حكم الزيادة على محل الفرض في الوضوء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإنه يشرع لمن أراد الوضوء أن يزيد على محل الفرض أحياناً، فإذا غسل يده له أن يتجاوز المرفق، وإذا غسل رجله له أن يتجاوز الكعب، لما جاء في صحيح مسلم(٢٤٦)عن نعيم المجمر قال: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يتوضأ فغسل وجهه، فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: (هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ)رواه مسلم(٢٤٦)
دل قول أبي هريرة رضي الله عنه (هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ) أنه لم يفعله من باب الاجتهاد كما يقال، بل فعله من باب الاتباع والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا لا يتعارض مع الأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه المخرج في صحيح البخاري(١٥٩)وصحيح مسلم(٢٢٦)عن حمران مولى عثمان أن عثمان رضي الله عنه دعا بوضوء فتوضأ)وفيه(ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم غسل اليسرى مثل ذلك……ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا..)الحديث.
وحديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه المخرج في صحيح البخاري(١٨٦)وصحيح مسلم(٢٣٥)في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: (ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين……ثم غسل رجليه إلى الكعبين)
فإن غالب فعله صلى الله عليه وسلم عدم الزيادة على
محل الفرض، وأحياناً ربما زاد عليه.
ومجاوزة محل الفرض ثبت عن بعض الصحابة الكرام، منهم أبو هريرة رضي الله عنه راوي الحديث، وهذا يدل على ثبوته عنده.
عن أبي زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة رضي الله عنه دار مروان فدعا بوضوء فتوضأ، فلما غسل ذراعيه جاوز المرفقين فلما غسل رجليه جاوز الكعبين إلى الساقين، فقلت: ما هذا؟
قال: هذا مبلغ الحلية)رواه ابن أبي شيبة في المصنف(٦٠٦)ورجاله ثقات، وأصله في صحيح مسلم(٢٥٠)
وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف)رواه ابن أبي شيبة في المصنف(٦٠٤)وحسنه ابن حجر في الفتح(١/٣٩)والصنعاني في السبل(١/٧١)والسفاريني في كشف اللثام(١/١٦٦)
وقال به جمع من العلماء، قال السفاريني في كشف اللثام(١/١٦٥): اختلف العلماء في استحباب الزيادة على محل الفرض في الوضوء، وفيه روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: استحباب التجاوز لمحل الفرض لإطالة الغرة والتحجيل، وهذا الصحيح في المذهب، واختاره المجد،
وفاقاً لأبي حنيفة والشافعي.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد: عدم استحباب ذلك، وهو مذهب مالك، واختيار ابن القيم.
وكتبه/
بدر محمد البدر العنزي