-كلمات في الدعوة إلى الله.
-فضل الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام-
أيها الأخوة: إن الله عزوجل أخبر في كتابه العزيز أنه يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام ، وأخبر عزوجل أن ملائكته يصلون على النبي عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى: (إن الله وملـٰئـكته يصلون على النبي)
وصلاة الله عزوجل على نبيه عليه الصلاة والسلام: هي الثناء عليه في الملأ الأعلى ، يعني يمدحه ويبين فضله في الملأ الأعلى.
وصلاة الملائكة على النبي عليه الصلاة والسلام: هي الاستغفار له.
-ثم أمر ربُنا سبحانه وتعالى عباده المؤمنين أن يصلوا على نبيه عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى: (يـٰأيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) وهذا خطاب لأهل الإيمان دون ما سواهم لأن الإيمان هو الذي يحمل صاحبه على امتثال الأوامر واجتناب النواهي.
وصلاة البشر على النبي عليه الصلاة والسلام: هي الدعاء له ، فقولك: (اللهم صل على محمد) معناها: اللهم اثنِ عليه في الملأ الأعلى واذكره بالصفات الحميدة.
-أيها الأخوة: إن أفضل الصيغ في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام: هو أن يجمع المُصلي عليه بين الصلاة والتسليم ولا يقتصر على أحدهما ، يقول: (محمد صلى الله عليه وسلم) لقوله تعالى: (صلوا عليه وسلموا تسليماً) وهذا أمر بالجمع بين الصلاة والسلام ، (صلوا عليه) أي ادعوا الله أن يثني عليه في الملأ الأعلى (وسلموا تسليماً) أي ادعوا الله أن يسلمه من كل نقص وعيب وآفة.
ولو اقتصر الإنسان في صلاته على النبي عليه الصلاة والسلام ، على قول: (عليه السلام) ، ولم يقل: (عليه الصلاة والسلام) ، جاز ذلك ، لما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في التشهد في الصلاة: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) رواه البخاري(٨٣١) ومسلم(٤٠٢) ، ولكنه ترك الأفضل.
وكذلك لو اقتصر على قول: (عليه الصلاة) ، جاز ذلك ، لما جاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه في التشهد في الصلاة: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) رواه البخاري(٣٣٧٠) ومسلم(٤٠٦)
لكنه ترك الأفضل والأكمل أيضاً ، وهو أن يجمع بين الصلاة والسلام لقوله تعالى: (صلوا عليه وسلموا تسليماً).
-أيها الأخوة: إن الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من أفضل الأعمال الصالحة ، وأنفعها في الدين والدنيا ، قـال الحافظ السخاوي في القول البديع(١٠٩): الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: من أبرَك الأعمال وأفضلها، وأكثرها نفعًا في الدين والدنيا.اهـ
وقد تكاثرت الأحاديث في فضل الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ، وتواترت حتى زادت على أربعين حديثاً ، منها في الكتب الصحاح وفي السنن والمسانيد والمعاجم.
ومما ورد في ذلك:
١- عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (من صلى عليّ صلاة ، صلى الله عليه بها عشراً) رواه مسلم(٣٨٤)
يعني إذا قلت: (اللهم صل وسلم على محمد) مرة واحدة ، أثنى الله عزوجل عليك في الملأ الأعلى عشر مرات.
٢- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من صلى علي مرة واحدة كتب الله عزوجل له بها عشر حسنات)
رواه أحمد(٧٥٥١) وصححه أحمد شاكر في المسند(٧/٣٢٤)
٣- وعن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحُطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات)
رواه أحمد(١١٩٨٢) والنسائي(١٢٩٦)واللفظ له
وصححه ابن حبان(٩٠٤) والحاكم في المستدرك(١/٥٥٠) ، والألباني في سنن النسائي(١٢٩٦)
يعني إذا قلت: (اللهم صل وسلم على محمد)
أثنى الله عليك بالملأ الأعلى عشر مرات ، ومحا عنك عشر سيئات ، ورفع لك عشر درجات.
٤- وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (من صلى على رسول الله عليه الصلاة والسلام صلاة ، صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة)
رواه أحمد في المسند(٦٦٠٥)
وحسنه المنذري في الترغيب(٢/٢٧٩) والهيثمي في المجمع(١٠/١٦٠) والسخاوي في القول البديع(٧٧) وأحمد شاكر في المسند(٦/١٧٦)
قال الحافظ السخاوي في القول البديع(٧٧): حكمه الرفع ، إذ لا مجال للاجتهاد فيه.
٥-وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة)
رواه الترمذي(٤٨٤) وقال: حديث حسن ، وصححه ابن حبان(٩١١)
قيل: معنى(أولى الناس بي) يعني أولى الناس بي وأقربهم مني يوم القيامة ، أكثرهم علي صلاة في الدنيا.
٦- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من أحد يُسلم علي إلا رد الله علي رُوحي حتى أرُد عليه السلام)
رواه أبو داود(٢٠٤١) وصححه النووي في الأذكار(٣٤٦)
٧-وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعاً: (أكثروا الصلاة علي فإن الله وكَّل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة)
أخرجه الديلمي(١/١/٣١) وحسنه الألباني في الصحيحة(١٥٣٠)
-أيها الأخوة: إن الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ، تجب عند ذكر اسمه.
كما جاء ذلك في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (رَغِم أنفُ رجل ذُكرت عنده فلم يصل علي) رواه الترمذي(٣٥٤٥)وحسنه.
معناه: لصق أنفه بالتراب من ذكرت عنده ولم يصل علي.
وعن علي رضي الله عنه مرفوعاً: (البخيل من ذُكرت عنده فلم يصلِّ علي)
رواه الترمذي(٣٥٤٦)وقال:حديث حسن صحيح.
معناه: البخيل كل البخل من ذكرت عنده فامتنع عن الصلاة علي.
-وتجب أيضاً في التشهد الأخير في الصلاة.
لما جاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه في التشهد في الصلاة: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) رواه البخاري(٣٣٧٠) ومسلم(٤٠٦)
-وتستحب الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في مواضع منها:
١- يوم الجمعة وليلة الجمعة.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلة الجمعة فمَن صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشراً)
رواه البيهقي في سننه(٥٩٩٤) وحسنه الألباني في الصحيحة(١٤٠٧)
٢- يسن ابتدأ الدعاء بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بعد حمد الله وختمه كذلك.
عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله عليه الصلاة والسلام رجلاً يدعو في صلاته ولم يُمجد الله تعالى ولم يصل على النبي عليه الصلاة والسلام فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (عجِل هذا) ثم دعاه فقال له أو لغيره: (إذا صلى أحدُكم…فليبدأ بتمجيد ربه سبحانه والثناء عليه ثم يُصلي على النبي عليه الصلاة والسلام ثم يدعو بما شاء)
رواه أبو داود(١٤٨١) والترمذي(٣٤٧٧) والنسائي(٣/٤٤) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن أُبي بن كعب قال: قال رجل يا رسول الله ، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها لك؟ قال:(إذاً يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك)
رواه أحمد(٥/١٣٦) والترمذي(٢٤٥٧) وعبد بن حميد(١٧٠) حسنه الترمذي ، وابن حجر في نتائج الأفكار(٤/١٦) وأدعه الألباني في الصحيحة(٩٥٤)
معناه: أن يكثر من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في الدعاء.
قال الحافظ النووي في الأذكار(٢١٥): أجمع العلماء على استحباب ابتدأ الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء ثم الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وكذلك يُختم الدعاء بهما.اهـ
٣- وتستحب الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلان بعد انتهاء الآذان.
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً)
رواه مسلم(٣٨٤)
٤- وتستحب عند دخول المسجد والخروج منه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا دخل أحدُكم المسجد فليُسلم على النبي وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليُسلم على النبي وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان)
رواه النسائي في الكبرى(٦/٢٧) وابن ماجه(٧٨٠) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٥١٤) وله شواهد كثيرة.
٥- يستحب الصلاة عليه عشراً في الصباح والمساء.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً: (من صلى علي حين يُصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة)
رواه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي(٦١) والطبراني في الكبير كما في الترغيب والترهيب للمنذري(١/٣١٢)
قال المنذري في الترغيب(١/٣١٢): رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد.اهـ
وقال الهيثمي في المجمع(١٠/١٢٠): رواه الطبراني بإسنادين ، وإسناد أحدهما جيد ورجاله ثقات.اهـ
وقال ابن حجر في مختصر الترغيب والترهيب(١٤٢): أخرجه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد.اهـ
وورمز السيوطي لحسنه في الجامع الصغير(٨٨١١)
وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٦٣٥٧)
وضعفه في ضعيف الترغيب(٣٩٦)
كتبه/
بدر محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد
8 رجب 1438هـ