@ اهدنا الصراط المستقيم @

– اهدنا الصراط المستقيم –
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
فإن كل مسلم يدعو ربه عز وجل في كل صلاة فريضة أو نافلة ، أن يهديه الصراط المستقيم ، (اهدنا الصراط المستقيم) ، والصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ، 

وهو طريق الأنبياء والرسل وأتباع الأنبياء والرسل (صراط الذين أنعمت عليهم) أي أنعمت عليهم بسلوك هذا الطريق ، طريق الهداية ، طريق الحق ، وهو طريق واحد لا طرق ، قال تعالى (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه) هذا أمر يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى باتباع هذا الطريق الواحد ، طريق الحق ، والحق واحد لا يتجزئ ، ونهانا ربنا سبحانه وتعالى عن طُرق الضلال ، وهي طُرق كثيرة ، قال تعالى (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)
قال ابن مسعود رضي الله عنه: خط لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام يوماً خطاً ، وخط عن يمينه خطاً ، وخط عن يساره خطاً ، ثم قال: (هذا سبيل الله) ، ثم خط خطوطاً فقال: (هذه سُبُل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه) ، وقرأ (أن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)

رواه البزار في مسنده (١٨٦٥) ورجاله رجال الصحيح.
فالواجب على كل من استبان له طريق الحق أن يسلكه ولا يحيد عنه ، ويجتنب طريق الضلال ، طريق البدع والأهواء ويبتعد عنه. 
ومن العجب ، أن تجد قوماً ، عرفوا الحق واستبان لهم طريقه واجتنبوه ، وعرفوا الباطل واستبان لهم طريقه وسلكوه.
قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين(٢/٢٨٢): قال الإمام الشافعي: أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد.اهـ
لذا ينبغي لمن عرف الحق أن لا يتركه لقول فلان وفلان ، بل يلزم الحق ويصبر على الأذى فيه ويحتسب الأجر من الله ، كما صبر واحتسب من كان قبله ، ولا يضره من خالفه ولا من خذله.
عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)

رواه مسلم (١٩٢٠).
فالزم هذا السبيل الذي سألت ربك سلوكه

(اهدنا الصراط المستقيم)

 واسأل ربك الثبات عليه وعدم الإنحراف عنه ، (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا).
عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يُكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) فقلت: يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال:(نعم ، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء)

رواه الترمذي (٢١٤٠) وحسنه ، وصححه الألباني في سنن الترمذي(٢١٤٠)
فكم من قلوب زاغت ، وأعرضت عن الحق ، لأنها لم تسأل ربها الثبات على الحق.

وكم من قلوب ثبتت على الحق ، رغم كثرة الفتن والمحن ، لأنها سألت ربها الثبات عليه.
وهذا خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، يسأل ربه الثبات (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)

(واجنبني) أي أبعدني واجعلني في جانب بعيد (أن نعبد الأصنام) أي بعيد عن عبادتها.

قال أحد السلف: (مَن يأمن البلاء بعد إبراهيم).
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

كتبه/بدر محمد البدر العنزي.

٧/٣/١٤٣٧هـ

@ مصطلحات الإمام مالك في الموطأ @

مصطلحات الإمام مالك في الموطأ.
١- (الأمر عندنا).

إذا قال الإمام مالك: (الأمر عندنا) يعني عند أهل المدينة.
قال العلامة الزرقاني في شرح الموطأ (١/٢٧٣):قول مالك( وهو الأمر عندنا) بالمدينة.اهـ

٢- (تلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا).

إذا قال الإمام مالك: (تلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا) يعني عند أهل المدينة.
قال العلامة الزرقاني في شرح الموطأ(١/٥١٢):قول مالك (تلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا) أي بالمدينة.اهـ
٣- (لم أر أحداً من أهل العلم يكره كذا).

إذا قال الإمام مالك: (لم أر أحداً من أهل العلم يكره كذا) يعني مجمع عليه.
قال العلامة الزرقاني في شرح الموطأ(٢/٩٠) قول مالك: (لم أر أحداً من أهل العلم يكره كذا) قال ابن عبدالبر: لا أعلم فيه خلافاً.اهـ
٤- (السنة التي لا اختلاف فيها عندنا).

إذا قال الإمام مالك: (السنة التي لا اختلاف فيها عندنا) يعني لم يختلف فيها أهل المدينة.
قال العلامة الزرقاني في شرح الموطأ(٢/١٣٤):قول مالك: (السنة التي لا اختلاف فيها عندنا) أي بالمدينة.اهـ

٥- (الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا).

إذا قال الإمام مالك:(الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا) يعني لم يختلف فيه عمل أهل المدينة.
قال العلامة الزرقاني في شرح الموطأ (٢/١٤٨):قول مالك(الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا) ينقل مالك عمل المدينة.اهـ
٦- (لا أدري أيُرفع هذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أم لا؟)

إذا قال الإمام مالك: (لا أدري أيُرفع هذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أم لا؟)

يعني يشك في رفعه.

قال مالك في الموطأ(١٩٤٩) عن العلاء بن عبدالرحمن أنه سمعه يقول: ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبداً بعغو إلا عزاً…)

قال مالك: لا أدري أيُرفع هذا الحديث عن النبي أم لا؟

قال العلامة الزرقاني في شرح الموطا(٤/٥٤٩): شك في رفعه.اهـ

٧- (هذا أحب ما سمعت إلي).

إذا قال الإمام مالك بعد سوق الأدلة( هذا أحب ما سمعت إلي) يعني أرجح.

قال مالك (٧٤) عن هشام بن عروة أنه رأى أباه يمسح على الخفين وكان لا يزيد إذا مسح على الخفين على ظهورهما ولا يمسح بطونهما).
وقال مالك(٧٥) أنه سأل ابن شهاب عن المسح على الخفين كيف هو فأدخل ابن شهاب إحدى يديه تحت الخف والأخرى فوقه ثم أمرهما)

قال مالك: وقول ابن شهاب أحب ما سمعت إلي في ذلك.

كتبه/

بدر محمد البدر العنزي.

٦/٣/١٤٣٧هـ

@ الرد على مقال ( نعم نحتفل بمولده ) @

الرد على مقال (نعم نحتفل بمولده)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
فهذا رد على مقال بعنوان ( نعم نحتفل بمولده) كتبه الصوفي عبدالرحيم الركيني السوداني ، وذكر في مقاله عدة من الشبهه في جواز الإحتفال بالمولد النبوي ، فرددت على ما كتب بالأدلة والبراهين والله الموفق إلى سواء السبيل.

@- قال عبدالرحيم الركيني: ما معنى الإحتفال به ﷺ؟ هو التعبير عن الفرح برسول الله ﷺ، والفرح به ﷺ مطلوب بأمر القرءان من قوله تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: فضل الله العلم ورحمته محمد ﷺ

قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) والفرح به ﷺ يكون طول العام ولكن يشتد في أيام ميلاده ﷺ.اهـ

– يجاب عليه بما يلي:

أولاً: هل استدل أحد من الأئمة بهذه الآيات على مشروعية المولد؟! ، وهل فسر أحد من المفسرين المعتبرين هذه الآيات بهذا التفسير الذي ذكرته!؟
ثانياً: هل الاحتفال بالمولد عبادة أم عادة؟

إن قلت: عبادة.

فقد رددت كلام الله ، قال تعالى (اليوم أكملت لكمـ دينكمـ وأتممت عليكمـ نعمتي)

الشريعة كاملة من عند الله فليست بحاجة إلى تكميل من البشر ،

والأصل في باب العبادات التوقيف فمن قال: إن هذه العبادة مشروعة فعليه أن يأتي بالدليل الشرعي الدال على مشروعيتها وإلا فهي مردودة.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام(مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)

رواه البخاري(٢٦٩٧) ومسلم(١٧١٨)
وإن قلت: إن الاحتفال به عادة لا عبادة.

يرد عليك بقول النبي عليه الصلاة والسلام

(مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)

رواه البخاري(٢٦٩٧) ومسلم(١٧١٨)

ومن المعلوم أن (مَن) من ألفاظ العموم ، أي كل عمل.

@- قال الركيني: ما هي البدعة الضلالة؟

البدعة هي المُحدَث، قال ﷺ: (فإن كل مُحدثة بدعة).

ما هو المُحدَث؟

المُحدَثُ هو المنهي عنه شرعاً ولا يشمل المسكوت عنه، قال ﷺ: (من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد) وروى الدارقطني وفي الأربعين النووية قال ﷺ: (وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها) وليس هنالك نهي عن الاحتفال، إذن ليس بدعة.اهـ
– يجاب عليه:

واضح من كلامه أنه لا يعرف ما هو تعريف البدعة ، وهذا ليس بغريب على أصحاب الجهل المركب.

البدعة لغة: مأخوذة من البَدع ، وهو الاختراع على غير مثال سابق.

واصطلاحاً: إحداث عبادة قولية أو فعلية أو عقيدة لم يشرعها الله سبحانه وتعالى.
وأما حديث: (وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها)

رواه الدارقطني في سننه(٤٣٩٦) عن مكحول عن أبي ثعلبة رضي الله عنه ، ومكحول لم يسمع من أبي ثعلبة ، وقد أعله الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢/١٥٠).
والحديث ليس فيه دلالة على مشروعية المولد ، كما ادعى الركيني ، وهذا من عجيب صنيعه ، 

الحديث فيه بيان أن المسكوت عنه مباح ، والمباح نوعان ، كما هو معلوم في علم الأصول ،

النوع الأول: مباح باقٍ على إباحته.

والنوع الثاني: مباح غير باقٍ على إباحته.

وهو ما خرج عن الإباحة بسبب من الأسباب

والموالد فيها تشبه بالكفار ، لأن النصارى يحتفلون بعيد عيسى عليه السلام ، والتشبه بالكفار محرم.

فالحديث ليس فيه ما يؤيد كلام الركيني.

@- قال الركيني: هل في الشرع بدعة حسنة؟

نعم روى مسلم، قال ﷺ: (من سن في الإسلام سنة حسنة عُمل بها بعده، كُتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيئ). معنى عُمل بها بعده: لم يسبقه عليها أحد من العالمين.

 وروى البخاري أن سيدنا عمر رضي الله عنه جمع صلاة التراويح خلف إمام واحد، ثم قال: نعم البدعة هذه. ونحن الآن بل وجميع المسلمين نصلي في أواخر رمضان صلاة التهجد بعد التراويح وفي جماعة، ولم يفعل هذا جماعة من الصحابة، ولكن تبعاً لقول سيدنا عمر رضي الله عنه نعم البدعة هذه.
– يجاب عليه:
ليس في الشرع بدعة حسنة وبدعة سيئة

بل كل بدعة ضلالة ، كما جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:( فإن كل بدعة ضلالة)

رواه أحمد(١٧١٤٢) وأبو داود(٤٦٠٧)وصححه الترمذي(٢٦٧٦) وابن حبان(٥) والحاكم(١/٩٧)

ولفظة (كل) من ألفاظ العموم كما هو المعلوم في علم أصول الفقه.
وقال ابن عمر رضي الله عنها ( كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة) رواه ابن بطة في الإبانة(١٢٠)
وقال الإمام الشاطبي في الإعتصام(١/٤٩):

قال ابن الماجشون سمعت مالكاً يقول من ابتدع في الاسلام بدعة يراها حسنه فقد زعم أن محمداً – صلى الله عليه وسلم – خان الرسالة لأن الله يقول: ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا.اهـ
قال العلامة الفوزان في عقيدة التوحيد(٢١٧):

من قسّم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة ،

فهو مخطئ ومخالف لقوله عليه الصلاة والسلام

(فإن كل بدعة ضلالة) لأن الرسول عليه الصلاة والسلام حكم على البدع كلها بأنها ضلالة.اهـ
وأما حديث (من سن في الإسلام سنة حسنة…)

الحديث له قصة 

عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم الصوف فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فأبطئوا عنه حتى رئي ذلك في وجهه، ثم إن رجلاً من الأنصار جاء بصرة من ورق ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ سَنَّ فِي الإسلام سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِها بعْدَهُ كُتِب لَه مثْلُ أَجْر من عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، ومَنْ سَنَّ فِي الإسلام سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وزر من عَمِلَ بِهَا ولا يَنْقُصُ من أَوْزَارهِمْ شَيْءٌ»

رواه مسلم (١٠١٧)

الحديث جاء في الصدقة ، والصحابي رضي الله عنه بدأ في الصدقة فسن سنة حسنة.
وأما قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة التراويح ، صلاة التراويح سنة عند عامة أهل العلم ، صلاها النبي عليه الصلاة والسلام وصلاها أصحابه من بعده ، فليس فيها ما يدل على مشروعية البدع.

قال العلامة صالح الفوزان في عقيدة التوحيد(٢١٨): قول عمر رضي الله عنه (نعمت البدعة) يريد البدعة اللغوية لا الشرعية ، فما كان له أصل في الشرع يُرجع إليه إذا قيل إنه بدعة فهو بدعة لغة لا شرعاً ، لأن البدع شرعاً: ما ليس له أصل في الشرع ، والتراويح قد صلاها النبي عليه الصلاة والسلام بأصحابه ليالي ، وتخلّف عنهم في الأخير خشية أن تفرض عليهم ، واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعاً متفرقين

في حياة النبي عليه الصلاة والسلام وبعد وفاته

إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه

على إمام واحد كما كانوا خلف النبي عليه الصلاة والسلام وليس هذا بدعة في الدين.اهـ

@- قال الركيني: هل القرءان يعظم أيام ميلاد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام؟

نعم يعظمها، قال تعالى عن يوم ميلاد سيدنا يحيى عليه السلام: (وسلام عليه يوم ولد) وقال تعالى عن ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام على لسانه: (والسلام عليَّ يوم ولدت) إذن فأولى تعظيم ميلاد إمام المرسلين وخاتم النبيين ﷺ.
– يجاب عليه:

أين موضع التعظيم في الآيات لأيام ميلاد الأنبياء عليهم السلام؟! ، ومَنْ مِن الأئمة المعتبرين قال بقولك؟!

معنى الآية الكريمة:(والسلام علي يوم ولدت) أي أن الله تعالى سلم عيسى عليه السلام من الشيطان يوم ولادته.

قال الإمام الطبري في تفسيره (٨/٣٤٠):

وقوله {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً} يقول: والأمن من الله عليَّ من الشيطان وجنده يوم ولدت أن ينالوا مني ما ينالون ممن يولد عند الولادة ، من الطعن فيه ، ويوم أموت ، من هول المطلع ، ويوم أبعث حياً يوم القيامة أن ينالني الفزع الذي ينال الناس بمعاينتهم أهوال ذلك اليوم.اهـ

@- قال الركيني: هل هنالك شك في تاريخ ميلاد النبي ﷺ؟

لا يوجد شك في هذا التاريخ، قال جمهور العلماء إن أصح الروايات إسناداً أنه ﷺ ولد يوم الأثنين ثاني عشر ربيع الأول لعام الفيل.
يجاب على قوله:

أين السند الصحيح في مولده عليه الصلاة والسلام؟! ، من المعلوم أن أهل العلم تنازعوا في مولده عليه الصلاة والسلام

قيل: التاسع من ربيع الأول ، وقيل الثاني عشر

وقيل غير ذلك.

وأول من خصص مولده بالثاني عشر وأشهره بين الناس هم الفاطميون الشيعة.

قال العلامة المقريزي في المواعظ والاعتبار(٢٣٦): وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعيادٌ ومواسم، وهي: موسم رأس السنة، وموسم أوّل العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.اهـ
قال لي العالم الفلكي صالح العجيري: ثبت لدينا بعد البحث أنه ولد في التاسع من ربيع الأول

وهذا هو المشهور عند أهل الحساب ، خلافاً لما صنعه الفاطميون.اهـ

@- قال الركيني هل كان النبي ﷺ يعظم يوم ميلاده؟

نعم، روى مسلم: سئل ﷺ عن صيام يوم الاثنين فأجاب ﷺ قائلاً: (ذاك يوم فيه ولدت). 
– يجاب عليه:

ما وجه التعظيم في الحديث؟! ، النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أنه كان يصوم يوم اثنين 

لعدة أسباب ، لأنه يوم ولد فيه ويوم بعث فيه ويوم أنزل فيه الوحي.

عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه )

رواه مسلم (١١٦٢)
وأيضاً تُعرض أعمال العباد يوم الإثنين والخميس

كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم )

رواه الترمذي (٧٤٧) وقال: حديث حسن.

صححه الألباني في سنن الترمذي(٧٤٧)
فليس في الحديث دلالة على مشروعية الاحتفال المولد.

النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أنه كان يصوم يوم الإثنين ولم يخبر أنه كان يحتفل به ، كما يدعي الركيني.
قال تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
فعلامة محبة النبي عليه الصلاة والسلام باتباع سنته ، لا بالإعراض عنها واتباع البدع.

@- قال الركيني: هل ذبح النبي ﷺ في ذكرى ميلاده بعد أن أتته الرسالة وجمع الصحابة للطعام؟

نعم، أورد البيهقي وحسنه السيوطي عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي ﷺ عقَّ عن نفسه بعد النبوة)، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عقَّ عنه في سابع ولادته ﷺ، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية ولكن هذا لتشريع الذبح أو الصدقات في مثل هذا اليوم.اهـ
يجاب على قوله:

حديث أنس ، ليس فيه دلالة على مشروعية الإحتفال بالمولد ، كما يدعي الركيني.

الحديث استدل به أهل العلم على جواز أن يعق المرء عن نفسه إذا لم يعق عنه والده.

@- قال الركيني: هل نخالف اليهود والنصارى في تعظيم الأنبياء والرسل عليهم السلام؟

نحن أولى بالأنبياء والرسل عليهم السلام منهم، جاء في الصحيحين أن النبي ﷺ قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله ﷺ: (ما هذا اليوم الذي تصومونه؟) فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه. فقال رسول الله ﷺ: (نحن أحق وأولى بموسى منكم)، فصامه وأمر بصيامه، لكنه لم يقل ﷺ اتركوا عاشوراء وخالفوا اليهود، بل قال رسول الله ﷺ: (إذا كان العام القادم صمنا ما قبله)، بمعنى استقبلنا عاشوراء بصيام اليوم الذي قبله ثم صمناه. فعظمه ﷺ أكثر مما كان يعظمه اليهود. وبالتالي نحن أولى بعيسى منهم وأولى بنبينا ﷺ منهم.اهـ
يجاب على قوله:

ما وجه الدلالة من صيام يوم عاشوراء بمشروعية الإحتفال بالمولد؟!

ثم صيام يوم عاشوراء صامه النبي عليه الصلاة والسلام وأمر بصيامه ، 

والنبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى

قال سبحانه تعالى عن رسوله عليه الصلاة والسلام: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).

@- قال الركيني: هل الإجتماع للعلم والذكر ثابت شرعاً؟

نعم، قال رسول الله ﷺ: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال حِلَق الذكر، وفي رواية حِلَق العلم. وان ساحة المولد مملوءة بالذكر ومملوءة بالعلم متمثلاً في قصة سيرة رسول الله ﷺ، قال تعالى: (وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) إذاً ساحات المولد رياض جنة وتثبيت إيمان، فاتركوا الاختلاط ما استطعتم.اهـ
يجاب عليه:

سبحان الله ما هذا الخلط العجيب ، فإن احداث البدع في المساجد ليس من حلق الذكر ، كما يدعي هذا الصوفي.

وقد أنكر هذا الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

عن عمرو بن يحيى ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏أبي ‏ ‏يحدث عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏قال ‏‏كنا نجلس على باب ‏ ‏عبد الله بن مسعود ‏ ‏قبل صلاة ‏ ‏الغداة، ‏ ‏فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد. فجاءنا ‏ ‏أبو موسى الأشعري ‏ ‏فقال أخرج إليكم ‏ ‏أبو عبد الرحمن ‏ ‏بعد؟ قلنا لا. فجلس معنا حتى خرج. فلما خرج قمنا إليه جميعا، فقال له ‏ ‏أبو موسى ‏ ‏يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن، ‏ ‏إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرا. قال فما هو؟ فقال إن عشت فستراه قال رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل. وفي أيديهم حصى فيقول كبروا مئة فيكبرون مئة فيقول هللوا مئة فيهللون مئة ويقول سبحوا مئة فيسبحون مئة.

قال فماذا قلت لهم؟ قال ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك وانتظار أمرك. قال أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم. ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة ‏ ‏محمد ‏ ‏ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏متوافرون ‏ ‏وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر. والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة ‏ ‏محمد ‏ ‏أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا والله يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏ما أردنا إلا الخير. قال وكم من مريد للخير لن يصيبه. إن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أن قوما يقرءون القرآن لا يجاوز ‏ ‏تراقيهم، ‏ ‏و أيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم. فقال ‏ ‏عمرو بن سلمة ‏ ‏رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم ‏ ‏النهروان ‏ ‏مع ‏ ‏الخوارج).

رواه الدارمي في مسنده (٢١٠) بسند جيد.

@- قال الركيني: هل الصحابة رضي الله عنهم مدحوا رسول الله ﷺ في المسجد النبوي الشريف؟

نعم، وكان ذاك في حياته ﷺ وبعد وفاته، جاء في صحيح مسلم قول حسان بن ثابت لسيدنا عمر وهو يمدح في المسجد النبوي الشريف: (كنت أمدح وفيه من هو خير منك) ولم يقصد سيدنا عمر الإنكار إنما يقصد التأصيل لهذه الفعلة المباركة، فقال حسان: (أنشدك الله يا أبا هريرة، أما سمعت رسول الله ﷺ يقول: نافح عني يا حسان إن روح القُدُس لا يزال يؤيدك ما نافحتَ عن الله ورسوله؟) إذا جاز المدح في المسجد النبوي الشريف فأولى بقية المساجد بالجواز.اهـ
يجاب على قوله:

ما وجه الدلالة من هذه الأخبار على مشروعية الإحتفال بالمولد؟!

حسان رضي الله عنه شعره في مدح الإسلام والذب عن النبي عليه الصلاة والسلام والرد على المشركين ، وكان بحضرة النبي عليه الصلاة والسلام وليس في شعره غلو ولا إطراء

بخلاف أشعار أصحاب الموالد فإن في أشعارهم من المحظورات الشرعية الشيء الكثير.

@- قال الركيني: هل ضُرب الدُّف –أي الطار– في بيت رسول الله ﷺ؟

نعم، جاء في صحيح البخاري: ضرب الدف في بيت رسول الله ﷺ ومدح به أهل بدر، وصوت 

الدف –أي الطار– يهز ويرز في المسجد النبوي الشريف، وفى حياته ﷺ.اهـ
يجاب عليه:

ضُرب الدف في بيت النبي عليه الصلاة والسلام يوم عيد ، وكان من بعض الجواري الصغار ، وأنكر عليهن أبو بكر الصديق

رضي الله عنه ، وقال بحضرة النبي عليه الصلاة والسلام (مزمار الشيطان يضرب في بيت النبي) ، وأقره النبي عليه الصلاة والسلام ، أنه مزمار الشيطان.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان من جوار الأنصار وفي رواية: قينتان في أيام منى تدففان وتضربان تغنيان بغناء وفي رواية: بما تقاولت وفي أخرى: تقاذفت الأنصار يوم بعاث وليستا بمغنيتين فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه فانتهرني وفي رواية: فانتهرهما وقال: مزمارة وفي رواية: مزمار الشيطان عند وفي رواية: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين؟. 

فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية: فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال: “دعهما” يا أبا بكر “إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا ، فلما غفل غمزتهما فخرجتا)

رواه البخاري(٥٠٨) وغيره.
– ولم يأتِ في شيء من الروايات (أن صوت الدف يهز ويرز في المسجد النبوي) هذا شيء جاء به الركيني من جيبه.

@- قال الركيني: هل الصحابة والسلف الصالح تتغير أحوالهم ويبكون عند ذكر رسول الله ﷺ؟

نعم، كانوا يبكون عند ذكر رسول الله ﷺ. أورد القاضي عياض واخرج بن عساكر: خرج عمر بن الخطاب ليلة يحرس، فسمع عجوزاً تنشد شعراً في مدح رسول الله ﷺ فجلس عمر يبكى. واخرج ابن سعد أن ابن عمر يبكي كل ما ذكر رسول الله ﷺ. وروى ابن سعد أن أنس يبكي عند ذكر رسول الله ﷺ. وقال مالك: كنت آتى عامر بن عبد الله بن الزبير, فإذا ذكر عنده النبي ﷺ بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع. وكان قتادة -المفسر- يأخذه العويل -أي البكاء بشدة- عند ذكر النبي ﷺ، فهذه أحوال سلفنا الصالح عند ذكر الحبيب ﷺ شعراً ونثراً. فكل هذه من أفعال الفرقة الناجية الصحابية عليهم رضوان الله تعالى.اهـ
– يجاب على قوله:

ما وجه الدلالة من هذه الآثار على مشروعية الإحتفال بالمولد ، ومَن قال بهذا القول قبلك من أهل العلم المعتبرين؟!

لاشك أنه لا أحد.

لأنه لم يثبت أبداً عن أحد من الصحابة الكرام رضي الله عنهم الاحتفال بالمولد (ولو كان خيراً لسبقونا إليه).

قال شيخ الإسلام في الإقتضاء(٢/٦١٥):

اتخاذ مولد النبي عليه الصلاة والسلام عيداً لم يفعله السلف ولو كان خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة للنبي عليه الصلاة والسلام وتعظيماً له منا وهم على الخير أحرص وإنما محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطناً وظاهراً.اهـ
@- قال الركيني: ما هو رأي ابن تيمية في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟

قال ابن تيمية: (فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله ﷺ)، كتاب: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية.اهـ
يجاب على قوله:

 بأن ما نقله عن شيخ الإسلام فيه بتر لكلامه ، وبتر النصوص عادة من عادات أهل الأهواء.

وتمام كلام شيخ الإسلام:

قال رحمه الله في الاقتضاء(٢/١٢٣): عن اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا مع اختلاف الناس في مولده: “فإن هذا لم يفعله السَّلَفُ، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان خيرًا. ولو كان هذا خيرًا محضاً، أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص. وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنته باطناً وظاهراً، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان. فإن هذه طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان.اهـ
ولشيخ الإسلام رحمه الله كلاماً أخر بيّن فيه بدعية المولد.

قال رحمه الله في مجموع الفتاوى(٢٥/٢٩٨):

وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال الذي يُسميه الجهال “عيد الأبرار”، فإنها مِن البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها.اهـ

كتبه/

بدر بن محمد البدر العنزي

عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.

٤/٣/١٤٣٧هـ

@ صحيح فضائل الأعمال (3) @

– صحيح فضائل الأعمال.

– فضل تسوية الصفوف في الصلاة –

– باب ما جاء إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف.
عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة)
 رواه أحمد(٢٣٨٢٤)وابن ماجه(٩٩٥)

 وصححه ابن خزيمة في صحيحه(١٤٦١)

وابن حبان في صحيحه(٢١٦٣)

والحاكم في المستدرك(٧٢٧)

والألباني في الصحيحة (٢٥٣٢)

– باب من وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من وصل صفاً وصله الله ، ومن قطع صفاً قطعه الله) 
رواه الحاكم(٨٠٥) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان، ومَن وصل صفاً وصله الله ، ومَن قطع صفاً قطعه الله)
رواه أبو داود(٦٦٦) وصححه الألباني في سنن أبي داود(٦٦٦)
– باب ما من خطوة أعظم أجراً من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف فسدها.
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خياركم ألينكم مناكب في الصلاة ، و ما من خطوة أعظم أجراً من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف فسدها)
رواه الطبراني في المعجم الأوسط(٢/٣٢/١) 

قال الحافظ الهيثمي في المجمع (٢٥٠١) رواه الطبراني في الأوسط كما ههنا والبزار خلا من قوله‏:‏ ‏”‏وما من خطوة‏”‏ إلى آخره وإسناد البزار حسن، وفي إسناد الطبراني ليث بن حماد ضعفه الدارقطني‏.‏

وصححه المحدث الألباني في الصحيحة(٢٥٣٣)
– باب تراص الصفوف.
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ قالوا: يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف)

رواه مسلم(٤٣٠)
– باب ما جاء أن من سد فرجة بنى الله له بيتاً في الجنة ورفعه بها درجة.
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من سدَّ فُرجة بنى الله له بيتاً في الجنة ، ورفعه بها درجة)
رواه المحاملي في الأمالي-٢/٣٦

قال المحدث الألباني في صحيح الترغيب(٥٠٥): صحيح لغيره.اهـ

– باب تسوية الصفوف من تمام الصلاة.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)

رواه البخاري(٦٩٠) ومسلم (٤٣٣)

وفي رواية للبخاري(٧٢٣) (سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة) .
– حكم تسوية الصفوف:
تنازع أهل العلم في حكم تسوية الصفوف ، على قولين ، قيل واجبة ، وقيل سنة ، وظاهر الأدلة الوجوب ، 

لقول النبي عليه الصلاة وسلم: (من وصل صفاً وصله الله ، ومن قطع صفاً قطعه الله).
قال الإمام البخاري في صحيحه: باب إثم من لا يتم الصفوف.

 وساق بسنده (٧٢٤) عن أنس رضي الله عنه أنه قدم المدينة فقيل له: ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله عليه الصلاة والسلام؟

قال: (ما أنكرت شيئًا إلا أنكم لا تُقيمون الصفوف).
قال العلامة ابن عثيمين في شرح الرياض(٢/٢٨٩) : هذا القول ـ أعني وجوب تسوية الصف ـ هو الصحيح ، والواجب على الأئمة أن ينظروا في الصف، فإذا وجدوا فيه اعوجاجاً أو تقدماً أو تأخراً ، نبهوا على ذلك ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ـ أحياناً -يمشي على الصفوف يسويها بيده الكريمة ـ عليه الصلاة والسلام ـ، من أول الصف لآخره … ولكن مع الأسف الآن نجد أن المأمومين لا يبالون بالتسوية، يتقدم إنسان ويتأخر إنسان ولا يبالي ، وربما يكون مستوياً مع أخيه في أول الركعة ، ثم عند السجود يحصل من الاندفاع تقدم أو تأخر، ولا يساوون الصف في الركعة الثانية ، بل يبقون على ما هو عليه، وهذا خطأٌ، فالمهم أنه يجب تسوية الصف.اهـ

كتبه/

بدر محمد بدر العنزي.

٣/٣/١٤٣٧هـ

@ حكم تغطية الفم في الصلاة @

– حكم تغطية الفم في الصلاة –
كره أكثر أهل العلم تغطية الفم في الصلاة

لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغطي الرجل فاه) يعني في الصلاة.

رواه أبو داود(٦٥٠)

وصححه ابن خزيمة(٧٧٢) والحاكم في المستدرك(١/٢٥٣)

وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٦٨٨٣)
قال الإمام الخطابي في معالم السنن(١/١٥٤):

مِن عادة العرب التلثم بالعمائم على الأفواه ، فنهوا عن ذلك في الصلاة إلا أن يعرض للمصلي التثاؤب فيغطي فمه عند ذلك.اهـ
وقال الإمام الكاساني الحنفي في البدائع(١/٥٠٦): ويكره أن يغطي فاه في الصلاة لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك ، ولأن في التغطية منعاً من القراءة والأذكار المشروعة ولأنه لو غطى بيده فقد ترك سنة اليد وقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام كفوا أيديكم في الصلاة ، ولو غطاه بثوب فقد تشبه بالمجوس لأنهم يتلثمون في عباداتهم النار والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن التلثم في الصلاة إلا إذا كانت التغطية لدفع التثاؤب فلا بأس.اهـ
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في الإنصاف(١/٣٣١):

الصحيح من المذهب: أن تغطية الوجه والتلثم على الفم ولف الكم مكروه ، وعليه الأصحاب ، وقطع به كثير منهم.اهـ
– حالات يجوز فيها تغطية الفم في الصلاة:
الحالة الأولى: إذا تثاءب ، جاز له وضع يده على فيه ، وكذا إذا عطس.
الثانية: إذا كانت رائحة الفم تؤذي المصلين ، أو به مرض ، جاز له تغطيته.
الثالثة: إذا كانت المرأة تصلي بحضرة رجال أجانب ، جاز لها تغطية وجهها في الصلاة.

كتبه/

بدر محمد بدر العنزي.

٢٩/٢/١٤٣٧هـ

@ حكم استقبال النار في الصلاة @

– حكم استقبال النار في الصلاة –
كرهه طائفة من أهل العلم استقبال النار في صلاة ، وعدوه من التشبه بالمجوس عباد النار

وفي الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:( من تشبه بقوم فهو منهم)

رواه أبو داود (٤٠٣١) وسكت عنه

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(٢٥/٣٣١): حديث جيد.اهـ

وصحح إسناده ، الحافظ العراقي في تخريج الإحياء(١/٣٥٩)

وحسنه ، الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح(١٠/٢٨٢) والعلامة الزرقاني في مختصر المقاصد(١٠١٢)
قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري(٣/٢٠٩) :

 كره أكثر العلماء الصلاة إلى النار منهم: ابن سيرين كره الصلاة إلى تنور وقال: هو بيت نار. 

وقال سفيان: يكره أن يوضع السراج في قبلة المسجد.

وقال مهنا: سألت أحمد عن السراج والقنديل يكون في قبلة المسجد؟ قال: أكرهه.

ونقل الفرج بن الصباح عن أحمد قال: إذا كان التنور في قبلة لا يصلى إليه كان ابن سيرين يكره أن يصلي إلى التنور.

ووجه الكراهة: أن فيه تشبها بعباد النار في الصورة الظاهرة ، فكره ذلك ، وإن كان المصلي يصلي لله ، كما كرهت الصلاة في وقت طلوع الشمس وغروبها لمشابهة سجود المصلي فيه سجود عباد الشمس لها في الصورة ، وكما تكره الصلاة إلى صنم والى صورة مصورة.اهـ
قال العلامة ابن ضويان في منار السبيل(٨٩):

فصل مكروهات الصلاة: ويكره استقبال نار ، نص عليه لأنه تشبه بالمجوس.اهـ
والكراهة خاصة في استقبالها ، أما إذا جعلها عن يمينه أو عن شمالها أو جعلها خلفه فلا كراهة.
– مسألة:

هل حكم المدفأة حكم النار أم لا؟

الجواب: المدفأة نوعان:

النوع الأول: مدفأة تعمل بالغاز ولها لهب ، وهذه يكره استقبالها في الصلاة ، لأنها نار.

النوع الثاني: مدفأة تعمل بالكهرباء وليس لها لهب

وهذه لا تسمى ناراً في أصح القولين ، ولا يكره استقبالها.

كتبه/

بدر محمد البدر العنزي.

٢٨/٢/١٤٣٧هـ

@ حكم إمامة الفاسق @

– حكم إمامة الفاسق –
الفسق نوعان:

الأول: فسق اعتقادي ، كبدعة الإرجاء ونحوها ، وهذا تنازع أهل العلم في صحة إمامته على قولين مشهورين، أحدهما: تصح إمامته ، قاله الإمام أحمد وغيره ، والآخر: تصح إمامته إذا لم يكن داعية إلى بدعته فإن كان داعية لم تصح ، قاله الإمام أحمد في رواية وغيره.
الثاني: فسق عمل ، كالزنى وشرب الخمر ونحوهما ، وهذا أيضاً تنازع أهل العلم في صحة إمامته على قولين ، أحدهما: لا تصح إمامته نص عليه الإمام أحمد ، والآخر: تصح إمامته وهو قول للإمام أحمد وبه قال أكثر أهل العلم.
قال العلامة عبدالرحمن المقدسي في الشرح الكبير(٥٥٢): الفاسق ينقسم إلى قسمين:

فاسق من جهة الاعتقاد ، وفاسق من جهة الأفعال.

فأما الفاسق من جهة الاعتقاد ، فمتى كان يعلن بدعته ويتكلم بها ويدعو إليها ويناظر لم تصح إمامته وعلى من صلى وراءه الإعادة.

قال الإمام أحمد: لا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية إلى هواه ، وقال: لا تُصل خلف المرجئ إذا كان داعية.

وقال أحمد في رواية أبي الحارث:لا يصلى خلف مرجئ ولا رافضي ولا فاسق إلا أن يخافهم فيصلي ثم يُعيد.

وقال الإمام أبو داود: متى صليت خلف من يقول:القرآن مخلوق ، فأعد.

وعن الإمام مالك: لا تُصلِّ خلف أهل البدع.

والرواية الثانية: تصح الصلاة خلف أهل البدع.

قال الأثرم: قلت: لأبي عبدالله: الرافضة الذين يتكلمون بما تعرف؟قال: نعم ، آمره أن يُعيد. قيل له: وهكذا أهل البدع؟ قال: لا تُصلِّ خلف المرجئ إذا كان داعية. فدل على أنه لا يعيد إذا لم يكن داعية ، وقال الحسن والشافعي: الصلاة خلف أهل البدع جائزة بكل حال.

وأما الفاسق من جهة الأعمال ، كالزاني والذي يشرب ما يُسكره ، فروي عنه أنه لا يصلى خلفه

فإنه قال: لا تُصل خلف فاجر ولا فاسق.

وعنه أن الصلاة خلفه جائزة وهو مذهب الشافعي ، وكان ابن عمر يصلي مع الحجاج ، والحسن والحسين وغيرهما من الصحابة يصلون مع مروان

وصلوا وراء الوليد بن عقبة وقد شرب الخمر ، فصار هذا إجماعاً.اهـ
وقال الإمام المرداوي في الانصاف(٤/٤٣٥): الفاسق فيه روايتان ، إحداهما: لا تصح إمامته

وهو المذهب ، سواء كان فسقه من جهة الاعتقاد أو من جهة الأفعال من حيث الجملة ، وعليه أكثر الأصحاب.

والرواية الثانية: تصح ، وتكره. وعنه تصح في النفل.اهـ
فائدتان:

الأولى: قال عبدالرحمن المقدسي في الشرح الكبير(٥٥٢):وأما الجمع والأعياد فتصلى خلف كل بر وفاجر ، وقد كان أحمد يشهدها مع المعتزلة ، وكذلك من كان من العلماء في عصره.اهـ
الثانية: حكم الصلاة خلف مجهول الحال.

قال عبدالرحمن المقدسي في الشرح الكبير(٥٢٢): قال ابن عقيل: تصح الصلاة ولا إعادة عليه لأن ذلك مما يَخفى فأشبه الحدث والنجش. وقال شيخنا: الصحيح أن هذا ينظر فيه فإن كان ممن يُخفى بدعته وفسوقه صحت صلاته وإن كان ممن يظهر ذلك وجبت الإعادة ، على الرواية التي تقول بوجوب إعادتها خلف المبتدع.اهـ

كتبه/

بدر محمد البدر العنزي.

٢٤/٢/١٤٣٧هـ

@ الفرق الغريب والفرد @

مباحث في علم مصطلح الحديث        

        – الفرق الغريب والفرد –
ظاهر صنيع الأئمة الحفاظ ، أن الغريب والفرد لفظان لمعنى واحد ، لا تغاير بينهما ، فكلاهما يطلق ويراد به التفرد ، وربما فرّق بعض النقاد بينهما.
قال الحافظ ابن عساكر في مجالسه(٣٦):

حديث ( إن الله يعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء ) حديث غريب تفرد به سيار العنزي.اهـ
وقال الحافظ ابن عساكر في مجالسه (٣٨):

حديث ( اطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار…) قال ابن شاذان: غريب تفرد به أبو العيناء عن أبي عاصم.اهـ
وقال الحافظ ابن الملقن في المعين(٧٩) حديث (إن الأعمال بالنيات) فرد غريب.اهـ
قال الحافظ ابن حجر في النزهة(٨١): الغريب والفرد مترادفان لغة واصطلاحا ، إلا أن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته ، فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق ، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي وهذا من حيث إطلاق الاسمية عليهما وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون فيقولون في المطلق والنسبي : تفرد به فلان أو أغرب به فلان.اهـ
قال الحافظ السخاوي في التوضيح الأبهر(١/٤٧):

الفرد هو ما تفرد الراوي به عن جميع الرواة ولو تعددت الطرق إليه وهذا هو المطلق ، أو كان التفرد في جهة خاصة كقولهم تفرد به أهل مكة وهو النسبي إلا أن يكون تجوز بإرادة واحد منها ونحوه أي المثال كتفرد به فلان عن فلان مما له طرق سواه ، الغريب : والغريب وهو ما تفرد به واحد عن الزهري وشبهه كمالك مما يجمع حديثه وحينئذ فهو والفرد النسبي سواء بل هما مشتركان في المطلق أيضا وقد أشار ابن الصلاح إلى افتراقهما فيما إذا كان المنفرد به من مكة أكثر من واحد فإنه حينئذ يكون فرداً لا غريباً فكل غريب فرد ولا عكس.اهـ
كتبه/

بدر محمد البدر العنزي.

٢٣/٢/١٤٣٧هـ

@ صفات الداعية @

– صفات الداعية –
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
فهذه بعض الصفات التي ينبغي على كل داعية إلى الله أن يتحلى بها وهي:
أولًا: الإخلاص.

يجب على الداعية أن يكون مخلصاً لله في دعوته لا يريد بدعوته رياء ولا سمعة ، ولا يبحث عن ثناء الناس ، إنما يدعو إلى الله يريد ما عند الله

ويحرص على إقامة دين الله وإصلاح عباد الله.
قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ)
وقال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ)
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول:(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرءاً ما نوى)

رواه البخاري(١) ومسلم(١٩٠٧)
قال الحافظ ابن الملقن في المعين(٨٢): هذا الحديث أصل في الإخلاص ، وشواهده كثيرة من الكتاب والسنة.اهـ
فالأخلاص واجب على كل داعية يدعو إلى الله ، لا يدعو إلى نفسه ولا جماعته ولا عشيرته ، وإنما يدعو إلى الله لا إلى غيره ، كما قال تعالى (أدعو إلى الله).
ثانيًا: العلم.

ينبغي على الداعية أن يتحلى بالعلم ، يدعو على علم لا على جهل ، قال تعالى ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ) يعني على علم.
وقال تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا في الدين) يعني يتعلموا العلم الشرعي (ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون) يعني يدعونهم.
والدعوة إذا كانت على علم نفعت ، وكانت سبباً في انتشار الخير بين الناس ، وإذا كانت على جهل أضرت ، وكانت سبباً في انتشار الشر بين الناس.
قال العلامة ابن باز في الفتاوى(١/٣٤٥): يجب عليك أيها الداعية أن تكون على بينة في دعوتك أي: على علم، لا تكن جاهلاً بما تدعو إليه: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ } فلا بد من العلم، فالعلم فريضة، فإياك أن تدعو على جهالة، وإياك أن تتكلم فيما لا تعلم، فالجاهل يهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، فاتق الله يا عبد الله، إياك أن تقول على الله بغير علم، لا تدعو إلى شيء إلا بعد العلم به، والبصيرة بما قاله الله ورسوله، فلا بد من بصيرة وهي العلم، فعلى طالب العلم وعلى الداعية، أن يتبصر فيما يدعو إليه، وأن ينظر فيما يدعو إليه ودليله، فإن ظهر له الحق وعرفه دعا إلى ذلك، سواء كان ذلك فعلًا أو تركًا، فيدعو إلى الفعل إذا كان طاعة لله ورسوله، ويدعو إلى ترك ما نهى الله عنه ورسوله على بينة وبصيرة.اهـ
وقال لنا العلامة صالح الفوزان: الدعوة لابد أن تكون على علم وبصيرة ، لا تكون على جهل ، لأن الداعية إلى الله قد تعرض له المسائل وتعرض له الشبهه ، فلابد أن يكون عالماً لكي يرد على المسائل ويرد على الشبهه ، وأما الجاهل فلا يعرف كيف يرد على المسائل والشبهه ، فيفسد ولا يصلح.اهـ
ثالثاً: الحكمة.

ينبغي على الداعية أن يكون حكيماً في دعوته ويتحلى بالصفات الفاضلة الحميدة من حُسن خُلق وطيب لسان ولين جانب.

قال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
وقال تعالى في قصة موسى وهارون: ( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه) 

رواه مسلم(٢٥٩٣)
وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إن الله يحب الرِّفق في الأمر كله)

رواه البخاري(٦٣٩٥)
وعنها رضي الله عنها قالت: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الرفق لا يكون في شيء إلَّا زانه ، ولا يُنزع من شيء إلَّا شانه)

رواه مسلم(٢٥٩٤)
والداعية أحوج الناس إلى الرفق في دعوته

فعليه بالرفق واللين ، واجتناب الشدة والغلظة والقسوة.

قال تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ )
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (يَسروا ولا تُعسروا، وبَشروا، ولا تُنفروا)

رواه البخاري(٦٩)
قال لي العلامة صالح اللحيدان: عليك بالحكمة في دعوتك ، فلابد أن تكون حكيماً ، تدعو بالحكمة

كما قال تعالى(ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة)

فلابد من الحكمة ، واحرص على محبة الناس لك

فإذا أحبك الناس أحبوا دعوتك ، وإذا كرهك الناس لن يقبلوا دعوتك ، فأهم ما عليك هو الحكمة في دعوتك.اهـ
رابعاً: الصبر على الدعوة.

ينبغي على الداعية أن يتحلى بالصبر

لأنه قد تعتريه بعض الصعاب والمشاق ، فلا بد أن يصبر ويحتسب الأجر من الله.

قال تعالى ( وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )
وقال تعالى ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ )
وقال تعالى عن لقمان (يـٰبنى أقمـ الصلوٰة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور)
قال المفسرون: أوصاه بالصبر لأنه لا يأتي أحد يدعو إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا ويعادى ويؤذى من الجهال والسفهاء ومن سلك مسلكهم ، فعليه بالصبر واحتساب الأجر.

والتأسي بالأنبياء والرسل فقد أصابهم في الدعوة إلى الله ما أصابهم ، فصبروا على دعوتهم.

قال تعالى(فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ )
قال العلامة عبدالعزيز بن باز في الفتاوى(٩/٢٣٧): الواجب على الدعاة التحمل والصبر وعدم العجلة، حتى يفقهوا الناس وحتى يرشدوا الناس، فيعلموا ما أوجب الله عليهم وما حرم عليهم عن بصيرة، الواجب التأني والتثبت حتى يفقه العامي ويفقه المتعلم ما قيل له، ولا مانع من ترداد الكلام وإيضاحه بأنواع العبارات التي توضح للسائل أو للحاضرين مراد المعلم ومراد المرشد. لأن الحاضرين قد يكون فيهم من لا يفهم لغة المعلم ولغة المرشد فيكرر العبارات ويوضحها بالعبارات التي يفهمونها والألفاظ التي يفهمونها حتى يكون البيان كاملا وحتى تقوم الحجة ولا بد من الصبر كما قال الله تعالى (وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ).اهـ

كتبه/

بدر محمد بدر العنزي

عضو الدعوة والإرشاد

بحفر الباطن.

٢٠/٢/١٤٣٧هـ

@ صحيح فضائل الأعمال (2) @

– صحيح فضائل الأعمال:(١)
 – أعمال من عملها غفر له ما تقدم من ذنبه 
١- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)

 رواه أحمد(١٠١١٧) والبخاري (١٨٠٢) ومسلم(١٧٨١)والترمذي(٦٨٣) وابن ماجه(١٣٢٦) وابن خزيمة في صحيحه(١٨٩٤) وابن الجارود في المنتقى(٤١٠)
٢- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه)

 رواه البخاري (١/١٢٤) ومسلم(١٧٧٦) وأبوداود(١٢٤١) والترمذي(٨٠٨) وابن خزيمة في صحيحه(٢٢٠٢)
٣- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه)

رواه أحمد(١٠١١٧) والبخاري (١٨٠٢) ومسلم(١٧٨١) والترمذي(٦٨٣) وابن ماجه(١٣٢٦) وابن خزيمة في صحيحه(١٨٩٤) وابن الجارود في المنتقى(٤١٠)
تنبيه:

روى أحمد في مسنده(٨٩٨٩) والنسائي في سننه(٢٥١٢) حديث أبي هريرة بلفظ: (غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)

وزيادة (ما تأخر) شاذة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع 

(١٠/٣١٥): ثبت في الصحيح أن هذه الآية لما نزلت قال الصحابة يا رسول الله هذا لك فما لنا؟ فأنزل الله: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) ، فدل ذلك على أن الرسول والمؤمنين علموا أن قوله : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) مختص به دون أمته.اهـ
– فائدة:

ليلة القدر ، ليلة مباركة تتنقل في آحاد العشر الأواخر من رمضان ، في أصح أقوال العلماء.

٤- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قال: (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يُحدِّث فيها نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه)

رواه أحمد(٤١٨) و البخاري(١٥٩) ومسلم(٥٣٩) والنسائي(١/٨٣) وابن الجارود في المنتقى(٦٦) وابن حبان في صحيحه(١٠٥٨)
٥- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول:(مَنْ توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى غير ساهٍ ولا لاهٍ ، غفر له ما تقدم من ذنبه)

رواه أحمد(١٧٤٤٨)

قال الأرنؤوط في في مسند أحمد(٢٨/٦٥٢): صحيح لغيره.
وفي رواية عند ابن حبان في صحيحه(١٠٤٢) عن عقبة بلفظ ( من توضأ كما أُمر وصلى كما أُمر غُفر له ما تقدم من ذنبه)

صححه الحافظ السيوطي في الجامع الصغير(٨٦٠٦)
٦- عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام(من توضأ فأحسن وُضُوءه ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غُفر له ما تقدم من ذنبه)

رواه أحمد(١٧٠٥٤) وعبد بن حميد في مسنده(٢٨٠) وأبو داود(٩٠٥) والبزار في مسنده(٨٧١٧) والحاكم(٤٥٦) وقال: حديث صحيح على شرط مسلم. وأقره الذهبي في التلخيص(٤٥٦)

وحسنه الألباني في سنن أبي داود(٩٠٥)
٧- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (ما من مسلم تحضُرُه الصلاة المكتوبة فيُحسن وُضُوءها ورُكُوعها وخُشوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة)

رواه ابن حبان في صحيحه(١٠٤٤)

قال الأرنؤوط في صحيح ابن حبان(٣/٣١٩): إسناده صحيح على شرط مسلم.
٨- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه)

رواه أحمد(٩٩٢٣) والبخاري(٧٩٦) ومسلم(٩١٣)
٩- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)

رواه أحمد(٩٩٢١) والبخاري(٧٨٠) ومسلم (٩١٥) وابن خزيمة(٥٧٠)
وفي رواية عند ابن خزيمة في صحيحة (٥٧٥) (إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقولوا: آمين ، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه).
وفي رواية آخر عند ابن خزيمة (٥٦٩) (إذا أمن القارئ فأمنوا فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه).
تنبيه:

قوله (فأمنوا) أي عقب تأمين الإمام لا قبله ولا معه.
١٠- عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من أكل طعاماً فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غفر له ما تقدم من ذنبه)

رواه الترمذي(٣٤٥٨) وحسنه ، وابن ماجه(٣٢٨٥)

وحسنه الألباني في سنن الترمذي(٣٤٥٨)
– توضيح:

المراد بقوله صلى الله عليه وسلم (غفر له ما تقدم من ذنبه) المراد صغائر الذنوب لا الكبائر ، لأن الكبائر لابد لها من توبة ، قال تعالى(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً)

قال العلامة المناوي في فيض القدير(٦/١٣٥):

المراد الصغائر بقرينة قوله في الخبر المار (ما اجتنبت الكبائر).اهـ
كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١/٢/١٤٣٧هـ