– الرد على العقلاني عدنان إبراهيم –
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
أرسل لي بعض المشايخ الفضلاء مقطعاً صوتياً
للعقلاني عدنان إبراهيم ، ذكر في مقطعه
أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة رضي الله عنها وعمرها إحدى وعشرين سنة لا تسع سنين ، واستدل بأدلة أوهى من بيت العنكبوت ، هي:
قوله: بأن زواج النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة وهي بنت تسع هذا يخالف العقل.اهـ
يجاب عنه: أن هذا هو قول عامة أهل الزيغ والضلال يقدمون العقل على النقل ، وهذا من اتباع الهوى.
قال تعالى(أفرءيت من اتخذ إلـٰهه هوىٰه وأضله الله على علمـ وختمـ على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشـٰوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) فهؤلاء أهل كلام يقدمون أهوائهم على النصوص.
وقوله هذا مخالف لإجماع الأئمة أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين.
قال الإمام ابن عبدالبر في الاستيعاب(٤/٣٥٦): تزوج النبي عليه الصلاة والسلام عائشة وبنى بها وهي بنت تسع لا أعلم مختلف في ذلك.اهـ
قوله: رواية عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوجها وهي بنت تسع سنين ، لم يروها أحد من أهل المدينة من تلاميذ هشام بن عروة وإنما رواها أهل العراق فأين تلاميذ هشام منها؟اهـ
يجاب عنه: بأن الراوي قد يحدث في موضع دون موضع ، وقد يحفظ حديثه بعض طلابه دون بعض.
وهذا ليس بغريب، فكم من حديث لشيخ مكثر لم يروه عنه إلا شخص واحد وكم من شيخ حدث أمام الملأ ولم يحفظ حديثه سوى واحد ،
كحديث عمر رضي الله عنه(إنما الأعمال بالنيات)
قاله على المنبر ولم يروه عنه سوى علقمة بن وقاص الليثي.
وهذا ليس بمستغرب وهو كثير في كتب الحديث ،
يتفرد راوٍ عن راوٍ ويتفرد أهل بلد عن راوٍ ، فتجد المدني يتفرد بالرواية عن شيخ مصري وتجد أهل الشام يتفردون بالرواية عن شيخ مكي ، وهكذا ، ولم َيرد الأئمة هذه التفردات بل قبلوها.
قوله: بأن حديث هشام رواه عنه العراقيون فقط ورواية العراقيين عنه لا تثبت.اهـ
يجاب عنه: بأن رواية العراقيين عن هشام مخرجه في الصحيحين ، وهما أصح كتب الحديث بلا خلاف ، وقد أنعقد الإجماع على صحة كل ما فيهما.
-تخرج حديث هشام وذكر متابعاته وشواهده:
حديث هشام:
رواه البخاري(٣٨٩٦) ومسلم(١٤٢٢)عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت(بنى بها النبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع سنين)
ورواه البخاري (٣٨٩٤) من طريق علي بن مسهر عن هشام.
ورواه أيضاً(٥١٣٣) من طريق سفيان عن هشام.
ورواه أيضاً(٥١٣٤)من طريق وهيب عن هشام
ورواه مسلم(١٤٢٢)من طريق عبده بن سليمان عن هشام.
ورواه أبو داود(٢١٢١) من طريق حماد بن زيد عن هشام.
ورواه النسائي(٣٢٥٥)من طريق أبي معاوية عن هشام.
– متابعة الزهري لهشام
روى مسلم(١٤٢٢)عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة(أنها زفت للنبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع سنين)
وهذه متابعة تامة.
– متابعة إبراهيم النخعي لهشام
رواه مسلم(١٤٢٢) والنسائي(٣٢٥٨) عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت(تزوجها رسول الله عليه الصلاة والسلام وهي بنت ست وبنى بها وهي بنت تسع)
وهذه متابعة قاصرة.
– وله شاهد عن ابن مسعود رضي الله عنه.
رواه ابن ماجه(١٨٧٧) عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه قال(تزوج النبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت سبع وبنى بها وهي بنت تسع)
وهذا رجاله ثقات وفيه انقطاع بين أبي عبيده وأبيه لكنه معتضد بما قبله ، بل وهناك من الحفاظ من قبل رواية أبي عبيدة عن أبيه ، وقالوا بأن أبا عبيدة يروي عن أهل بيته عن أبيه ، وأهل بيت ابن مسعود كلهم ثقات ، فإذا عُلمت الواسطة وكان ثقة قُبل الحديث.
قوله: إن حفظ هشام تغير ، ثم طعن في رواية العراقيين عنه.
يجاب عنه: بأنه قال في أول كلامه(هشام إمام حافظ كبير) ثم بعد ذلك تناقض وطعن في حفظه.
وهذا يدل على أنه يقول ما لا يعلم ويدعي أنه يعلم.
قال ابن حجر في هدي الساري(٤٧١):
هشام بن عروة من صغار التابعين مجمع على تثبته ، إلا أنه في كبره تغير حفظه ، فتغير حديث من سمع منه في قدمته الثالثة إلى العراق ، قال يعقوب بن شيبة: هشام ثبت ثقة لم ينكر عليه شيء إلا بعد ما صار إلى العراق فإنه انبسط في الرواية عن أبيه فأنكر ذلك عليه أهل بلده. والذي نراه أنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمع منه فكان تساهله أنه أرسل عن أبيه ما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه. قلت: هذا هو التدليس ، وأما قول ابن خراش كان مالك لا يرضاه ، فقد حكى عن مالك فيه شيء أشد من هذا وهو محمول على ما قال يعقوب ، وقد احتج بهشام جميع الأئمة.اهـ
قوله: (الجارية في اللغة هي من عمرها ١١ سنة)
يجاب عنه: أن الجارية في اللغة هي الفتية من النساء.
قاله ابن منظور في اللسان(٣/١٣٥)
والفيروز آبادي في القاموس(٢٧٥) وغيرهما
والفتية من النساء تشمل من بلغت سن السابعة والثامنة والتاسعة وغير ذلك.
– قوله: (ولدت عائشة قبل البعثة بأربع سنين)
يجاب عنه: أن هذا خلاف ما عليه أهل العلم ، والمعروف أنها ولدت بعد البعثة لا قبلها ولا يعلم أن أحداً من أهل العلم قال بقوله.
قال ابن حجر في الإصابة(٤/٣٥٩): ولدت عائشة رضي الله عنها بعد المبعث بأربع أو خمس سنين.اهـ
قلت وهذا هو المعروف في كتب التراجم.
كتبه
بدر بن محمد البدر
4/جمادى الاول/1436هـ