@ الرد الرابع والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم @

الرد الرابع والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم.

في إنكاره عذاب القبر وأنه ليس حقيقياً.

 ينكر عدنان إبراهيم عذاب القبر ، ويدعي أنه ليس حقيقياً والعذاب الحقيقي عذاب يوم القيامة فقط.

يجاب عليه:

أن عذاب القبر حق دل عليه الكتاب والسنة والإجماع.

– الكتاب:
قال تعالى( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً)
يعني في قبورهم ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب)

وقال تعالى( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً) قيل في قبره ( ونحشره يوم القيـٰمة أعمى)

وقال تعالى( سنعذبهم مرتين) يعني في قبورهم
(ثم يردون إلى عذاب عظيم) يعني يوم القيامة.

– السنة:
الأحاديث الواردة في عذاب القبر كثيرة جداً بلغت حد التواتر منها في الصحاح ومنها في السنن والمسانيد والمعاجم.

قال الإمام ابن القيم في الروح(٥٢): أحاديث عذاب القبر ومسألة منكر ونكير كثيرة متواترة.اهـ

قال العلامة الحكمي في معارج القبول(٢/٨٨١): وأما نصوص السنة في إثبات عذاب القبر فقد بلغت الأحاديث في ذلك مبلغ التواتر إذ رواها أئمة وحملة الحديث ونقاده عن الجم الغفير والجمع الكثير من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام منهم: أنس وابن عباس والبراء وعمر وابن عمر وعائشة وأسماء وأبوأيوب الأنصاري وأم خالد وأبوهريرة وأبوسعيد الخدري وسمرة بن جندب وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وجابر بن عبدالله وعبدالله بن عمرو ، وعمرو بن العاص وأم مبشر وأبو قتادة وابن مسعود وأبو طلحة وعبدالرحمن بن حسنة وتميم الداري وحذيفة وأبو موسى الأشعري والنعمان بن بشير وعوف بن مالك.اهـ

-الإجماع:
نقل الإجماع في إثبات عذاب القبر غير واحد
من الأئمة.

قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث(١٤):
أصحاب الحديث كلهم مجمعون على الإيمان بعذاب القبر.اهـ

وقال الحافظ ابن أبي حاتم الرازي في عقيدة الرازيين(١٢١): سألت أبي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك
فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويماناً فكان من مذهبهم:
وعذاب القبر حق ومنكر ونكير حق.اهـ

وقال الإمام ابن زمنين في أصول السنة(١٥٤):
وأهل السنة يؤمنون بعذاب القبر قال عزوجل(فإن له معيشة ضنكاً) وقال( سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم).اهـ

قال العلامة ابن القيم في الروح(٥٧) عن عذاب القبر: هذا متفق عليه بين أهل السنة.اهـ

ولا ينكر عذاب القبر إلا ضال مضل ، أضل نفسه ويسعى لإضلال غيره ، (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها).

قال المروذي قال الإمام أحمد: عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل.( الروح لابن القيم-٨٠)

وقال الإمام الآجري في الشريعة(٣٨٠) بعد أن ذكر أحاديث عذاب القبر ، قال: ما أسوأ حال من كذب بهذه الأحاديث لقد ضل ضلالاً بعيداً وخسر خسراناً مبيناً.اهـ

وأنكر جماعة من المعتزلة أمثال ضرار بن عمرو ويحيى بن كامل عذاب القبر وهو قول بشر المريسي رأس المعتزلة ، وأعرض هؤلاء عن الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة ، وهذا شأن أهل الأهواء والبدع ومن هو على شاكلتهم ، يردون الأدلة الشرعية يكذبونها تارة ويأولونها تارة ولا يقبلونها إذا كانت لا توافق مذاهبهم الباطلة.

وأنكر الملاحدة والزنادقة عذاب القبر وقالوا:
لو نبشنا القبر لم نر العذاب وهذا يدل على عدم وجود عذاب القبر.
ويجاب عليهم بأمرين:
الأول: أن ما أخبرت به الرسل حق لا ريب فيه.
الثاني: أن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا ، فليس عذاب القبر ونعيمه مثل العذاب والنعيم الدنيوي المحسوس.

وقول عدنان إبراهيم(عذاب القبر ليس حقيقياً)

هذا قول جماعة من المعتزلة ويجاب عليه:
بأن عذاب القبر عذاب حقيقي يحصل لروح الميت وبدنه كما دل على ذلك الدليل الشرعي والإجماع.

قال ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام مر بقبرين فقال( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) رواه البخاري(٢١٦) ومسلم(٢٩٢)

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال خرج رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد وجبت الشمس فسمع صوتاً فقال( يهود تعذب في قبورها) رواه البخاري(١٣٧٥) ومسلم(٢٨٦٧)

وعن علي رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام يوم الأحزاب(ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما حبسونا وشغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس) رواه البخاري(٦٣٦٦) ومسلم(٥٨٦)

وعن جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبي قتادة لما وفّى دين المدين( الآن بردت عليه جلده) رواه أحمد(٣/٣٣٠) قال الهيثمى فى المجمع (٣/٣٩)رواه أحمد والبزار وإسناده حسن.

قال شيخ الإسلام (٤/٢٨٢): العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة.اهـ

– ضمة القبر:
ضمة القبر حق وليست من عذاب القبر.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجيًا منها نجا منها سعد بن معاذ)
رواه أحمد(٦/٥٥)
وقال العراقي في تخريج الإحياء(٥/٢٥٩): إسناده جيد ، وقال الذهبي في السير(١/٢٩١): إسناده قوي وقال الألباني في الصحيحة(١٦٩٥)
الحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح.

قال الحافظ الذهبي في السير(١/٢٩٠): هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء بل هي أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقده ولده وحميمه في الدنيا.اهـ.

  كتبه:

 بدر بن محمد البدر.

  ١٤٣٦/٦/٢٥

@ الرد الثالث والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم @

الرد الثالث والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم .
( في اعتراضه على القدر ، وقوله إن الإيمان بالقدر فرق الأمة )

يجاب عليه:

أن الإيمان بالقدر واجب على كل مسلم ، وهو ركن من أركان الإيمان الستة التي لا يصح إيمان عبد إلا بها ، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً أن جبريل عليه السلام سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإيمان فقال: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) رواه مسلم(١)
وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه:( يا بني إنك لن تطعم طعم الإيمان ولن تبلغ حق حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره … يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار) رواه أحمد(٢٢١٩٧) وصححه الألباني في السنة لابن أبي عاصم(١١١)

ودل على وجوب الإيمان بالقدر الكتاب والسنة والإجماع.

– الكتاب:
قال تعالى( وخلق كل شيء فقدره تقديراً)
وقال تعالى( إنا كل شيء خلقنـٰه بقدر)
وقال تعالى( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتـٰب من قبل أن نبرأها)

-السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنه في حديث جبريل المشهور(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) رواه مسلم(١)

وعن جابر رضي الله عنه مرفوعاً(لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)
رواه الترمذي(٢١٤٤) وصححه الألباني.

-الإجماع:
نقل الإجماع غير واحد من الأئمة:
قال أحمد بن يحيى ثعلب: ما في العرب إلا مثبت للقدر خيره وشره ، أهل الجاهلية والإسلام ، ذلك في أشعارهم وكلامهم كثير.
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة-٣/٥٨٣)

وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمناً من مذهبهم: …والإيمان بالقدر خيره وشره من الله عزوجل.
(عقيدة الرازيين-٢٥)

وقال أبو القاسم اللالكائي: وهو مذهب أهل السنة والجماعة يتوارثونه خلفاً عن سلف من لدن رسول الله بلا شك ولا ريب.
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة-٣/٥٩٤)


– مراتب القدر:
للقدر أربعة مراتب يجب الإيمان بها:
المرتبة الأولى: العلم. أي الإيمان بأن الله علم ما كان وما يكون أزلاً وأبداً – يعني علمه بالماضي والمستقبل- علم كل شيء من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال وغيرها. قال تعالى( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير)

الثانية: الكتابة. أي الإيمان بأن الله كتب مقادير الخلق في اللوح المحفوظ. فكل ما يحدث في الكون علمه الله وكتبه قبل حدوثه. قال تعالى( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتـٰب من قبل أن نبرأها)
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعاً(أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب ، قال وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كان وما هو كائن إلى الأبد)رواه أبو داود(٤٧٠٠) والترمذي(٢١٥٥) صححه الحاكم(٢/٤٩٨) والألباني. وله شاهد عن عبدالله بن عمرو بلفظ( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف سنة) رواه مسلم(٢٦٥٣)

الثالثة: المشيئة. أي الإيمان بأن الله شاء كل شيء وأراده مما قضاه وقدره في اللوح المحفوظ . قال تعالى( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين)

الرابعة. الخلق. أي الإيمان بأن كل ما يقع في هذا الكون هو من خلق الله. قال تعالى( والله خلقكمـ وما تعملون) وقال تعالى( الله خـٰلق كل شيء)

فوائد الإيمان بالقدر:
الإيمان بالقدر له عدة فوائد منها:
أولاً:  أنه من تمام بالإيمان بالله.
ثانياً: أنه يكسب العبد طمأنينة واستقرار ويصبر على ما أصابه ويحتسب الأجر من الله.
ثالثاً: أن الإنسان لا يعجب بنفسه إذا حصل له مكروه.
رابعاً: أن الإنسان إذا أمن بالقدر لا يأسف على ما فاته ، ولا يلوم نفسه بقوله لو فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان.


أقسام الناس في القدر:
القسم الأول: قوم آمنوا بالقدر خيره وشره ، وقالوا إن العبد يفعل الفعل باختياره وإرادته ولكنه لا يخرج على قضاء الله وقدره.
وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة.

القسم الثاني: قوم لم يؤمنوا بالقدر ، وقالوا إن الإنسان حر حرية كاملة في تصرفاته وهو الذي يخلق فعله ولم يخلقه الله وليس لله سبحانه وتعالى تدخل في أفعال العباد. وهؤلاء هم القدرية ، نفاة القدر ، مجوس هذه الأمة عن ابن عمر مرفوعاً(القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم) رواه أبو داود(٤٦٩١) بسند منقطع
وله شاهد عن حذيفة بن اليمان رواه أبو داود(٤٦٩٢) وفي سنده ضعف. وله شاهد آخر عن جابر بن عبدالله رواه ابن ماجه(٩٢) وفيه ضعف.
قال الحافظ العلائي كما في اللآلي المصنوعة(١/٢٥٩): ينتهي بمجموع طرقه إلى درجة الحسن الجيد المحتج به إن شاء الله.اهـ
وحسن الألباني حديث ابن عمر بمجموع طرقه في صحيح الجامع(٤٤٤٢) 
وسموا القدرية مجوس هذه الأمة لقولهم إن العبد يخلق فعله ، والمجوس قالوا إن الشر له خالق والخير له خالق ، فكلاهما جعلوا خالقاً مع الله.
قال العلامة صالح الفوزان في شرح الطحاوية(٢٧٢): الإيمان بالقضاء والقدر يدخل في توحيد الربوبية ، لأنه من أفعال الله عز وجل فمن جحد القضاء والقدر لم يكن مؤمناً بتوحيد الربوبية.اهـ

القسم الثالث: قوم قالوا إن العبد مجبور على فعله ، وهو كالآلة أو كالريشة يحركها الهواء أي أن العبد ليس له فعل حقيقة بل هو يتحرك بدون إرادته . وهؤلاء هم الجبرية.
قال العلامة هراس في شرح الواسطية(٢٣٠):
الجبرية غلوا في إثبات القدر حتى أنكروا أن يكون للعبد فعل حقيقة بل هو في زعمهم لا حرية له ولا اختيار ولا فعل كالريشة في مهب الريح وإنما تسند الإفعال إليه مجازاً ، فاتهموا ربهم بالظلم وتكليف العباد بما لا قدرة لهم عليه ومجازاتهم على ما ليس من فعلهم واتهموه بالعبث في تكليف العباد وأبطلوا الحكمة في الأمر والنهي ، ألا ساء ما يحكمون.اهـ

وقول عدنان إبراهيم( إن الإيمان بالقدر فرق الأمة)
هذا قول باطل ، أين الأمة التي تفرقت بالقدر ، بل الأمة مجمعة على الإيمان بالقدر خيره وشره وقد نقل الإجماع غير واحد من الأئمة كما مر ، ولا يعتد بمخالفة أهل الأهواء والبدع من القدرية النفاة والجبرية الغلاة فهؤلاء لا عبرة بخلافهم ، ولا ينقض قولهم الإجماع ، بل نتبرئ منهم ومن أقوالهم الضالة المخالفة للكتاب والسنة والإجماع.
قال يحيى بن يعمر لعبدالله بن عمر: يا أبا عبدالرحمن إنه ظهر قِبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أُنف!
قال ابن عمر:( فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني ، والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر) رواه مسلم(١)
وينبغي تبين حالهم للناس لكي لا يغتر بهم أحد فيضل كما ضلوا.
قال أحمد حدثنا أبو جعفر الحذاء قال: قلت لسفيان بن عيينة: إن هذا يتكلم في القدر أعني إبراهيم بن أبي يحيى ، قال: عرفوا الناس بدعته وسلوا ربكم العافية.
(العلل ومعرفة الرجال لأحمد-١/٢٩٧)


كتبه/
بدر بن محمد البدر
١٤٣٦/٦/٢٤هـ


@ الرد الثاني والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم @

الرد الثاني والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم في ترحمه على أهل الكفر.
 
قال عدنان:( ليو تولستوي ، رحمه الله بل رضوان الله عليه هذا الفيلسوف الآديب…)
 
ليو تولستوي فيلسوف نصراني روسي
كفرته الكنيسة بسبب أفكاره المنحرفة ، وعدنان إبراهيم يترحم ويترضى عليه في إحدى خطبه ، ولا يترضى على الصحابة ولا يترحم على علماء الأمة ، 
ولاشك أن ترحمه على الكافر مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.
 
فقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على عدم مشروعية الترحم على أهل الكفر وعدم طلب المغفرة لهم ، فإن الترحم عليهم وطلب المغفرة لهم من الاعتداء في الدعاء ، والإعتداء في الدعاء منهي عنه.
 
قال تعالى: ( ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحـٰب الجحيم )
 
قال الإمام الطبري في تفسيره (١١/٥٠):
يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي محمد عليه الصلاة والسلام والذين آمنوا به ( أن يستغفروا ) يقول: أن يدعوا بالمغفرة للمشركين ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم أولي قربى ذوي قرابة لهم ، ( من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان تبين لهم أنهم من أهل النار لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله.
فإن قالوا: فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك فلم يكن استغفار إبراهيم لأبيه إلا لموعدة وعدها إياه ، ( فلما تبين له ) وعلم أنه لله عدو خلاه وتركه ترك الاستغفار له ، وآثره الله وأمره عليه فتبرأ منه حين تبين له أمره.اهـ
 
وقال الإمام القرطبي في تفسيره (٨/٢٠٥):
فيه ثلاث مسائل في الآية:
الأولى: الآية ناسخة لاستغفار النبي عليه الصلاة والسلام لعمه.
الثانية: هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار حيهم وميتهم ، فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين ، فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز.
الثالثة: قال أهل المعاني ( ما كان ) في القرآن على وجهين: على النفي نحو قوله( ما كان لكمـ أن تنبتوا شجرها ) ، والآخر بمعنى النهي كقوله ( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ).اهـ
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي )رواه مسلم ( ٩٧٦ ).
 
قال الحافظ النووي في شرح مسلم (٩٧٦): فيه النهي عن الاستغفار للكفار.اهـ
 
قال شيخ الإسلام في قاعدة جليلة (٢٦):
فالشفاعة للكفار بالنجاة من النار والاستغفار لهم مع موتهم على الكفر لا تنفعهم ، ولو كان الشفيع أعظم الشفعاء جاهاً.اهـ
 
قال العلامة ابن عثيمين في القول المفيد (٢٢٠):
أهل الكفر ليسوا أهلاً للمغفرة  بأي حال  ولا يجاب لنا فيهم ، ولا يحل الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة ، وإنما يدعى لهم بالهداية وهم أحياء.اهـ
 
 
– ودلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على خلود أهل الكفر في نار جهنم.
 
قال تعالى:( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً ).
 
وقال تعالى:( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أبداً أولئك هم شر البرية ).
 
وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو؟ قال: ( في النار ).
فكأن الأعرابي وجد من ذلك فقال:يا رسول الله فأين أبوك؟ قال:( فذكره) ، قال : فأسلم الأعرابي بعد ، فقال: لقد كلفني رسول الله عليه الصلاة والسلام تعباً:( ما مررت بقبر كافر إلا بشرتُه بالنار ). رواه الطبراني (١/١٩) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٨).
 
فالكفار أهل الخلود في نار جهنم ، ولا تنفعهم شفاعة الشافعين ،
قال تعالى:( ما سلككمـ في سقر قالوا لمـ نك من المصلين ولمـ نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتـىـٰنا اليقين فما تنفعهمـ شفـٰعة الشـٰفعين )
 فكيف يترحم عليهم وهم الذين كفروا بالله ورسوله ، وكذبوا بما جاءت به الرسل.
والعجيب أن عدنان إبراهيم لا يترضى على الصحابة بل بذمهم ويلعنهم ، ويترضى على أهل الكفر والإلحاد مخالفاً الكتاب والسنة والإجماع.
 
كتبه
بدر بن محمد البدر
١٤٣٦/٦/٢٢هـ

@ الرباط في سبيل الله @

– الرباط في سبيل الله-
-فضل الرباط والحراسة في سبيل الله-
 
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله وصحبه أجمعين وبعد:
 
أخي المرابط اعلم وفقك الله لكل خير.
أن الرباط : بكسر الراء هو الإقامة في الثغور وهي الأماكن التي يخاف على أهلها من العدو.
قال الإمام ابن باز في الفتاوى (١٨/٨٢): المرابط هو المقيم على الثغور والمعد نفسه للجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينه وإخوانه المسلمين.اهـ
 
                      فصل
         – في فضل الرباط في سبيل الله –
 
اعلم أخي المرابط حفظك الله أن الرباط في سبيل الله من أفضل القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه عز وجل بعد الفرائض إذا خلُصت النية.
 
عن سهل رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:( رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ) رواه البخاري.
 
وعن سلمان رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال( رباط يوم أو ليلة خير من صيام شهر وقيامه ) رواه أحمد والترمذي (١٦٦٥) وحسنه وصححه ابن حبان والألباني.
 
وعن عثمان رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:( رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل ) رواه أحمد والترمذي (١٦٦٧)وقال:حديث حسن صحيح غريب.
وحسنه الألباني.
 
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال( رباط شهر خير من صيام دهر ) رواه الطبراني وصححه الألباني.
 
وعن عثمان رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال( حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها ) رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي،وفيه لين.
 
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٦/٩٩): قال ابن بزيزة:وهذه الأحاديث محمولة على الزيادة في الثواب.اهـ أي الزيادة في ثواب المرابط في سبيل الله.
 
قيل للإمام أحمد: المقام في الثغور أفضل من المقام بمكة؟
قال: إيه والله.
( مسائل حلف عليها أحمد-٢٦ ).
 
وقال الإمام ابن قدامة في الكافي (٨٨٨):
وفي الرباط فضل عظيم وهو المقام بالثقر مقوياً للمسلمين والثغر كل مكان يخيف العدو ويخافه وقال الإمام أحمد:ليس يعدل الرباط والجهاد شيء.اهـ
 
وقال أيضاً (٨٨٨): وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفاً لأنه أنفع للمسلمين وأشد خطراً.اهـ
 
                       فصل
         – في بيان أن عيني المرابط لا تمسهما النار-
 
اعلم أخي المرابط وفقك الله لكل خير أن فضائل الرباط في سبيل الله كثيرة منها أن عيني المرابط لا تمسهما النار أبداً.
 
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( عينان لا تُصيبهما النار:عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ) رواه الترمذي وصححه الألباني.
 
وله شاهد عن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( عينان لا تمسهما النار أبداً عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ) رواه الضياء وصححه الألباني.
 
                     فصل
         – في فضل من مات مرابطاً –
 
اعلم أخي المرابط حرسك الله من كل سوء ومكروه أن من مات مرابطاً في سبيل أجره كأجر الشهيد بإذن الله تعالى ولا ينقطع عمله الصالح الذي كان يعمله في الدنيا إلى يوم القيامة.
 
عن سلمان رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (…وإن مات مرابطاً جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمِن الفتان)رواه مسلم وفي رواية لأبي داود: ( أومن من فتاني القبر ).
 
قال الحافظ النووي في شرح مسلم (١٩١٣):
هذه فضيلة ظاهرة للمرابط وجريان عمله عليه بعد موته فضيلة مختصة به لا يشاركه فيها أحد وقد جاء صريحاً في غير مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:( كل ميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة )اهـ
 
ختاماً:
أخي المرابط أسأل الله تعالى أن يحفظك بحفظه وأن يردك إلى أهلك سالماً معافى وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه ويكفينا شر كل حاقد خبيث إنه سميع مجيب.
 
كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
 

@ نصيحة لإخواني السلفيين @

( نصيحة لإخواني السلفيين )

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

 

إخواني السلفيين: إن مما يحزن القلب ويؤلمه ويزيده حسرات وحسرات ما نراه اليوم

من فرقة واختلاف وعداوات بين إخواننا السلفيين

أصحاب العقيدة الصحيحة السليمة المبنية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.

 

إخواني السلفيين: إن هذه الخلافات بينكم جعلت أهل الزيغ والضلال يفرحون بها أشد الفرح ، ويشمتون بكم أشد الشمت ، ويقول أحدهم شامتاً: السلفييون كالنار إذا لم تجد ما تأكله أكلت بعضها بعضاً. ويقول الآخر: الإخوة عند السلفيين أياماً معدودة ثم بعد ذلك عداوات وتحذير. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

إخواني السلفيين: احرصوا على وحدة الكلمة ونبذ الخلافات فإن الخلافات تورث العداوات  والعداوات تورث المغالبات ، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ( الخلاف شر )

رواه أبو داود.

 

إخواني السلفيين: إني أذكركم بقول الله تعالى

( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا )

وأذكركم بقول نبينا محمد عليه الصلاة والسلام

كما في الصحيح ( المسلم أخو المسلم ) وفي الصحيح أيضاً( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )

فالمؤمنون أخوة ، والواجب على الأخ أن يصفح عن أخيه إذا رأى منه ما يكره ، وأن ينبهه على ما وقع منه من خطأ بلين وحكمة وموعظة حسنة.

قال تعالى( ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)

واحرصوا على أن تكون النصيحة سراً لا علانية

قال بعض السلف: من نصح أخاه سراً فقد نصحه ومن نصح أخاه علانية فقد فضحه.

فاحرصوا على بذل النصح فيما بينكم سراً لا علانية ، وارجعوا للعلماء الربانيين فإن الرجوع للعلماء من فعل السلف.

 

إخواني السلفيين: والله إنه ليس في قلبي غل

على أحد من إخواني السلفيين في كل مكان ، وإني والله لأفرح برؤية إخواني السلفيين ، كما يفرح أهل الغائب بغائبهم ، وأشعر عند الالتقاء بإخواني بالعزة والفخر والسرور ، فكونوا هكذا مع إخوانكم.

 

إخواني السلفيين: اتقوا الله تعالى حق تقواه ، اتقوا الله في السر والعلن ، اتقوا الله في أقوالكم وأفعالكم ، واعلموا أنكم مفارقون هذه الدنيا لا محالة ، فاعملوا ليوم تشخص فيه الأبصار ، اعملوا لذلك اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من آتى الله بقلب سليم.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتبه/

بدر بن محمد البدر

١٤٣٦/٦/٩هـ

محافظة الخفجي

@ مذهب الحافظ ابن حبان في التوثيق @

مباحث في علم مصطلح الحديث

مذهب الحافظ ابن حبان في التوثيق



مذهب الحافظ ابن حبان في توثيق الرواة: هو إذا روى عن الراوي ثقة وروى عنه ثقة ولم يأت بحديث منكر قُبل حديثه لأن الأصل في المسلمين العدالة.

( ذكره الوادعي في السير الحثيث-١٩١)


وهذا قول منتقد ، فيه توثيق جملة من المجاهيل وقبول حديثهم ، وهو خلاف ما عليه الأئمة النقاد ، فإنهم يردون حديث المجهول لا يقبلونه


قال الحافظ الذهبي في الميزان(٣/١٧٥): قاعدة ابن حبان معروفة من الاحتجاج بمن لا يعرف.اهـ


قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان(١/٩٣):

وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة أن يتبين جرحه مذهب عجيب ، والجمهور على خلافه ، وهذا هو مسلك ابن حبان في ( كتاب الثقات ) الذي ألفه

فإنه يذكر خلقاً ممن ينص عليهم أبوحاتم وغيره على أنهم مجهولون ، وكأن عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور وهو مذهب شيخه ابن خزيمة ، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره.اهـ


كتبه:

بدر بن محمد البدر

@ شهادة حق في الشيخ خالد @

– شهادة حق في الشيخ خالد –


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :


لاشك أن الشيخ خالد بن ضحوي الظفيري

من إخواننا المشايخ السلفيين الفضلاء ، ممن له جهود طيبة في الدعوة إلى الله تعالى في دولة الكويت وخارجها ، ولا يختلف اثنان من أهل العدل والإنصاف على عدالة الشيخ خالد وسلفيته وصدعه بالحق وصبره على الدعوة ولم يتغير في دعوته ، وهذه شهادة مسؤول عنها أمام الله تعالى


قال تعالى( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)


قال أبو بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبيه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول(أنتم شهداء الله في الأرض) رواه ابن مردوية

وله شاهد عن ابن عمر رواه ابن ماجه


ونهانا سبحانه وتعالى عن كتمان الشهادة التي نعلمها وحذرنا عن كتمانها  وأنّ مَن كتم الشهادة يأثم بكتمانها.


قال تعالى( ولا تكتموا الشهـٰدة ومن يكتمها فإنه ءاثمـ قلبه والله بما تعملون عليمـ )


وقال تعالى(ولا نكتم شهادة الله إنا إذاً لمن الآثمين)



فالشيخ خالد لا نشك في عدالته وديانته والله على ما نقول شهيد ، وما رأينا منه إلا الحرص على العلم تعلماً وتعليماً ، والحرص على نشر الدعوة

الصحيحة المبنية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.


وقد رأيت في الأونة الآخيرة بعض الشباب هداهم الله ممن يعرفون الشيخ خالد ضحوي معرفة جيدة

بل وهم طلاب له درسوا عنده وقرؤا عليه

  فإذا بهم يشغبون على الشيخ خالد ويرمونه بتهم باطلة أنه يوالي جمعية أحياء التراث ،

وهم يعرفون الشيخ حق المعرفة أنه من أشد الناس عداوة للأحزاب والجماعات المنحرفة ، وهذه كتب الشيخ خالد بين أيديكم فاقرؤها ، فهل تجدون فيها ما يدل على صدق كلامكم؟! ، وهذه دروسه بين أظهركم فاحضروا فهل تسمعون منه ما يدل على صدق كلامهم؟!


أم هي تهم يتهم بها الناس ، بغير حجة ولا برهان


فاتقوا الله حق تقواه

اتقوا الله في أنفسكم

اتقوا الله في مشايخكم

فإن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالعدل حتى مع أعدائنا فكيف مع اخواننا الذين نحن معهم على عقيدة واحدة.


قال تعالى( يـٰأيها الذين ءامنوا كونوا قوٰمين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكمـ شنئـان قومـ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)


وأمرنا سبحانه وتعالى الصدق.


وقال تعالى( يـٰأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصـٰدقين)


وأخبرنا سبحانه وتعالى بأن كلامنا مكتوب وأننا موافونا بأعمالنا يوم القيامة.


وقال تعالى( إذ يتلقى الـمتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)


وقال تعالى( وإن عليكمـ لحـٰفظين كراماً كـٰتبين يعلمون ما تفعلون )


والله الموعد.


كتبه

بدر بن محمد البدر

١٤٣٦/٦/٤هـ

@ الرد الحادي والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم @

الرد الحادي والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم في دعوى كراماته

 

 

قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأنه حصلت له كرامات كثيرة جداً منها سماعه لكلام الجن وطلبهم منه أن يدعو لهم ، ووضع يده على سلك فاشتغل الكهرباء ، ويقول بأن زوجته تبكي من كثر كراماته !!

وقال: ومن كراماتي أن أحد الأصدقاء ضاعت له ورقة ، قلت له إن الورقة تجدها في تفسير ابن كثير الجزء كذا في صفحة كذا ، فوجد الورقة.

وقال: ومن كراماتي أنه جاءتني رسالة باللغة الألمانية لا أعلم هل هي من الله أو من غيره مكتوب فيها ( مال عدنان حلال)

وقال أيضاً: الناس ينكرون كرامات عدنان إبراهيم ولا ينكرون كرامات ابن تيمية).

 

 

ولا يشك عاقل ما في كلام هذا الرجل من مفاخرة وعُجب وغلو ودجل وتلبيس، وهذه الخرافات التي يدعيها عدنان إبراهيم ، أشبه بالخرافات التي ذكرها الصوفي يوسف النبهاني في كتابه ( جامع كرامات الأولياء ) وادعى انها حصلت لبعض المتصوفة.

 

ويجاب على خرافاته بما يلي:

 

أولاً: ما هي الكرامات:

الكرامات لغة: جمع كرامة ، وهي النعمة الخاصة

قال تعالى( فأما الإنسـٰن إذا ما ابتلىـٰه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن)

واصطلاحاً: هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد ولي من أوليائه.

 

والولي: هو المؤمن التقي

قال تعالى( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهمـ ولا هم يحزنون الذين ءامنوا وكانوا يتقون)

 

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(٢/٢٢٤): من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً.اهـ

 

والكرامة ليست ميزان الولاية ، بل الميزان أن تكون الكرامة جرت على يد مؤمن تقي.

ولهذا قال بعض السلف: (لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي أو حتى يعرضوا أمره على الكتاب والسنة).

 

والولاية تكون بالإيمان والتقوى.

قال العلامة ابن عثيمين في شرح الواسطية(٤٩٠): ليست الولاية بالدعوى والتمني ، الولاية إنما هي بالإيمان والتقوى ، فلو رأينا رجلاً يقول: إنه ولي ، ولكنه غير متقٍ لله تعالى فقوله مردود عليه.اهـ

وقال أيضاً(٤٩١): وقد كثرت هذه الكرامات التي تُدعى أنها كرامات في هؤلاء المشعوذين الذين يصدون عن سبيل الحق فالواجب الحذر منهم ومن تلاعبهم بعقول الناس وأفكارهم.اهـ

 

 

 

فأهل الكرامة هم أهل الاستقامة الذين فعلوا المأمور وتركوا المحظور وصبروا على المقدور ، ومن لم يكن من أهل الاستقامة فليس له كرامة إنما هي من الأمور الشيطانية ، فليست الكرامة لمن يرد النصوص الشرعية ويقدم عقله على النقل ويرد اجماع الأمة وينكر نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان وينكر خروج المهدي وينكر خروج الدجال في آخر الزمان ويسب الصحابة ويطعن فيهم وغير ذلك من الطوام ، التي لا تصدر من أولياء الله تعالى.

 

قال العلامة ابن باز في شرح الواسطية(١٢١):

والمقصود أن الشيء الخارق للعادة ، إن كان صاحبه متقياً لله معروفاً بالخير فهي كرامة وهم يتبعون في هذا الكتاب والسنة ، وإن كان بخلاف ذلك فهي من مخاريق السحرة والشياطين.اهـ

 

وقال العلامة الفوزان في شرح الطحاوية(٤٩٤):

ضابط الكرامة ننظر إلى عمله ، فإن كان موافقاً للإسلام ، فما يجري على يده كرامة ، وإلا فهو من خدمة الشيطان ، والفرق بين الكرامة والعمل الشيطاني هو الإيمان والعمل الصالح.اهـ

 

 

– علامات أولياء الله وأولياء الشيطان:

 

قال شيخ الإسلام في كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (٩):

أولياء الله هم: الذين آمنوا به ووالوه فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض ورضوا بما يرضى وسخطوا بما يسخط وأمروا بما يأمر ونهوا عما ينهى وأعطوا لمن يُحب أن يعطى ومنعوا من يُحب أن يمنع.

وقال أيضاً (٦٢):

أولياء الشيطان هم: الذي باشروا النجاسات والخبائث التي يُحبها الشيطان أو يأوى إلى الحمامات والحشوش التي تحضرها الشياطين أو يأكل الحيات والعقارب أو يشرب البول ونحوه من النجاسات التي يُحبها الشيطان أو يدعو غير الله فيستغيث بالمخلوقات ويتوجه إليها أو يسجد إلى ناحية شيخه ولا يخلص الدين لرب العالمين أويلابس الكلاب أو النيران أو يكره سماع القرآن وينفر عنه ويقدم عليه سماع الأغاني والأشعار ويؤثر سماع مزامير الشيطان على سماع كلام الرحمن ، فهذه علامات أولياء الشيطان لا علامات أولياء الرحمن.اهـ

 

 

وهنا تنبيه:

الكرامة لا تدل على مزية من ظهرت له على غيره

لأنه قد يُعطاها ضعيف الإيمان.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(١١/٢٨٣):

ومما ينبغي أن يُعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل فإذا احتاج إليها ضعيف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي إيمانه ويسد حاجته ، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنياً عن ذلك ، فلا يأتيه مثل ذلك لعلو درجته وغناه عنها لا لنقص ولايته ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة.اهـ

 

وقال العلامة ابن أبي العز في شرح الطحاوية(٤٩٧): فاعلم أن عدم الخوارق علماً وقدرة لا تضر المسلم في دينه فمن لم ينكشف له من المغيبات ولم يسخر له شيئاً من الكونيات لا ينقص ذلك في مرتبته عند الله ، بل قد يكون عدم ذلك أنفع له.اهـ

 

وقال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في شرح الواسطية(٢٢٨): وأهل السنة أثبتوها – أي الكرامة- وصدقوا بأن ما جرى لهم من ذلك فهو كرامة وقالوا: إن من صدرت عنه فليس له مزية على غيره وفضيلة ، فليست الكرامة هي الميزان في علو الدرجة في الولاية وأن من ظهرت له كرامة أنه أفضل ممن لم تظهر له كرامة ، بل من ليس له كرامة أفضل بكثير ممن له كرامة ، بل هي من نوع الحظ والبخت يعطيها الله من يشاء.

 ثم هي قد تكون لمن جرت له فتنة وشر وتنقص في دينه وقد تكون خيراً.اهـ

 

 

ثانياً: أقسام كرامات الأولياء:

قسّم شيخ الإسلام الكرامات في الواسطية(١١٩) إلى قسمين:

الأول: كرامات من باب العلم والكشف.

وهو ما يحصل للإنسان من العلوم أو يظهر له من الأشياء ما لا يحصل لغيره.

 

مثاله: قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه

حينما نظر في بطن امرأته وهي حامل فقال:

(أراها جارية) فلما ولدت بعد مدة كانت جارية.

رواه مالك في الموطأ(١٤٣٨) وعبدالرزاق في مصنفه(٩/١٠١)

 

ومثله: قول عمر رضي الله عنه (يا سارية الجبل) وكان عمر يخطب  في المدينة وسارية في العراق.

(ذكره شيخ الإسلام في الفرقان بين الحق والباطل-٥٨)

 

والثاني: كرامات من باب القدرة والتأثير.

وهو ما يحصل للإنسان من قدرة وتأثير لا يحصل لغيره.

مثاله:

ما حصل لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 

حيث يبس الماء ومر عليه الجيش.

ذكره الطبري في تاريخه(٢/٤٦٠)

 

 

ثالثاً: أقسام الناس في كرامات الأولياء:

انقسم الناس في كرامات الأولياء إلى ثلاث أقسام.

 

القسم الأول: قوم يؤمنون بكرامات الأولياء ويثبتونها على مقتضى ما جاء في الكتاب والسنة وهم أهل السنة والجماعة.

 

القسم الثاني: قوم ينفون كرامات الأولياء وهم الفلاسفة والجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة

وشبهتهم: دعوى الالتباس بين الكرامة والمعجزة!

ويجاب عليهم: بأن الكرامة لا تقترن بدعوى الرسالة بخلاف المعجزة فإنها مقترنة بدعوى الرسالة ، والكرامة تكون على يد ولي ، والولي لا يمكن أن يدعي النبوة ولو ادعاها لم يكن ولياً.

 

القسم الثالث: قوم يغلون في إثبات الكرامات.

وهم الصوفية والرافضة.

 

رابعاً: الفرق بين الكرامات والمعجزات

المعجزة مقرونة بدعوى الرسالة.

والكرامة مقرونة بالولاية.

 

خامساً: الفرق بين الكرامات والأحوال الشيطانية

الكرامة مقرونة بالإيمان والتقوى

والأحوال الشيطانية مقرون بفعل الفواحش وعدم التقوى

قال شيخ الإسلام في الفرقان بين أولياء الله وأولياء الشيطان(١٢٥): كرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى ، والأحوال الشيطانية يكون سببها ما نهى الله عنه ورسوله ويستعان بها على ما نهى الله عنه ورسوله.اهـ

 

سادساً: الفرق بين الكرامة والفراسة:

الكرامة تعطى لأهل الإيمان والتقوى.

والفراسة تعطى لأهل الإيمان والتقوى ، وتعطى لأهل الخبرة في معرفة الأمور.

(ينظر شرح الطحاوية لابن أبي العز-٤٩٨)

 

ختاماً: 

يتضح مما سبق أن:

ما يجري من الخوارق على أيدي الأنبياء فهذه آيات وبراهين وتسمى معجزات

وما يجري من الخوارق على أيدي الأولياء فهذه كرامات

وما يجري من الخوارق على أيدي العصاة والمبتدعة فهذه أمور شيطانية.

 

كتبه/

بدر بن محمد البدر

١٤٣٦/٦/٣هـ

@ من علم حجة على من لم يعلم @

مباحث في علم مصطلح الحديث 

قاعدة: ( من علم حجة على من لم يعلم )


قاعدة: ( من علم حجة على من لم يعلم )

إذا قال إمام من الأئمة: إن فلاناً سمع من فلان

وقال إمام غيره: إنه لم يسمعه ، فهنا يقدم قول من أثبت السماع على من نفاه ، وهذه القاعدة أشبه بقاعدة: ( المثبت مقدم على المنفي )

مثاله: سماع جعفر بن بُرقان الكلابي من ابن شهاب الزهري.

قال الإمام أحمد: لم يسمع جعفر من الزهري

وقال يحيى بن معين وغيره: سمع جعفر من الزهري

(ذكره العلائي في جامع التحصيل-١١٨)


قال المحدث مقبل الوادعي في السير الحثيث(١٧٩): يقولون( من علم حجة على من لم يعلم ) فإذا قال البخاري: إن فلاناً سمع من ذلكم الصحابي ونفاه أبو حاتم ، من عَلِم حجة على من لم يعلم ، هذه من القواعد.اهـ


كتبه:

بدر بن محمد البدر

@ أقسام المجهول عند الحافظ ابن الصلاح @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

  أقسام المجهول عند الحافظ ابن الصلاح


قسّم الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث المجهول إلى ثلاثة أقسام:

الأول مجهول الحال: وهو من روى عنه عدلان ولم يوثقه معتبر.


والثاني: المستور : وهو من كان عدلاً من حيث الظاهر أي الديانة ، ولا يعرف باطنه أي ضبطه والله أعلم.


والنوع الثالث: هو مجهول العين وهو من روى عنه واحد ولم يوثقه معتبر ، وهو دون ما تقدم من المراتب.


 قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(٢٦٤) المجهول ثلاثة أقسام:

أحدها: المجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعاً ، وروايته غير مقبولة عند الجماهير.

الثاني: المجهول الذي جهلت عدالته الباطنة وهو عدل في الظاهر وهو المستور ، فهذا المجهول يحتج بروايته بعض من رد حديث الأول ، ويشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير كتب الحديث المشهورة.

الثالث: المجهول العين ، وقد يقبل رواية المجهول العدالة من لا يقبل رواية المجهول العين.اهـ



كتبه:

بدر بن محمد البدر