– كلمات في الدعوة إلى الله –
– الكلمة: حُرمة الحلف بغير الله.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
أخي المسلم: لقد نهانا ربنا عزوجل عن الحلف بغيره ، ونهانا نبينا عليه الصلاة والسلام عن الحلف بغير الله عزوجل ، وأخبر نبينا عليه الصلاة والسلام أن الحلف بغير الله شرك ، فالواجب على المسلم إذا أراد الحلف أن يحلف بالله عزوجل أو يحلف بصفة من صفات الله ، ولا يحلف بغير الله ، لا يحلف بأبيه ولا بأمه ولا بالنبي وبالشيخ فلان ولا بالولي فلان ولا بحياة فلان ولا بالنعمة ولا بالكعبة ولا بالأمانة ولا غير ذلك من الأيمان المحرمة.
لأن الحلف بغير الله يقتضي تعظيم المحلوف به ، والتعظيم لله وحده لا شريك له.
عن ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وعمر يحلف بأبيه ، فناداهم رسول الله عليه الصلاة والسلام: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)
رواه البخاري(٦٦٤٦) ومسلم(١٦٤٦)
وفي لفظ لابن حبان في صحيحه(٤٣٥٩) (فلا يحلف إلا بالله أو ليسكت)
وعن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم)
رواه مسلم(١٦٤٨) وفي لفظ للنسائي(لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت)
قال الحافظ النووي في رياض الصالحين(٥٠٢): الطواغي جمع طاغية وهي الأصنام.اهـ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا إلا بالله)
رواه أبو داود(٣٢٤٨) والنسائي(٣٧٧٨) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٧٢٤٩) وقال العلامة الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(١٢٩٤): حديث صحيح على شرط الشيخين.اهـ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله)
رواه البخاري(٦٦٥٠) ومسلم(١٦٤٧)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١١/٦٠٧): قال جمهور العلماء: من حلف باللات والعزى أو غيرها من الأصنام أو قال إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو برئ من الإسلام أو من النبي عليه الصلاة والسلام ، لم تنعقد يمينه وعليه أن يستغفر الله ولا كفارة عليه ، ويستحب أن يقول: لا إله إلا الله.اهـ
وعن سعد بن عُبيدة سمع ابن عمر رضي الله عنه رجلاً يحلف: لا والكعبة ، فقال له ابن عمر: لا يُحلف بغير الله ، فإني سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه أبو داود(٣٢٥١) والترمذي(١٥٩٠) وحسنه ، وصححه الحاكم في المستدرك(١/١٨) وقال الحافظ الذهبي في الكبائر(١١٣) إسناده على شرط مسلم. وصححه الألباني في سنن أبي داود(٣٢٥١)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١١/٦٠٠): التعبير بقوله(فقد كفر أو أشرك) للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك.اهـ
وعن قُتيلة رضي الله عنها قالت: أن يهودياً أتى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (إنكم تُنددون وإنكم تشركون ، تقولون: والكعبة!
فأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا:(ورب الكعبة)
رواه أحمد(٢٧٠٩٣) والنسائي(٣٧٨٢)
صححه النسائي كما في فتح الباري(١١/٥٤٨) وصححه الحاكم في المستدرك(٤/٢٩٧) وابن حجر في الإصابة(٤/٣٧٨) والألباني في الصحيحة(١٣٦)
وعن سعد بن عبيدة قال: كنا مع ابن عمر في حلقة فسمع رجلاً يقول: لا وأبي ، فرماه بالحصا ، وقال: إنها كانت يميني فنهاني النبي عليه الصلاة والسلام عنها وقال: (إنها شرك) رواه ابن أبي شيبة(١٢٢٧٨) ورجاله ثقات
وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من حلف بالأمانة فليس منا)
رواه أبو داود(٣٢٥٣) صححه الحاكم في المستدرك(٤/٢٩٨) والنووي في الأذكار(١٠٩٤) والألباني في السلسلة الصحيحة(٩٤) والوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(١٧٦)
– هذه الأحاديث الصحاح دلت على:
أن الحلف بغير محرم وهو من الشرك ، وقد نقل الحافظ ابن عبدالبر الإجماع على عدم جواز الحلف بغير الله ، ذكره عنه ابن حجر في الفتح(١١/٦٠٠)
قال لنا العلامة صالح اللحيدان: من حلف بغير الله على وجه التعظيم للمحلوف به فهذا شرك أكبر ، ومن حلف بغير الله لا على وجه التعظيم للمحلوف به فهذا شرك أصغر.
– وأن الحلف بغير الله عزوجل كله محرم لعموم الأدلة في النهي ولا يستثنى من النهي شيء.
– وأن الإنسان إذا أراد أن يحلف فلا يحلف إلا بالله أو بصفة من صفات الله ، ولا يكثر الحلف فإن كثرة الحلف منهي عنها ، قال تعالى: (واحفظوا أيمانكم) قال بعض أهل العلم: أي لا تكثروا الأيمان.
كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٨هـ