه)

وحديث: (إن للقلب فرحة عند أكل اللحم)



٥- أن يكون لفظ الحديث لا يشبه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.


كحديث: (النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر)


٦- أن يكون في الحديث تاريخ معين مثل قوله إذا كان سنة كذا وقع كذا وإذا كان شهر كذا وقع كذا.


كحديث: (إذا انكسف القمر في المحرم كان الغلاء والقتال وشغل السلطان وإذا انكسف في صفر كان كذا وكذا)




كتبه/

بدر بن محمد البدر

٢٧/٨/١٤٣٦هـ