– كلمات في الدعوة إلى الله.
– زمهرير جهنم.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
أيها الأخوة: إن جهنم أعاذنا الله وإياكم منها ، اشتكت إلى ربها سبحانه وتعالى ، فقالت: يا رب أكلي بعضي بعضاً ، فأذن الله عزوجل لها بنفسين نفس في الصيف وهو أشد ما نجد من الحرارة ، ونفس في الشتاء وهو أشد ما نجد من البرودة وهو الزمهرير.
كما جاء ذلك في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير)
رواه البخاري(٥٣٧) ومسلم(٦١٧)
وفي لفظ لمسلم(٦١٧): (فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم).
وفي رواية لابن حبان في صحيحه(٧٤٢٣): (فجعل لها في كل عام نفسين في الشتاء والصيف ، فشدة البرد الذي تجدون من زمهريرها).
وفي رواية لابن أبي شيبة في مصنفه(٣٤١٢٦) (فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها).
– وهذا على ظاهره ، فإن الله عزوجل أنطق النار ، وهو الذي أنطق كل شيء ، أنطقها واشتكت له ، فأذن لها بنفس في الصيف وآخر في الشتاء وهو الزمهرير.
– والزمهرير أشد البرد ، وهو نوع من أنواع العذاب ، روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (الزمهرير لون من العذاب) ذكره ابن رجب في التخويف من النار(٧١)
فكما أن النار من عذاب جهنم ، فكذلك الزمهرير من عذاب جهنم ، فالله سبحانه وتعالى يعذب أهل جهنم بالنار ويعذبهم بالزمهرير.
– قال تعالى عن أهل النار: (هذا فليذُوقُوه حميمـٌ وغساقٌ)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(١٦١١): الحميم هو الحار الذي قد انتهى حره ، والغساق ضده وهو البارد الذي لا يستطاع من شدة برده المؤلم.اهـ
وروي عن ابن عباس وضي الله عنه أنه قال: (يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردُها فيسألون الحر) ذكره ابن رجب في اللطائف(٤٥٩)
قال العلامة ابن عثيمين في التعليق على صحيح مسلم(٣/٥٨٩): يعذب الله بالنار أحياناً وأحياناً بالزمهرير من أجل زيادة التعذيب.اهـ مختصراً.
– أيها الأخوة: إن ما نجد في هذه الحياة الدنيا من شدة الحر وشدة البرد ، ما هو إلا تذكرة وعظة لمن يتعظ ، فهذا حر الدنيا الذي يفر منه الناس ، وهذا برد الدنيا الذي يفر منه الناس ، فكيف بحر الآخرة وكيف ببرد الآخرة ، فعل المسلم أن يستعيذ بالله من جهنم إذا اشتد الحر وإذا اشتد البرد.
قال الحافظ ابن رجب في الفتح(٣/٥٦): جعل الله ما في الدنيا من شدة الحر والبرد مُذكراً بحَرِّ جهنم وبردها، ولهذا تُستحب الاستعاذة منها عند وجود ذلك.اهـ
– أيها الأخوة: عليكم أن تجعلوا لكم وقاية تَقيكم من شدة برد الدنيا ومن برد الآخرة:
– أما وقاية برد الدنيا: فتكون بلبس الملابس التي تصلح للشتاء ، قال سليم بن عامر: كان عمر بن الخطاب إذا حضر الشتاء تعادهم وكتب لهم بالوصية: (إن الشتاء قد حضر وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب) رواه ابن المبارك كما في اللطائف لابن رجب(٤٥٧)
– وأما وقاية برد الآخرة: فتكون بالأعمال الصالحة.
قال الله تعالى في وصف أهل الجنة: (متكئـين فيها على الأرائِك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً).
قال قتادة: (علم أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعاً) ذكره ابن رجب في اللطائف(٤٦٠)
كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
١١ جمادى الأولى ١٤٣٨هـ