@ الخبر المحتف بالقرائن @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

     – الخبر المحتف بالقرائن –
– الخبر المحتف بالقرائن: هو الحديث المقبول الذي احتفت به أمور زائدة على شروط الحديث المقبول.
– فائدة القرائن:

القرائن تزيد الحديث المقبول قوة.
– أنواع القرائن:
١- الحديث إذا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، ولم يبلغ حد التواتر.
٢-الحديث المشهور إذا كانت له طرق متباينه

سالمة من ضعف الرواة والعلل.
٣- الحديث المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين

ولا يكون غريباً.
قال الحافظ ابن حجر في النزهة(٧٤):

والخبر المحتف بالقرائن أنواع:

منها: ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ حد التواتر ، فإنه قد احتفت به قرائن منها 

جلالتهما في هذا الشأن ، وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما ، وتلقي العلماء كتابهما بالقبول.

ومنها: المشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل.

ومنها: المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين حيث لا يكون غريباً.

ومحصل الأنواع الثلاثة التي ذكرناها:

أن الأول: بختص بالصحيحين

والثاني: بما له طرق متعددة

والثالث: بما رواه الأئمة.اهـ

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

١٣/١٠/١٤٣٦هـ

@ أنواع الرواية @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

            – أنواع الرواية –
رواية الحديث على ثمانية أنواع.
قال القاضي عياض في الإلماع(٧٧):

اعلم أن طريق النقل ووجوه الأخذ وأصول الرواية على أنواع كثيرة ويجمعها ثمانية ضروب وكل ضرب منها له فروع وشعوب ومنها ما يتفق عليه في الرواية والعمل ومنها ما يختلف فيه فيهما جميعاً أو في أحدهما.اهـ
وهذه الأنواع هي:
النوع الأول: السماع من لفظ الشيخ.

وهو نوعان:

الأول: إملاء : وهو أن يَجلس الشيخ وحوله طلابه معهم الأقلام والأوراق ، فيتكلم الشيخ بما فتح الله عليه من العلم وطلابه يكتبون ما يملي عليهم.
والثاني: تحديث : هو أن يحدث الشيخ من غير إملاء سواء كان من حفظه أو من كتابه.
قال القاضي عياض في الإلماع(٧٧): السماع من لفظ الشيخ أرفع درجات أنواع الرواية عند الأكثرين.اهـ
ويجوز في السماع من لفظ الشيخ أن يقول السامع: حدثنا أو أخبرنا أو أنبأنا أو سمعت أو قال لنا أو ذكر لنا ، ونحو ذلك.
قال القاضي عياض في الإلماع(٧٧): ولا خلاف أنه يجوز في هذا أن يقول السامع منه: حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت فلاناً يقول وقال لنا فلان وذكر لنا فلان.اهـ
النوع الثاني: القراءة على الشيخ ، وتسمى العرض لأن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه.

وهو نوعان:

الأول: قراءتك أنت على الشيخ.

الثاني: قراءة طالب أخر على الشيخ وأنت تسمع.
قال القاضي عياض في الإلماع(٧٩): ولا خلاف أنها رواية صحيحة.اهـ
ويجوز في القراءة على الشيخ أن يقول السامع:

أخبرنا أو قرئ على فلان وأنا أسمع.

ويقول القارئ: قرأت على فلان.
وجوّز الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٦٢)

في القراءة على الشيخ أن يقول: حدثنا فلان قراءة عليه أو أخبرنا قراءة عليه ونحو ذلك.اهـ
النوع الثالث : المناولة.

هو أن يناول الشيخ الطالب كتابه مقتصراً على قوله: ( هذا سماعي أو رواياتي ).

وهي نوعان:

الأول: مناولة مقرونة بالإجازة ، وهذه صحيحة

الثاني: مناولة غير مقرونة بالإجازة ، وهذه لا تصح.

النوع الرابع: المكتابة.

هي أن يكتب الشيخ لتلميذه شيء من حديثه أو رواياته.

وهي نوعان:

الأول: مكاتبة مقرونة بالإجازة ، وهذه صحيحة

الثاني: مكاتبة غير مقرونة بالإجازة ، وهذه لا تصح.

النوع الخامس: الإجازة.

والإجازة جائزة عند جمهور المحدثيين ،

وادعى القاضي أبو الوليد الباجي الإجماع على صحة الإجازة ، ذكره عنه القاضي عياض في الإلماع(٨٩)

ورد الإجماع الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٧١) قال: قد خالف في جواز الرواية بالإجازة جماعات من أهل الحديث والفقهاء والأصوليين وذلك إحدى الروايتين عن الشافعي روي عن صاحبه الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي لا يرى الإجازة في الحديث ، قال الربيع: أنا أخالف الشافعي في هذا.اهـ

 

وهي أنواع:

أولاً: إجازة من معين لمعين : 

كأن يقول الشيخ أجزتك يا فلان أن تروي عني كتابي الفلاني ، وهذا النوع جائز عند أكثر أهل العلم.
ثانياً: إجازة لمعين في غير معين :

كأن يقول الشيخ: أجزتك يا فلان أن تروي عني جميع مروياتي ، وهذا النوع جائز عند أكثر أهل العلم.
ثالثاً: إجازة لغير معين ، وتسمى الإجازة العامة.

وهي أن يقول الشيخ: أجزت كل مسلم أو أجزت الموجودين أو أجزت كل أهل بلدي.

وهذا النوع في صحته خلاف. 
رابعاً: إجازة لمجهول أو إجازة بمجهول :

كأن يقول الشيخ: أجزت عبدالله المكي ، وفيه جملة يشتركون بهذا الاسم ولم يعين أحداً.

أو يقول الشيخ: أجزت عبدالله أن يروي عني كتاب السنن ، وله عدة كتب في السنن ولم يعين كتاباً.

وهذا النوع لا يصح.

قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٧٤):

هذه إجازة فاسدة لا فائدة لها.اهـ
خامساً: إجازة لمعدوم.

وهو أن يقول الشيخ: أجزت لمن يولد لفلان وذرية ذريته.

وهذا النوع فيه خلاف .

النوع السادس: الإعلام.

وهو إعلام الشيخ للطالب أن هذه الكتب روايته.

وقد جوزها بعض الحفاظ ومنعها آخرون.

والتحقيق جوازها إذا كانت مقرونة بالإجازة

وبه قال الحافظ ابن حجر في النخبة(١٣)

والحافظ الصنعاني في إسبال المطر(٢٤٢)

النوع السابع: الوصية. أي وصية الشيخ بكتبه لتلميذه.

قال العلامة القاسمي في قواعد التحديث(٢١٢):

جوز بعضهم للموصى له روايته عنه تلك الوصية لأن في دفعها له نوعاً من الإذن وشبهاً من المناولة وصحح الأكثرون المنع.اهـ

والصحيح جواز الرواية بالوصية إذا كانت مقرونة بالإجازة .

وبه قال الحافظ ابن حجر في النخبة(١٣) والحافظ الصنعاني في إسبال المطر(٢٤٢)

النوع الثامن: الوجادة.

وهي أن يجد الطالب حديثاً أو كتاباً بخط شيخه

وهذه فيها خلاف.

والتحقيق جواز الوجادة إذا كانت مقرونة بالإجازة

وبه قال الحافظ ابن حجر في النخبة(١٣)

والحافظ الصنعاني في إسبال المطر(٢٤٢)

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

٧/١٠/١٤٣٦هـ

@ موقف المسلم من الفتن @

– موقف المسلم من الفتن –
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
– معنى الفتن:
الفتن جمع فتنة.

قال ابن فارس في مقاييس اللغة(٤/٤٧٢):

 الفاء والتاء والنون: أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار.اهـ
وقال الأزهري في تهذيب اللغة(١٤/٢١١):

جماع معنى الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان.اهـ
والفتن نوعان:
– النوع الأول : فتن خاصة.

وهي الفتن التي تخص المرء بعينة ، كفتنة المال والولد ونحوهما

قال تعالى ( إنما أموٰلكمـ وأولٰدكمـ فتنة والله عنده أجر عظيمـ )
قال الحافظ النووي في شرح مسلم (١/١٨٤):

وفتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من فرط محبته لهم وشحه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير كما قال تعالى (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) أو لتفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم فإنه راع ومسؤول عن رعيته وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا فهذه كلها فتن تقتضي المحاسبة ومنها ذنوب يرجى تكفيرها بالحسنات كما قال تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات).اهـ
– موقف المسلم من الفتن الخاصة:

عليه أن يتقرب إلى الله سبحانه تعالى بالأعمال الصالحة ، من صلاة وصيام وصدقة وغير ذلك.
عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )

رواه البخاري (٥٢٥) ومسلم (١٤٤)

– النوع الثاني: فتن عامة.

وهي الفتن التي تعم كل الناس.

قال تعالى ( الٓمٓـ أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهمـ فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكـٰذبين )
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٦/٢٦٣):

هذا استفهام إنكار ، ومعناه أن الله لابد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان.اهـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن يُشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به )

رواه البخاري (٣٦٠١) ومسلم (٢٨٨٦)
– والفتن العامة إذا وقعت ذهبت عقول الناس ، والتبست الأمور.
قال حذيفة رضي الله عنه :( ما الخمر صرفاً بأذهب بعقول الرجال من الفتن )

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه(٧/٤٧٥)
وقال علي رضي الله عنه : ( إن الفتنة إذا أقبلت شبّهت وإذا أدبرت أسفرت )

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٧/٥٢٨)
وبوب الإمام نعيم بن حماد في كتابه الفتن(١/٦٢)

باب: ما يذكر من انتقاص العقول وذهاب أحلام الناس في الفتن.
وبوب الإمام عثمان الداني في كتابه السنن الواردة في الفتن(١/٣٥٠): باب: ما جاء في ذهاب العقول عند وقوع الفتن.
وبوب العلامة حمود التويجري في كتابه إتحاف الجماعة(١/٢٣): باب: أن الفتن تُذهب العقول.

– موقف المسلم من الفتنة العامة:

ينبغي للمسلم إذا وقعت الفتن العامة أن يتمسك بثلاثة أصول ، هي المنجية من هذه الفتن

بإذن الله تعالى.
الأصل الأول: الاعتصام بالكتاب والسنة.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( تركتوا فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه )

رواه مالك بلاغاً (١٧١٨)

ورواه البيهقي في السنن الكبرى(١٠/١١٤) موصولاً عن ابن عباس.

قال الحافظ ابن عبدالبر في التمهيد(٢٤/٣٣١):

هذا محفوظ معروف مشهور عن النبي عليه الصلاة والسلام عند أهل العلم شهرة يكاد يستغنى بها عن الإسناد.اهـ
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ )

رواه أحمد(٤/١٢٦) وأبوداود(٤٦٠٧)

وقال الترمذي(٢٦٧٦): هذا حديث حسن صحيح.
قال العلامة ابن باز في الفتوى (٥/١٢٣):

فجدير بأهل العلم من الشباب وغيرهم أن يعضوا على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام

بالنواجذ وأن يتفقهوا فيهما ، مع سؤال علماء الحق عما أشكل عليهم من الأحكام.اهـ

الأصل الثاني: عدم الخوض في الفتن والرجوع إلى العلماء الراسخين.
قال تعالى ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( ليس منا من لم يعرف لعالمنا حقه )

رواه أحمد(٥/٣٢٣) وقال الهيثمي في المجمع(١/١٢٧): إسناده حسن.

وقال الألباني في صحيح الجامع(٥٤٤٣): حسن.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام عن الفتن :( أفلح من كف يده )

رواه أبو داود (٤٢٤٩) وصححه الألباني.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال( املك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك )

رواه الترمذي(٢٤٠٦) وقال حديث حسن.

وقال الألباني: حديث صحيح.
قال الحسن البصري رحمه الله :(إن الفتنة إذا أقبلت عرفها العالم ، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل)

رواه البخاري في التاريخ الكبير(٤/٣٢١)
وقال العلامة الفوزان في محاضرات في العقيدة(٣/١١٩): أهل العلم هم أهل القول في الدنيا والآخرة .. والله سبحانه وتعالى أمر بالرجوع إلى أهل العلم وأهل الفقه عند المشكلات وسؤالهم .. وأهل العلم أيضاً هم أهل الثبات عند فتن الشهوات أو الشبهات.

إلى أن قال: فالعلماء لهم مكانتهم ولهم قدرهم ولا يصلح الناس بدون وجود العلماء ، والمراد بالعلماء أهل العلم النافع والعمل الصالح الذي بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام.اهـ

الأصل الثالث: لزوم جماعة المسلمين وإمامهم.
قال حذيفة رضي الله عنه للنبي عليه الصلاة والسلام لما ذكر الفتن ، فما ترى إن أدركني ذلك؟

قال النبي عليه الصلاة والسلام ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ) قلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال ( فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )

رواه البخاري (٧٠٨٤)
وعن عمر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال ( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة )

رواه الترمذي(٢١٦٥) وقال: حديث حسن صحيح غريب.

وقال الحاكم في المستدرك(١/١١٤): صحيح على شرط الشيخين.

وقال القاري كما في التحفة(٦/١٦):إسناده صحيح ، ورجاله رجال الصحيح إلا إبراهيم بن الحسن الخثعي ، فإنه لم يخرج له الشيخان وهو ثقة ثبت.اهـ
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ( أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله الذي أمر به وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة)

رواه الآجري في الشريعة(١٧) بسند حسن
– ختاماً:
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها

وما بطن.

عن المقداد رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن السعيد لمن جُنِّب الفتن ) رواه أبو داود( ٤٢٦٣) وصححه الألباني.

 
كتبه:

بدر بن محمد البدر.

٧/١٠/١٤٣٦هـ

@ التغافل عن زلة الأخ @

– التغافل عن زلة الأخ –
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإن التغافل عن الزلات من الصفات الفاضلة الممدوحة.

والتغافل هو الإعراض عن أمر سيء صدر من أخ أو غيره تجاهك وأنت تعرض عنه وكأنك لم تسمعه.
 والتغافل عن أخطاء الآخرين خلق كريم وهو من فعل الكرام.
يروى عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال:

(ما زال التغافل من فعل الكرام)
وروي عن سفيان رحمه الله أنه قال : ( مازال التغافل من شِيَم الكرماء ).

قال تعالى : ((وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ))
قال الإمام القرطبي في تفسيره(١٨/١٨٨):

قال الحسن: ما استقصى كريم قط قال الله تعالى عرف بعضه وأعرض عن بعض.اهـ
قال الحافظ المزي في التهذيب (١٩/٢٣٠): ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ:

ﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻻﺕ ﻣﻦ ﺃﺭﻗﻰ ﺷﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ

ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺠﺒﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻻﻥ ﻭﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﻓﺈﻥ ﺍﻫﺘﻢ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺑﻜﻞ ﺯﻟﺔ ﻭﺧﻄﻴﺌﺔ ﺗﻌﺐ ﻭﺃﺗﻌﺐ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﺍﻟﺬﻛﻲ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪﻗﻖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻊ ﺃﻫﻠﻪ

ﻭﺃﺣﺒﺎﺑﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺟﺮﺍﻧﻪ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : ﺗﺴﻌﺔ

ﺃﻋﺸﺎﺭ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ.اهـ
فينبغي للمسلم أن يتحلى بهذه الصفة الطيبة

وأن يتغافل عن اساءة إخوانه إليه ، ويعفو ويصفح 

عنهم.
كتبه/

بدر بن محمد البدر.

٥/١٠/١٤٣٦هـ

@ ثبوت الجرح والتعديل بقول واحد @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

– ثبوت الجرح والتعديل بقول واحد –

تنازع أهل العلم في ثبوت الجرح والتعديل هل يكتفي بقول عالم واحد أم لابد من اثنين.
– ذهب كثير من أهل العلم: أنه لا يثبت الجرح والتعديل إلا بقول اثنين ، حكاه الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح(١٣٨)
– وذهب جمع من أهل العلم: إلى ثبوت الجرح والتعديل بقول واحد ، حكاه الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث (١٣٨) عن الخطيب البغدادي وصححه.

وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٢٩٠): ويكفي قول الواحد في التعديل والتجريح على الصحيح.اهـ

وكذا قال الحافظ ابن حجر في النخبة(١٥)
والتحقيق: ثبوت الجرح والتعديل بقول واحد

بشرط أن يكون ثقة عالماً عارفاً بأصول الجرح والتعديل.

لقوله تعالى: ( يـٰأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا )

مفهوم المخالفة: إن جاء ثقة بنبإ فإنه يقبل قوله ولا يشترط التثبت.
قال الحافظ الصنعاني في إسبال المطر(٢٧٠):

وينبغي أن لا يقبل الجرح والتعديل إلا من عدل مقسط متيقظ فلا يقبل جرح من أفرط فيه ، فجرّح بما لا يقتضي رد حديث المحدث ، كما لا تقبل تزكية من أخذ بمجرد الظاهر فأطلق التزكية.اهـ
تنبيه:

قال الحافظ الصنعاني في إسبال المطر(٢٧٠):

وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل ، فإنه إن عدّل بغير تثبت كان كالمثبت حكماً ليس بثابت ، فيخشى عليه أن يدخل في زمرة من روى حديثاً وهو يظن أنه كذب.

وإن جرح بغير تحرز أقدم على الطعن في مسلم برئ من ذلك ووسمه بمسيم سوء يبقى عليه عاره أبداً والآفة تدخل تارة في من الهوى والغرض الفاسد ، وكلام المتقدمين سالم من هذا غالباً.اهـ

كتبه:

بدر بن محمد البدر.

٥/١٠/١٤٣٦هـ

@ حكم توبة الكذاب @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

        – حكم توبة الكذاب –
التوبة: هي الرجوع عن معصية الله إلى طاعته.

الكذاب: صيغة مبالغة من الكذب ضد الصدق ،وهو الاخبار عن الشّيء بخلاف ما هو عليه في الواقع.
الكذب نوعان:
النوع الأول: كذب غير متعمد.

وهو ما يقع خطأ من الراوي.

وهذا تقبل توبته لعدم تعمده الكذب.

نص عليه الخطيب البغدادي في الكفاية (١١٨)

قال تعالى: ( وليس عليكمـ جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكمـ )

فإن أصر على الخطأ ولم يرجع عنه ، ردت روايته ولا تقبل ، في أصح قولي العلماء

وبه قال عبدالله بن المبارك وأحمد بن حنبل والحميدي وغيرهم ، ذكره ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٣٠٩)
قال الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح(١٥١):

قال أبو حاتم ابن حبان: إن مَن بُين له خطأه وعلم فلم يرجع عنه وتمادى في ذلك كان كذاباً بعلم صحيح. فقيد ابن حبان ذلك بكونه علم خطأه وإنما يكون عناداً إذا علم الحق وخالفه ، وقيد أيضاً بعض المتأخرين ذلك بأن يكون الذي بين له غلطه عالماً عند المبيّن له ، أما إذا لم يكن بهذه المثابة عنده فلا حرج إذاً.اهـ

النوع الثاني: كذب متعمد.

وهذا له حالتان:

أولاهما: الكذب في حديث الناس.

وهذا إن تاب من كذبه قُبلت توبته.

قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٤٦):

التائب من الكذب في حديث الناس تقبل روايته.اهـ
ثانيهما: الكذب في حديث النبي عليه الصلاة والسلام.

وهذا لا تُقبل روايته أبداً وإن تاب في أصح قولي العلماء ، تغليظاً وزجراً لكذبه على النبي عليه الصلاة والسلام.

قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٤٦):

الكذب متعمداً في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام لا تقبل روايته أبداً وإن حسنت توبته على ما ذكر غير واحد من أهل العلم منهم أحمد بن حنبل وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري.اهـ
وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٣٠٥): قال أبو المظفر المسمعاني: من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه.اهـ
كتبه:

بدر بن محمد البدر.

٥/١٠/١٤٣٦هـ

@ مرتبة تصحيح الإمام الترمذي @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

      – مرتبة تصحيح الإمام الترمذي –
الإمام الترمذي ، أحد أئمة الحديث النقاد الأعلام ، صحح وحسن أحاديث كثيرة في جامعه ، وضعف أحاديث كثرة.
وقد رمي الإمام الترمذي بالتساهل في تصحيحه وتحسينه لبعض الأحاديث التي رواها في جامعه.
قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية (٢/٢١٧):

 قال ابن دِحْيَة: وكم حَسّن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية.اهـ
وقال الحافظ الذهبي في السير(١٣/٢٧٦): جامع الترمذي قاضٍ له بإمامته وحفظه وفقهه ، ولكن يترخّص في قبول الأحاديث ، ولا يُشدّد ، و نفَسهُ في التضعيف رَخو.اهـ
والتحقيق: أن الإمام الترمذي ليس متساهلاً مطلقاً

بل هو إمام ناقد وتصحيحه معتبر ، وربما تسامح في تصحيح أو تحسين بعض الأحاديث حسب اجتهاده ، وأما وصفه بالتساهل مطلقاً ، فليس بصحيح لعدة أمور:
أولاً: أن الحافظ ابن الصلاح وهو من كبار أئمة الحديث النقاد ، ذكر أن جامع الترمذي من الكتب المعتمدة في الصحة في القدر الزائد على ما في الصحيحين.

قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٣١) : ثم إن الزيادة في الصحيح

على ما في الكتابين – يعني صحيح البخاري وصحيح مسلم – يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث كأبي داود وأبي عيسى الترمذي وأبي عبدالرحمن 

النسائي وأبي بكر ابن خزيمة وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم منصوصاً على صحته فيها.اهـ

فلو كان تصحيح الترمذي غير معتبر لما اعتمد الحافظ ابن الصلاح تصحيحه.
ثانياً: أن كبار الأئمة النقاد كانوا يحتجون بتصحيح الترمذي في كتبهم منهم: الحافظ المنذري في كتابه الترغيب والترهيب والحافظ النووي في الأربعين والأذكار وغيرهما والحافظ العراقي في كتابه المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الأحياء من الأخبار ، وغيرهم كُثُر ، فلو كان تصحيحه غير معتبر لما احتج به الأئمة.
ثالثاً: أن الترمذي صحح جملة من أحاديث الضعفاء لتوثيق بعض الأئمة النقاد لهم.
مثال ذلك:

١- عبدالله بن محمد بن عقيل.

ضعفه الأئمة الحفاظ

وحسن الإمام الترمذي له عدة أحاديث في جامعه.

قال الترمذي في جامعه (ح- ٣) : عبدالله بن محمد بن عقيل ، صدوق ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث عبدالله بن محمد بن عقيل ، وقال محمد: وهو مقارب الحديث.اهـ

وقال الترمذي (ح-١٢٨): عن حديث ابن عقيل في المستحاضة.

سألت محمداً عن هذا الحديث؟ فقال:هو حديث حسن ، وهكذا قال أحمد بن حنبل:هو حديث حسن صحيح.اهـ
٢- عبدالرحمن بن أبي الزناد

ضعفه جمع من الحفاظ.

وحسن له الترمذي

قال الترمذي في جامعه (ح- ٩٨): قال محمد: وكان مالك يُشير بعبدالرحمن بن أبي الزناد.اهـ
٣- كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني.

ضعيف عند أكثر أهل العلم.

وحسن له الترمذي عدة أحاديث.

قال العلامة ابن الملقن في البدر المنير(٦/٦٨٨)

 كثير بن عبدالله ، حسّن البخاري حديثاً له،

قال الترمذي: قلتُ للبخاري في حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده: في الساعة التي ترجى يوم القيامة، قال: حديث حسن.اهـ
٤- عبدالله بن زيد بن أسلم.

ضعفه طائفة.

وصحح له الترمذي

قال الترمذي في جامعه (ح-٤٦٦): سمعت أبا داود السجزي يقول سألت أحمد بن حنبل عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم؟ فقال: أخوه عبدالله لا بأس به.

وسمعت محمداً يذكر عن علي بن عبدالله: أنه ضعف عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ، وقال: عبدالله بن زيد بن أسلم ثقة.اهـ
٥- محمد بن عجلان.

ضعفه بعض الأئمة.

صحح له الترمذي

وقال الترمذي(ح-٥١١): حديث حسن صحيح

وسمعت ابن أبي عمر يقول: قال ابن عيينة: كان محمد بن عجلان ثقة مأموناً في الحديث.اهـ
رابعاً: أنه قد يصحح الحديث أو يحسنه على ما وصل إليه اجتهاده ، والترمذي من أهل الصنعة في علم الحديث وهو أهل للاجتهاد.
مثال ذلك:

١- حديث: إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة قال: (أمرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا كنا ثلاثة أن يتقدم أحدنا)

قال الترمذي في جامعه (ح- ٢٣٣): وفي الباب عن ابن مسعود وجابر وأنس ، وحديث سمرة حسن غريب

، وقد تكلم بعض الناس في إسماعيل بن مسلم المكي من قبل حفظه.اهـ

– حسن الترمذي حديث إسماعيل رغم ضعفه لوجود شواهد تعضد حديثه.
٢- حديث فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت:(كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم)

قال الترمذي في جامعه (ح-٣١٥): وفي الباب عن أبي حميد وأبي أسيد وأبي هريرة ، وحديث فاطمة حديث حسن ، وليس إسناده بمتصل ، وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى.اهـ

– حسن الترمذي الحديث رغم تنصيصه على انقطاعه لوجود شواهد تعضده.
٣- حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

قال الترمذي في جامعه (ح-٣٢٢): حديث حسن ، وعمرو بن شعيب هو ابن محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص ، قال محمد بن إسماعيل: رأيت أحمد وإسحاق وذكر غيرهما يحتجون بحديث عمرو بن شعيب ، وقال محمد: وقد سمع شعيب بن محمد عن عبدالله بن عمرو ، ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب إنما ضعفه لأنه يحدث عن صحيفة جده كأنهم رأوا لم يسمع هذه الأحاديث من جده ، وقال علي بن عبدالله وذُكر عن يحيى بن سعيد أنه قال: حديث عمرو بن شعيب عندنا واه.اهـ

– حسن الترمذي حديث عمرو بن شعيب لاحتجاج الأئمة النقاد بحديث عمرو بن شعيب.
٤- رواية أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود عن أبيه.

قال الترمذي في جامعه (ح-٣٦٦) حديث أبي عبيدة بن عبدالله عن أبيه ( كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا جلس في الركعتين الأُوليين كأنه على الرضف)

هذا حديث حسن ، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ، والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون أن لا يطيل الرجل القعود في الركعتين الأوليين.اهـ

– حسن الترمذي حديث أبي عبيدة مع حكمه على روايته بالانقطاع لعمل أهل العلم عليه ، ومن المعلوم أن الحديث الضعيف إذا كان يسير الضعف يعتضد بعمل الأمة به.
قال الحافظ الزركشي في النكت على مقدمة

ابن الصلاح(١٢٣): الحديث الضعيف إذا تلقته الأمة بالقبول عمل به على الصحيح.اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (٥/٤٢٥):

قال البخاري في صحيحه كتاب الوصايا

( ويذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى بالدين قبل الوصية)

 إسناده ضعيف لكن قال الترمذي إن العمل عليه عند أهل العلم، وكأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه وإلا فلم تجر عادته أن يورد الضعيف في مقام الإحتجاج به.اهـ
٥- رواية الحسن البصري عن سمرة.

تنازع العلماء في سماع الحسن من سمرة غير حديث العقيقة.

قال الترمذي في جامعه (ح- ١٨٢): قال محمد : قال علي بن عبدالله: حديث الحسن عن سمرة بن جندب صحيح وقد سمع منه.اهـ

– صحح الترمذي سماع الحسن عن سمرة مطلقاً

لأنه قول علي بن المديني ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وهما من كبار الأئمة النقاد.
– خامساً: من المقرر في علم الحديث أن المكثر في الرواية إذا أصاب في غالب حديثه وأخطأ في بعض لا يقدح هذا الخطأ فيه ولا يقلل من شأنه ، لأن العبرة بالغالب.
قال الإمام أحمد: كان مالك من أثبت الناس وكان يخطأ.

( ذكره ابن رجب في شرح العلل-١٥٠)
وقال الإمام الترمذي في العلل الصغرى(٥٠): لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم.اهـ
وقال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٥٠): يعرف كون الراوي ضابطاً بأن تعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطاً ثبتاً.اهـ
والإمام الترمذي غالب تصحيحه أصاب فيه.
كتبه/

بدر بن محمد البدر.

٤/١٠/١٤٣٦هـ

@ اجتماع الشهرة والغرابة في حديث واحد @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –
– اجتماع الشهرة والغرابة في حديث واحد –

قد يكون الحديث الواحد مشهور من جهة وغريب من جهة أخرى ، والأمثلة على هذا كثيرة جداً منها:
١- حديث شعبة عن همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: ( كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مداً )
قال الحافظ أبو موسى المديني في كتابه اللطائف من دقائق المعارف (٥٣) : هذا حديث مشهور من حديث قتادة، ومن حديث همام عنه أيضاً، غريب من حديث شعبة عن همام لا أعرفه إلا من هذا الوجه.
٢- حديث محمد بن الحجاج الحضرمي عن الخصيب بن ناصح عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن داود الخريبي عن الأعمش عن ذر عن يسيع عن النعمان بن بشير رضي الله عنه

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} يعني قال: ((عن دعائي)) {سيدخلون جهنم داخرين} )
قال الحافظ أبو موسى المديني في كتابه اللطائف(٦٨): هذا حديث غريب من حديث ابن عيينة عن عبد الله بن داود ولم يروه غير الخصيب ولا عنه إلا محمد بن الحجاج.

 وهو مشهور من حديث ذر، ومن حديث الأعمش عنه أيضاً هكذا. ورواه علقمة بن مرثد عن يسيع بن معدان، قال: قال الأشعث بن قيس سمعت النعمان بهذا.اهـ
٣- حديث أبي نعيم الحافظ عن علي بن أحمد بن أبي غسان عن أحمد بن يحيى بن زهير عن أحمد بن المقدام عن محمد بن بكر عن ابن جريج، أخبرني سعد بن سعيد، أخبرني يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كسر عظم الميت ميتاً ككسره حياً )
قال الحافظ أبو موسى المديني في كتابه اللطائف (١٢٣): هذا حديث غريب الإسناد هكذا أورده أبو نعيم في غير موضع.

والمشهور من حديث سعد بن سعيد من غير إدخال يحيى بينهما كذلك.اهـ
٤- حديث شعبة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: ( قلت: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قلت: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: قلت: ثم من؟ قال: ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب )
قال الحافظ أبو موسى المديني في كتابه اللطائف (٢١٥) : هذا حديث مشهور ثابت من حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عالٍ من رواية أبي عاصم الأنصاري عنه.

 وقع لي عالياً من وجوه سواه غريب جداً من حديث شعبة، عن بهز، وغريب أيضاً من حديث عوف، عن شعبة لا أعرفه إلا من هذا الوجه.اهـ
٥- حديث شعبة عن سفيان الثوري عن يزيد بن أبي زياد عن يزيد بن وهب عن أبي ذر رضي الله عنه قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أكلتنا الضبع يعنى السنة فقال: ( أنا لغير ذلك أخوف أن تفتح على أمتي الدنيا فياليت أمتي لا يلبسون الذهب )
قال الحافظ أبو موسى المديني في كتابه اللطائف (٢٣٩): هذا حديث مشهور من حديث سفيان.

وغريب من حديث شعبة عنه.اهـ
٦- حديث أبي إسحاق عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري عن المنهال بن عمرو عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان علي رضي الله عنه يخرج إلينا في القباء المحشو في الصيف وفي الإزار في الشتاء، فأنكر الناس ذلك، فقالوا لأبي ليلى فسأله فقال : ( أما كنت معنا بخير قال: بلى، قال: فإني والله ما وجدت حراً ولا قراً منذ دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم )
قال الحافظ أبو موسى المديني في كتابه اللطائف (٨٦٧): قال الدارقطني: غريب من حديث أبي إسحاق لم نكتبه إلا من هذا الوجه، وهو مشهور عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدث به عنه جماعة.اهـ

كتبه/

بدر بن محمد البدر.

٣/١٠/١٤٣٦هـ

@ كتاب الإمام الترمذي @

– مباحث في علم مصطلح الحديث

           – كتاب الإمام الترمذي –
اختلف أهل العلم في تسمية كتاب الإمام الترمذي على عدة تسميات:
١- الجامع الصحيح ، قاله الإمام أبو عبدالله الحاكم ، كما في المنهل الروي لابن جماعة(٢٢)

وهكذا جاء اسمه في طبعة مصطفى البابي.
٢ الجامع الكبير ، قاله الكتاني في الرسالة المستطرفة (٣٥)
٣- سنن الترمذي ، وهذا قال به طوائف من المحدثيين ، منهم الحافظ الخليلي كما في فضائل الترمذي للقسطلاني (٦٠)
٤- صحيح الترمذي ، قاله الإمام الخطيب البغدادي كما في تدريب الراوي للسيوطي (٩٩)

وهكذا جاء اسمه في طبعة بولاق.
٥- المسند الجامع. قاله القسطلاني في فضائل 

سنن الترمذي (٥٠)
٦- المسند الصحيح. ذكره القسطلاني في فضائل سنن الترمذي(١٠)
٧- مسند الترمذي. قاله الآزدي كم في فضائل سنن الترمذي للقسطلاني (٧٠)
٨- جامع الترمذي ، وهذا هو الأشهر ، وهو الصحيح ، وعليه أكثر المحدثيين. منهم:

 الحافظ ابن نقطة ، كما في فضائل سنن الترمذي للقسطلاني(٨٥)

وابن الأثير في جامع الأصول(١/١٢١)

وابن جماعة كما في المنهل الروي(٥٣)

والذهبي في الموقظة(١٦)

والعراقي في التقييد(٤٦)

وخلق سواهم.
– سبب تسميته بجامع الترمذي.

سمي كتاب الترمذي بالجامع لأنه جمع فيه أنواع الكتب كتاب الأحكام وكتاب الفتن وكتاب الرؤيا وكتاب الزهد وكتاب صفة القيامة وكتاب الرقائق وكتاب الورع وكتاب صفة الجنة وكتاب صفة النار وكتاب العلم وكتاب الأدب وكتاب الأمثال وكتاب القراءات وكتاب التفسير وكتاب الدعوات وكتاب المناقب.
– وأما من سماه ( السنن ) أراد أنه مرتب على الأبواب الفقهية ، كتاب الطهارة وكتاب الصلاة وكتاب الزكاة وهكذا.
– وأما من سماه ( المسند ) أراد أن أحاديثه مسندة من الترمذي إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
– وأما من سماه ( الجامع الصحيح أو صحيح الترمذي ) فليس بصحيح لأمرين:

الأول: أن الترمذي لم يشترط الصحة لكتابه.

الثاني: أنه ضعف عدة أحاديث في كتابه.
كتبه/

بدر بن محمد البدر.

٢٩/٩/١٤٣٦هـ.

@ التحقيق في حجية المسند @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

      – حجية مسند الإمام أحمد – 

– قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن

مسنده : إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً ، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا ليس بحجة.(المصعد الأحمد لابن الجزري-٣١)
– تنازع أهل العلم في معنى كلام الإمام أحمد عن مسنده:

( فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا ليس بحجة )

هل أراد به صحة كل ما في المسند ، أم لم يرد به صحة كل ما في مسنده.
– قيل: أراد به صحة كل ما في المسند عنده ،

قاله الحافظ أبو موسى المديني وغيره.
قال الحافظ أبو موسى المديني في خصائص المسند(٢٧): ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً ولم يورد فيه إلا ما صح عنده،

على ما أخبرنا أبو علي قال حدثنا أبو نعيم(ح)

وأخبرنا ابن الحصين قال أخبرنا ابن المذهب قال أخبرنا القطيعي قال حدثنا عبدالله قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن أبي التياح قال سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال(يُهلك أمتي هذا الحي من قريش،قالوا:فما تأمرنا يا رسول الله قال:لو أن الناس اعتزلوهم)

قال عبدالله:قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه:اضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، يعني خلاف قوله(اسمعوا وأطيعوا واصبروا)

قال أبو موسى: وهذا مع ثقة رجال إسناده حين شذ لفظه عن الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه،فقال عليه ما قلناه وفيه نظائر له.

وذكر الحافظ أبو موسى المديني رحمه الله أمثلة أخرى ثم قال: قد روى لابنه الحديث لكنه ضرب عليه في المسند لأنه أراد أن لا يكون في المسند إلا الثقات ويروي في غير المسند عمن ليس بذاك.اهـ
وقال الحافظ الهيثمي كما في الفتح الرباني(١/٨): إن مسند أحمد أصح صحيحاً من غيره، ولا يوازي مسند أحمد كتاب في كثرته وحسنه.اهـ

– القول الثاني: أنه لم يرد بهذا القول صحة كل ما في المسند ، لأنه أودع في مسنده الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة.

وهذا قاله جمع من أهل العلم منهم القاضي أبو يعلى وابن الجوزي وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم.
قال الإمام ابن الجوزي في صيد الخاطر(٢٤٥):

الإمام أحمد روى المشهور والجيد والرديء ثم قد رد كثيراً مما روى ولم يقل به ولم يجعله مذهباً له ، أليس هو القائل في حديث الوضوء بالنبيذ:مجهول! ومن نظر في كتاب العلل الذي صنفه الخلال رأى أحاديث كثيرة كلها في المسند وقد طعن فيها أحمد.

وقال أيضاً: ونقلت من خط القاضي أبي يعلى في مسألة النبيذ،إنما روى أحمد في مسنده ما اشتهر ولم يقصد الصحيح ولا السقيم ويدل على ذلك أن عبدالله قال: قلت لأبي: ما تقول في ربعي بن خراش عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبدالله بن أبي رواد؟ قلت: نعم ، قال: الأحاديث بخلافه،

قلت فقد ذكرته في المسند؟ قال: صدقت في المسند المشهور ، فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء اليسير، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث: لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه.

ثم قال القاضي: وقد أخبر عن نفسه كيف طريقته في المسند فمن جعله أصلاً للصحة فقد خالفه وترك مقصده.اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى(١٨/٧٢):

ليس كل ما رواه في المسند حجة عنده،وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروف بالكذب عنده وإن كان في ذلك ما هو ضعيف.اهـ
وقال الإمام ابن القيم في الفروسية(٢٧١):

هذه الحكاية قد ذكرها حنبل في تاريخه- أي قول أحمد عن مسنده – وهي صحيحة بلا شك ، لكن لا تدل على أن كل ما رواه في المسند فهو صحيح عنده ، فالفرق بين أن يكون كل حديث لا يوجد له أصل في المسند فليس بحجة وبين أن يقول كل حديث فيه فهو حجة وكلامه يدل على الأول ولا على الثاني ، وقد استشكل بعض الحفاظ هذا من أحمد ، وقال في الصحيحين أحاديث ليست في المسند ، وأجيب عن هذا بأن تلك الألفاظ بعينها وإن خلا المسند عنها فلها أصول ونظائر وشواهد وأما أن يكون متن صحيح لا مطعن فيه ليس له في المسند أصل ولا نظير فلا يكاد يوجد البتة.اهـ
وقال العلامة ابن الملقن في المعين (٣٢٢):

اعلم أن الإمام أحمد لم يلتزم الصحة في مسنده

وإنما أخرج ما لم يُجمع الناس على تركه.اهـ
وقال الحافظ العراقي في التقييد(٤٢):

وأما وجود الضعيف في المسند فهو محقق

بل فيه أحاديث موضوعة وقد جمعتها في جزء

وقد ضعف الإمام أحمد أحاديث فيه.اهـ
– والتحقيق: أن الإمام أحمد لم يرد صحة كل ما في المسند ، لعدة أمور:
أحدها: أنه لم يشترط الصحة لمسنده.

قال القاضي أبو يعلى كما في صيد الخاطر لابن الجوزي(٢٤٥) : وقد أخبر عن نفسه كيف طريقته في المسند فمن جعله أصلاً للصحة فقد خالفه وترك مقصده.اهـ
وأما قول الحافظ ابن حجر في القول المسدد(٢):هذا المصنف العظيم- أي المسند- الذي تلقته الأمة بالقبول والتكريم وجعله إمامهم حجة يرجع إليه ويعول عند الاختلاف عليه.اهـ
فإن تلقي الأمة مسنده بالقبول لا يدل على صحة كل ما فيه.
ثانيها: أن الإمام أحمد روى في مسنده عدة أحاديث ، ضعفها خارج المسند.

 منها:

 ١- عن الزهري عن عبدالرحمن بن أزهر قال: (رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام يتخلل الناس يوم حنين…) رواه أحمد في المسند(١٦٧٨٦)

قال الأثرم قلت لأبي عبدالله أحمد بن حنبل الزهري سمع من عبدالرحمن بن أزهر؟ قال: ما أُراه سمع من عبدالرحمن بن أزهر.

(المراسيل-٧٠٠)
٢- عن عمران بن حصين رضي الله عنه

مرفوعاً ( ما شبع آل محمد من خبز بر ) رواه أحمد في المسند(٤/٤٤١)

قال الخلال في المنتخب من العلل(٥٠): أمر أحمد بالضرب عليه.اهـ
٣- عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً ( إن هذا الدين متين )

رواه أحمد في المسند(٣/١٩٩)

قال الخلال في المنتخب من العلل(٩٠): قال أحمد:منكر.اهـ
ثالثها: أن الإمام أحمد ضعف جملة من الرواة

ممن أخرج لهم في مسنده.

منهم:

 ١- إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة ، روى له في المسند حديثاً واحداً رقم(١٦٣٩٨) عن سلمة بن صخر الزرقي.

قال المروذي سألت أحمد عن إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة : فنفض يده وضعفه وأنكره.

الجامع في العلل والرجال(١/٤١)
٢- السري بن إسماعيل الهمداني ، وروى له في المسند حديثاً واحداً في المسند رقم(١٨٣٦٧) عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.

قال الميموني: ذكر أبو عبدالله : السري بن إسماعيل، فقال: ترك الناس حديثه.

الجامع في العلل والرجال(١/٥٧)

– وأما قول الإمام أحمد رحمه الله عن مسنده:

( فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا ليس بحجة)

فأحسن ما قيل في معناه ، هو ما قاله الإمام ابن الجزري في المصعد الأحمد(٣٦) قال : وأما قوله فما اختلف فيه من الحديث رجع إليه وإلا فليس بحجة، يريد أصول الأحاديث ، وهو صحيح فإنه ما من حديث غالباً إلا وله أصل في المسند.اهـ

كتبه/

بدر محمد البدر.

٢٩/٩/١٤٣٦هـ.