كلمات في الدعوة إلى الله.
-أحكام الصيام.
أيها الأخوة: إن صيام شهر رمضان ، أحد أركان الإسلام الخمسة ، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (بني الإسلام على خمس) وذكر(وصوم رمضان) رواه البخاري(٨) ومسلم(٢٢)
-وصوم رمضان واجب ، دل على وجوب صيامه ، الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: (يـٰأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) ومعنى(كتب عليكم) يعني فُرض عليكم.
وقال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصُمه).
وأما السنة: عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج) رواه البخاري(٨) ومسلم(٢٢)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام:(قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، كتب الله عليكم صيامه)
رواه أحمد(٧١٤٨) وصححه أحمد شاكر في المسند(٧/٦) والألباني في المشكاة(١٩٦٢)
وأما الإجماع: فقد أجمع أهل العلم على وجوب صوم رمضان ، وأن من جحد صيامه كفر ومن تركه تكاسلاً وتهاوناً فسق.
-ويجب صوم رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصيام.
قولنا(يجب على كل مسلم) خرج بذلك الكافر ، فإن الكافر لا يجب عليه الصوم ، ولو صام لم يصح منه لتلبسه بالكفر.
وقولنا(بالغ) خرج بذلك الصغير ، فإن الصغير لا يجب عليه الصوم ، لما جاء في الحديث عن علي رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (رُفع القلم عن ثلاثة)وذكر(وعن الغلام حتى يحتلم) رواه الترمذي(١٤٢٣) وحسنه ، وابن ماجه(٢٠٤١) وصححه ابن حبان في صحيحه(١٤٣) والألباني في سنن ابن ماجه(٢٠٤١) وله شاهد عن عائشة رضي الله عنها رواه ابن حبان في صحيحه.
ويصح صوم الصغير المميز ، ويكون له نافلة.
وقولنا(عاقل) خرج بذلك المجنون ، فإن المجنون لا يجب عليه الصوم ،
لما جاء في الحديث عن علي رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (رُفع القلم عن ثلاثة)وذكر(وعن المعتوه حتى يعقل) رواه الترمذي(١٤٢٣) وحسنه ، وابن ماجه(٢٠٤١) وصححه ابن حبان في صحيحه(١٤٣) والألباني في سنن ابن ماجه(٢٠٤١) وله شاهد عن عائشة رضي الله عنها رواه ابن حبان في صحيحه.
ولو صام المجنون لم يصح منه لعدم النية ، ويلحق بالجنون الخرف.
قولنا(قادر على الصوم) خرج بذلك من لا قدرة له ، القدرة تكون بشيئين اثنين: الإقامة في البلد ، والصحة في الجسد.
-فمن توفرت فيه شروط وجوب الصوم وهي: الإسلام والعقل والبلوغ والقدرة ، وجب عليه صيامه ، ويحرم عليه الفطر من غير عذر شرعي.
-ويرخص في الفطر في نهار رمضان لصنفين من الناس:
الصنف الأول: الذين لا يستطيعون الصوم أبداً وهم:
١-الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة الذي يشق عليهما الصيام لكبر السن ، يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً ، قال تعالى: (وعلى الذين يُطيقُونه فدية طعام مسكين)
قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليُطعمان مكان كل يوم مسكيناً)
رواه البخاري(٤٥٠٥)
٢-المريض الذي لا يرجى برؤُهُ من مرضه ، إذا قال له الطبيب المسلم الثقة أنه لا يستطيع الصيام أبداً بسبب المرض ، فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ، وهو داخل في قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) ، وقال تعالى:(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)
-الصنف الثاني: الذين لا يستطيعون الصوم مؤقتاً ، هم:
١-المسافر ، سواء كان تلحقه مشقة بسفره أو لا مشقة عليه ، ففي كلا الحالتين يُرخص له في الفطر في نهار رمضان إذا فارق عمران بلده ، ويقضي عدد الأيام التي أفطرها إذا رجع من سفره ، قال تعالى: (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أُخر)
٢- المريض الذي يرجى برؤهُ من مرضه ، فهذا يجوز له الفطر في نهار رمضان ، ويقضي الأيام التي عليه متى ما تحسنت حالته ، قال تعالى: (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أُخر)
قال ابن قدامة في المغني(٤/٤٠٣): أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة ، للآية ، والمرض المُبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يُخشى تباطُؤُ بُرئِه ، قيل للإمام أحمد: متى يُفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع.اهـ
٣-المرضع والحامل إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما تُفطران وتقضيان متى ما تيسر لهما ذلك.
قال الحسن وإبراهيم في المرضع والحامل: إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما تفطران ثم تقضيان)
رواه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم(ص-٧٩٤)
-أيها الأخوة: يجب على من لزمه الصوم ، أن يجتنب شيئين اثنين:
الأول: منقصات أجر الصوم: كالغيبة والنميمة ومشاهدة الأفلام الإباحية وسماع الأغاني ، وغيرها من المحرمات.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامَه وشرابه)
رواه البخاري(١٩٠٣)
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (رُب صائم حظُّه من صيامه الجوع)
رواه أحمد(٢/٣٧٣) وصححه ابن حبان في صحيحه(٣٤٧٢) والألباني في صحيح الجامع(٣٤٨٨)
وحسنه الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(١٣٧٢)
وينبغي للصائم أن يشتغل بما ينفعه من ذكر الله وتلاوة القرآن وصلاة نافلة ، ويترك ما لا نفع له به من آفات اللسان وغيرها من المحرمات.
الثاني: مفسدات الصوم: وهي نوعان:
الأول: مفسدات فيها القضاء والكفارة ، وهي الجماع تعمداً في نهار رمضان.
فمن جامع زوجته تعمداً في نهار رمضان ، يلزمه التوبة إلى الله ، وقضاء اليوم الذي أفسده ، والكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة في قصة المجامع في رمضان. المخرج في صحيح البخاري(١٩٣٦) وصحيح مسلم(١١١١)
الثاني: مفسدات فيها القضاء ولا كفارة ، وهي الأكل والشرب تعمداً ، قال تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكمـ الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثمـ أتموا الصيام إلى الليل)
والتقيؤا تعمداً ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (من استقاء عمداً فليقض) رواه أبو داود(٢٣٨٠) والترمذي(٧٢٠) وحسنه ، وصححه ابن حبان(٣٥٠٩) والألباني في سنن الترمذي(٧٢٠)
وإنزال المني بشهوة ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه (يدع شهوته من أجلي) رواه البخاري(٧٤٩٢) ومسلم(١١٥١)
وغير ذلك من المفسدات.
-كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
٢٨ شعبان ١٤٣٨هـ