@ الأحكام الفقهية – زكاة العسل @

– الأحكام الفقهية.

– زكاة العسل.

– العسل إذا أُعد للتجارة ، تجب فيه زكاة عروض تجارة ، لقوله تعالى: (يـٰأيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبـٰت ما كسبتمـ)

وأما إذا كان لغير التجارة ، ففي زكاته خلاف ذهب أبو حنيفة وأحمد إلى وجب الزكاة في العسل ، واختار مالك والشافعي وأكثر أهل العلم عدم وجوب الزكاة في العسل.

ورُوي في زكاة العسل أحاديث منها:
١- عن صدقة بن عبدالله عن موسى بن يسار عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في العسل:( في كل عشرة أَزُق زِق)
رواه الترمذي(٦٢٩) وفي سنده ضعف.

قال الترمذي في جامعه(٦٢٩): حديث ابن عمر في إسناده مقال ، ولا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب كبير شيء ، صدقة بن عبدالله ليس بحافظ.اهـ

وقال البيهقي في السنن الكبرى(٤/١٢٦): تفرد به صدقة بن عبدالله السمين وهو ضعيف ، وقد ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما ، قال الترمذي سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: هو عن نافع عن النبي عليه الصلاة والسلام.اهـ

٢- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (جاء هلال إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام بعشور نحله)
رواه أبو داود(١٦٠٠) ورواه ابن ماجه(١٨٢٤) بلفظ
(أن النبي عليه الصلاة والسلام أخذ من العسل العشر)
والحديث أعله الدارقطني بالإرسال كما في نيل الأوطار للشوكاني(٢/١٥٦١)

وقال العلامة الزرقاني المالكي في شرح الموطأ(٢/١٨٤): ضعف أحمد حديث أنه عليه الصلاة والسلام أخذ منه العشر ، وقال أبو عمر: هو حديث حسن يرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.اهـ

٣- عن سليمان بن موسى عن أبي سيارة المتعي قال: قلت يا رسول الله إن لي نحلاً ، قال:( أد العشور)
رواه أحمد(٤/٢٣٦)
قال الحافظ ابن عبدالهادي في التنقيح(٢/٢٠٣): إسناده منقطع ، لأن سليمان لم يلق أبا سيارة ، وقال البيهقي: هو منقطع ، وقال البخاري: هذا حديث مرسل ، سليمان بن موسى لم يدرك أحداً من الصحابة.اهـ

قال الإمام الترمذي في العلل الكبرى(١/٣١٢): قال البخاري: ليس في زكاة العسل شيء يصح.اهـ

قال المحدث اللكنوي في التعليق الممجد(٢/٤٦٦):
وفي أسانيد أكثر هذه الأخبار مقال ، وسند بعضها حسن.اهـ

وقال المحدث أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي(٣/٢٥): ولا يصح في زكاة العسل شيء ، كذا في فتح الباري ، وقال البخاري في تاريخه: لا يصح في زكاة العسل شيء ، وقال ابن المنذر: ليس في العسل خبر يثبت ولا إجماع فلا زكاة وهو قول الجمهور ، وعن أبي حنيفة وأحمد وإسحاق: يجب العشر فيما أخذ من غير أرض الخراج.اهـ

– والتحقيق: أن العسل لا زكاة فيه لعدم صحة الأدلة في وجوب زكاته ، ومَن أدى زكاته احتياطاً فهذا أفضل ، وخروجاً من الخلاف ، ونصاب العسل: ثلاثون صاعاً بالصاع النبوي ، أي ما يعادل تسعين كيلاً تقريباً ، ومقدار زكاته: من كل عشر قرب قربة واحدة.
قال الإمام أبو داود في مسائل الإمام أحمد(٥٥٥): سمعت أحمد سئل عن العسل فيه العشر؟ قال: نعم ، قيل: من كم يخرج؟ قال: من عشر قرب قربة.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

١ صفر ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – أفعال حيوانات نهينا عنها في الصلاة @

– الأحكام الفقهية.

– أفعال حيوانات نهينا عنها في الصلاة.

نهينا عن مشابهة الحيوانات ، خصوصاً في حال أداء العبادات ، ومن الأفعال التي نهينا عنها:

١- النهي عن بسط الذارعين مع قبض الأصابع أو بسطهما من غير قبض الأصابع حال السجود كما يبسط الكلب ذراعيه.

عن أنس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)
رواه البخاري(٥٣٢) ومسلم(١١٠٢)

وفي لفظ: (اعتدلوا في السجود ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب)
رواه أبو داود(٨٩٧) وصححه الألباني في سنن أبي داود(٨٩٧)

وفي الباب:
عن أبي هريرة رضي الله ، رواه ابن خزيمة في صحيحه(٦٥٣).

وعن جابر رضي الله عنه ، رواه الترمذي(٢٧٥) وصححه ، وابن ماجه(٨٩٩) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٥٩٦).

وعن عبدالرحمن بن شبل ، رواه أبو داود(٨٦٢)
وصححه ابن خزيمة(٦٦٢) وصححه الحاكم في المستدرك(٨٦٥)
وحسنه الألباني في سنن أبي داود(٨٦٢)

قال الترمذي في جامعه(٢٧٥): والعمل عليه عند أهل العلم يختارون الاعتدال في السجود ، ويكرهون الافتراش كافتراش السبع.اهـ

٢- النهي عن الاقعاء في الجلوس بين السجدتين كاقعاء الكلب.
والإقعاء: هو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه أو ينصب قدميه ويجعل مقعدته بينهما على الأرض.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهاني رسول الله عليه الصلاة والسلام عن إقعاء كإقعاء الكلب)
رواه أحمد(٨٠٩١)
قال الهيثمي في المجمع(٢/٧٩): إسناد أحمد حسن.اهـ
وقال أحمد شاكر في مسند أحمد(٨/١٧٤): إسناده صحيح.اهـ
وحسنه الألباني في صحيح الترغيب(٥٥٥)

وعن أبي موسى وعلي رضي الله عنهما قالا: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا علي لا تُقْعِ إقعاء الكلب)
رواه ابن ماجه(٩٠٣) وحسنه الألباني في سنن ابن ماجه(٩٠٣)

قال العلامة ابن قاضي شهبة الشافعي في بداية المحتاج(١/٢٢٩): ويكره الإقعاء للنهي عنه ، ووجهه: ما فيه من التشبيه بالكلاب والقردة.اهـ

٣- النهي عن الالتفات في الصلاة كالتفات الثعلب.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهاني رسول الله عليه الصلاة والسلام عن التفات كالتفات الثعلب)
رواه أحمد(٨١٠٦)
قال الهيثمي في المجمع(٢/٧٩): إسناد أحمد حسن.اهـ
وقال أحمد شاكر في مسند أحمد(٨/١٧٤): إسناده صحيح.اهـ
وحسنه الألباني في صحيح الترغيب(٥٥٥)

– الالتفات في الصلاة لغير حاجة ، مكروه بالإجماع ، نقل الإجماع ابن حجر في الفتح(٢/٢٧٢) ، والمراد بالالتفات ما لم يتسدبر القبلة بصدره أو عنقه كله ، وسبب كراهة الالتفات نقص الخشوع في الصلاة.

٤- النهي عن نقر الصلاة في السجود كنقر الغراب ونقر الديك.

عن عبدالرحمن بن شبل رضي الله عنه قال:(نهاني رسول الله عليه الصلاة والسلام عن نقرة الغراب)
رواه أبو داود(٨٦٢) وصححه ابن خزيمة(٦٦٢)
وصححه الحاكم في المستدرك(٨٦٥)
وحسنه الألباني في الصحيحة (١١٦٨)

وعن أبي عبد الله الأشعري قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثم جلس في طائفة منهم ، فدخل رجل فقام يصلي ، فجعل يركع وينقر في سجوده ، فقال: (أترون هذا ، مَن مات على هذا مات على غير ملة محمد ، يَنقر صلاته كما ينقر الغراب الدم)
رواه ابن خزيمة في صحيحه(٦٦٥) وصححه الألباني في صفة الصلاة(١٣٢)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهاني رسول الله عليه الصلاة والسلام عن نقرة كنقرة الديك)
رواه أحمد(٨١٠٦)
قال الهيثمي في المجمع(٢/٧٩): إسناد أحمد حسن.اهـ
وقال أحمد شاكر في مسند أحمد(٨/١٧٤): إسناده صحيح.اهـ
وحسنه الألباني في صحيح الترغيب(٥٥٥)

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:(ألا أخبركم بصلاة المنافق ، يدع الصلاة حتى إذا كانت بين قرني شيطان ، قام فنقرها نقرات الديك ، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً)
رواه ابن حبان في صحيحه(٢٦٠) ، وأصله في صحيح مسلم(٦١٩)

– قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١/٤٥٢):
فيه تصريح بذم من صلى مسرعاً بحيث لا يكمل الخشوع والطمأنينة والأذكار ، والمراد بالنقر بسرعة الحركات كنقر الطائر.اهـ

٥- النهي عن البروك في الصلاة كبروك الجمل.
بروك الجمل قيل: يقدم يديه قبل ركبتيه في السجود وقيل: يقدم ركبتيه قبل يديه في السجود.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)
رواه أبو داود(٨٤١) والترمذي(٢٦٩) وصححه الألباني في سنن أبي داود (٨٤١)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه )
رواه أبو داود(٨٤٠) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٥٩٥)

قال الترمذي في جامعه(٢٦٨): العمل على هذا عند أكثر أهل العلم يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه.اهـ

٦- النهي عن الإشارة بالأيدي في التسليم بالصلاة كأذناب الخيل الشُّمُس.

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنا نصلي خلف النبي عليه الصلاة والسلام نسلم بأيدينا
فقال:( ما بال هؤلاء يسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس ، أما يكفي أحدهم أن يضع يده على فخذه ثم يقول:(السلام عليكم ، السلام عليكم)
رواه مسلم(٤٣١)
وفي لفظ لأبي داود: (ما بال أحدكم يرمي بيده كأنها أذناب خيل شمس)

الشُّمُس جمع شموس ، وهو النفور من الدواب الذي لا يستقر لشغَبِه وحِدته.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
٢٩ محرم ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – السُؤر @

– الأحكام الفقهية:

– حكم السُؤر.

– السؤر هو: بقية الطعام والشراب.
وهو ثلاثة أقسام:
أولاها: سؤر طاهر.
وهو سؤر الآدمي ، لحديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تشرب من الإناء وهي حائض فيأخذه النبي عليه الصلاة والسلام فيضع فاه على موضع فيها فيشرب)
رواه مسلم(١/١٦٨)

وسؤر الحيوان مأكول اللحم.
قال عكرمة:( كل دابة أكل لحمها فلا بأس بالوضوء من سؤرها)
رواه ابن أبي شيبة(٣٢١) ورجاله ثقات.

قال الإمام ابن قدامة في الكافي(١٥): سؤر ما يؤكل لحمه ، طاهر بلا خلاف.اهـ

وسؤر الهرة ، لحديث كبشة بنت كعب أن أبا قتادة رضي الله عنه
دخل فسكبت له وضوءاً فجاءت هرة فشربت منه فأصغى لها الإناء حتى شربت ، فقال: إن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:(إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات)
رواه مالك(٤١) وأبو داود(٧٥) والترمذي(٩٢) وصححه.
قال الحاكم في المستدرك(٥٨٣): حديث صحيح ولم يخرجاه ، وهذا الحديث مما صححه مالك واحتج به في الموطأ.اهـ
وصححه الألباني في صحيح الجامع(٢٤٣٧)

وعن داود بن صالح عن أمه أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة رضي الله عنها فوجدتها تصلي فأشارات إليّ أن ضعيها فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة فقالت: إن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:(إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم)
وقد رأيت رسول الله يتوضأ بفضلها.
رواه أبو داود(٧٦)
صححه الحاكم في المستدرك(٥٨٤)
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٧٦)

ثانيها: سؤر نجس.
وهو سؤر الكلب.
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ، ثم ليغسله سبع مراراً)
رواه ومسلم(٢٧٩)
ويُلحق به الخنزير ، وما تولد منها ، وما تولد من النجاسات.

ثالثها: سؤر مختلف فيه.
وهو سؤر باقي الحيوانات كالسباع والجوارح والحمار الأهلي والبغل والجلالة.
قيل أسوارها نجسة ، وقيل طاهرة.
والأحوط اجتناب سؤرها ، ما لم يضطر إليه.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

٢٦ محرم ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – حالات يتوضأ فيها الجنب @

– الأحكام الفقهية:

حالات يتوضأ فيها الجنب:

١- إذا أراد أن يأكل.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا كان جنباً فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة)
رواه مسلم(٣٠٥)

وعن علي رضي الله عنه قال: (إذا أجنب الرجل فأراد أن يطعم أو ينام توضأ وضوءه للصلاة)
رواه ابن أبي شيبة(٦٥٩)

٢- إذا أراد معاودة الجماع.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ)
رواه مسلم(٣٠٨)

عن أبي عثمان سلمان بن ربيعة قال: قال لي عمر: يا سلمان إذا أتيت أهلك ثم أردت أن تعود كيف تصنع؟ قلت: كيف أصنع؟ قال: توضأ بينهما وضوءًا)
رواه ابن شيبة(٨٧٠) ورجاله ثقات.

٣- إذا أراد أن ينام.

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنها قال: يا رسول الله ، أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: (نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد)
رواه البخاري(٢٨٧) ومسلم(٣٠٦)

وعن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام)
رواه البخاري(٢٨٦) ومسلم(٣٠٥)

٤- إذا أراد المكث في المسجد.

عن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالاً من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة).
رواه ابن أبي شيبة(١/٢٥١) وغيره ، وهو صحيح.

وعن زيد بن أسلم قال: (كان الرجل منهم يجنب ثم يدخل المسجد فيحدث فيه)
رواه ابن أبي شيبة(١/١٣٥) بسند حسن.

قال العلامة ابن قدامة في المغني(١/١٢٣): إذا توضأ الجنب فله اللبث في المسجد في قول أصحابنا وإسحاق ، واحتج أصحابنا بما روي عن زيد بن أسلم قال: (كان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام يتحدثون في المسجد على غير وضوء وكان الرجل يكون جنباً فيتوضأ ثم يدخل فيتحدث) ، وهذا إشاره إلى جميعهم فيكون إجماعاً يخص به العموم.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

٢٥ محرم ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – الرجعة @

– الأحكام الفقهية:

– أحكام الرجعة.

إذا طلق الرجل امرأته بعد الدخول بها بغير عوض أقل من ثلاث طلقات ، فله رجعتها ما دامت في العدة ، قال تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلـٰحاً) وقال النبي عليه الصلاة والسلام لعمر رضي الله عنه لما طلق عبدالله امرأته:(مُره فليُراجعها) رواه البخاري(٥٢٥١) ومسلم(١٤٧١)
ولا يشترط في الرجعة عقد جديد ولا وجود ولي ولا مهر ولا رضاها ، لأنها زوجة ما دامت لم تنقضِ عدتها.

– كيفية الرجعة:
تتحقق الرجعة في حالتين:
الأولى: بالقول ، فيشهد رجلين عدلين على رجعته لزوجته بقوله: (اشهدا أنني قد راجعت زوجتي فلانة).
قال تعالى: (فإذا بلغن أجلهم فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكمـ).

قال الإمام أبو داود في مسائل الإمام أحمد(١٢٢٩): سمعت أحمد بن حنبل سئل ، كيف يراجع الرجل امرأته؟ قال: يُشهد رجلين إني قد راجعت فلانة بنت فلان ، قيل: وإن لم تحضر المرأة؟ قال: نعم.اهـ

قال العلامة ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب(١٠/٤٣٣): الإشهاد ليس على سبيل الوجوب عند أكثر أهل العلم ، فيجوز أن يراجعها دون إشهاد.اهـ

الحالة الثانية: بالفعل ، وهو أن يجامعها بنية المراجعة ، ولابد من نية مراجعة وإلا فلا يجوز له جماعها من غير نية مراجعة.

فيه مسائل:
الأولى: إذا ادعت الزوجة انقضاء العدة ، وأنكر الزوج انقضائها ، فالقول قول الزوجة مع يمينها على صحة ما تقول ، قال تعالى: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن).

الثانية: إذا ادعى الزوج بعد انقضاء عدة الزوجة أنه قد راجعها وأنكرت الزوجة ، فالقول قول الزوجة والأصل عدم الرجعة ، إلا إذا ثبت بالبينة أنه راجعها ففي هذه الحالة ترجع له.
وأما إذا ادعى في العدة مراجعتها فالقول قوله لأنه يملك رجعتها.

الثالثة: الأفضل كتابة الرجعة ، حتى لا يحصل نزاع في المستقبل.

الرابعة: الرجعية مباحة لزوجها فلها التزين والتشرف لزوجها والسفر معه والخلوة به.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
١٩ محرم ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – البينونة في الطلاق @

– الأحكام الفقهية:

– البينونة في الطلاق:

البينونة في الطلاق تنقسم إلى قسمين:

الأول: بينونة كبرى.
البائن بينونة كبرى هي المطلقة ثلاث طلقات متفرقات ، وهذه لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

الثاني: بينونة صغرى:
يقع الطلاق بائناً بينونة في صغرى في أربع حالات:
الأول: المطلقه قبل الدخول بها.
مَن طلقت قبل الدخول بها ، بانت بينونة صغرى
ولا عدة عليها ولا رجعة ، وله أن يعقد عليها بعقد جديد ومهر إذا رضيت به.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(١٥٠٩): قوله تعالى: ( إذا نكحتمـ المؤمنـٰت ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) هذا أمر مجمع عليه بين العلماء ، أن المرأة إذا طلقت قبل الدخول بها لا عدة عليها فتذهب فتتزوج في فورها من شاءت.اهـ

– وقال الإمام ابن قدامة في المغني(١٠/٣٤٠):
قال ابن عبدالبر: أجمع العلماء أن طلاق السنة إنما هو للمدخول بها ، أما غير المدخول بها فليس لطلاقها سنة ولا بدعة.اهـ

الحالة الثانية: المطلقة الرجعية إذا انقضت عدتها.
مَن طُلقت طلاقاً رجعياً ثم انقضت عدتها ، بانت بينونة صغرى ، ولا تحل له إلا بعقد جديد ومهر إذا رضيت.

الحالة الثالثة: النكاح الفاسد ، ، مَن نكحت بنكاح فاسد ، كنكاح الشغار أو نُكحت في العدة أو بغير ولي ، بانت منه بينونة صغرى ، ولا تحل له إلا بعقد جديد ومهر إذا رضيت.

الحالة الرابعة: الخلع ، وهو طلاق وقيل فسخ ، ولا يصح إلا من لفظ الزوج ، فإذا خلع زوجته بانت منه بينونة صغرى ، عند جمهور العلماء إن بقي له شيء من الطلاق أو بينونة كبرى إن لم يبق له شيء من الطلاق ، ولا تحل له إلا بعقد جديد ومهر إذا رضيت ، وأما البينونة الكبري فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.
١٨ محرم ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – حكم نذر المعصية @

– الأحكام الفقهية:

– حكم نذر المعصية.

نذر المعصية: هو أن ينذر شرب الخمر أو ينذر قتل الناس أوظلمهم أو غيرها من المحرمات.

حكمه:
نذر المعصية محرم لا يجوز الوفاء به ، بالنص والإجماع
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه)
رواه البخاري(٦٦٩٦)

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(١١/٥٠٤): اتفق العلماء على أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به.اهـ

– كفارة نذر المعصية:
تنازع أهل العلم في وجوب الكفارة في نذر المعصية على قولين مشهورين ، أصحهما وجوبها لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا نذر في معصية الله وكفارته ، كفارة يمين)
رواه أحمد(٢٥٩٧٤) وأبو داود(٣٢٩٣) والترمذي (١٥٢٥)
وهو حديث متنازع في صحته ضعفه قوم ، وصححه آخرون منهم الألباني في صحيح الجامع(٧٥٤٧)

وله شاهد عن عمران بن حصين رضي الله عنه ، رواه أحمد(١٩٨٧٠) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٧٥٤٧)

وآخر موقوف عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (من نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)
رواه أبوداود(٣٣٢٢) وصححه الألباني.

ولعموم حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (كفارة النذر كفارة يمين) رواه مسلم(١٦٤٥)
وهذا عام يشمل نذر المعصية.

وعن القاسم بن محمد قال: أتت امرأة إلى عبدالله بن عباس فقالت:إني نذرت أن أنحر ابني ، فقال ابن عباس: لا تنحري ابنك ، وكفري عن يمينك.
فقال شيخ عند ابن عباس: وكيف يكون في هذه كفارة؟
فقال ابن عباس: إن الله تبارك وتعالى قال:(الذين يظـٰهرون منكم من نسائهمـ) ثم جعل فيه الكفارة ما قد رأيت)
رواه مالك(١٠٦٠) ورجاله ثقات.

قال الإمام الترمذي في جامعه(١٥٢٥): قال قوم من أهل العلم من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وغيرهم: لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين ، وهو قول أحمد وإسحاق واحتجا بحديث الزهري عن أبي سلمة عن عائشة ، وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وغيرهم: لا نذر في معصية ولا كفارة في ذلك ، وهو قول مالك والشافعي.اهـ

قال الإمام أبوداود في مسائل الإمام أحمد(١٤٤٥): سمعت أحمد سئل عن رجل نذر أن يطلق امرأته؟ قال: يكفر يمينه ، لأن في طلاقه هلاكها.اهـ

وقال الإمام محمد بن الحسن في الموطأ(٧٥١) : وبقول ابن عباس نأخذ وهذا مما وصفت لك أنه من حلف أو نذر نذراً في معصية فلا يعصين وليكفرن عن يمينه.اهـ

وقال العلامة ابن عثيمين في التعليق على مسلم(٨/٣٥٤): نذر المعصية ، اختلف العلماء هل فيه كفارة يمين أو لا؟ والصحيح فيه كفارة يمين.اهـ

– كفارة النذر مثل كفارة اليمين.
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (كفارة النذر كفارة يمين) رواه مسلم(١٦٤٥).
وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة ، وهذه الثلاثة مخير فيها ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، والأفضل ثلاثة أيام متتابعة ولا يفطر بينها إلا لعذر.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
١٧ محرم ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – حكم الشرب قائماً @

– الأحكام الفقهية:

– حكم الشرب قائماً:

تنازع أهل العلم في حكم الشرب قائماً ، منعه طائفة ، ودليلهم:

١- عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام: (أنه نهى أن يشرب الرجل قائماً)
قال قتادة: فقلنا: فالأكل؟ فقال: (ذاك أشر أو أخبث)
رواه مسلم(٢٠٢٤)

٢- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام: (زجر عن الشرب قائماً)
رواه مسلم(٢٠٢٥)

٣- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا يشربن أحد منكم قائماً ، فمن نسي فليستقئ).
رواه مسلم(٢٠٢٦)

وأجازه أخرون ، ودليلهم:

١- عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام: (شرب من ماء زمزم من دلو منها وهو قائم)
رواه البخاري(١٦٣٧) ومسلم(٢٠٢٧)

٢- عن النَّزَّال قال: أتى علي رضي الله عنه على باب الرحبة فشرب قائماً ، فقال: (إن ناساً يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم ، وإني رأيت النبي عليه الصلاة والسلام فعل كما رأيتموني فعلت)
رواه البخاري(٥٦١٥) وبوب له-باب الشرب قائماً.

٣- وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال: كنا نأكل على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام ونحن نمشي ونشرب نحن قيام)
رواه الترمذي(١٨٨٠) وقال حديث حسن صحيح
وصححه ابن حبان(٥٣٠١)
وصححه الألباني في تحقيق الترمذي(١٨٨٠)

٤- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام يشرب قائماً وقاعداً)
رواه الترمذي(١٨٨٣) وقال: حديث حسن صحيح
وحسنه الألباني في تحقيق الترمذي(١٨٨٣)

٥- وعن كبشة قالت: دخل علي رسول الله عليه الصلاة والسلام فشرب من فيّ قربة معلقة قائماً)
رواه الترمذي(١٨٩٢) وقال: حديث حسن صحيح غريب. وصححه ابن حبان(٥٢٩٤)
وصححه الألباني في تحقيق الترمذي(١٨٩٢)
٦- وله شاهد عن كلثم ، قال ابن حجر في الفتح(١٠/٩٧): أخرجه أبو موسى بسند حسن.اهـ

وروي الشرب قائماً عن عمر وعثمان وعلي وعائشة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وابن الزبير. رواها مالك في الموطأ(٧٠٥) بوب لها: باب ما جاء في شرب الرجل وهو قائم.

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه(٥/٩٩) عن طائفة من السلف رخصوا في الشرب قائماً منهم: ابن عمر وأبو هريرة وسالم وابن جبير والحسن وغيرهم.

وثبت عن عمر الشرب قائماً ، قال ابن حجر في الفتح(١٠/٩٧): ثبت عن عمر الشرب قائماً ، أخرجه الطبري.اهـ

قال أبو داود في مسائل الإمام أحمد(١٦٦٧): قلت لأحمد: الشرب قائماً ، قال: قد روي ذا يعني: النهي والرخصة ، وقد روي أن أصحاب النبي عليه الصلاة شربوا يعني قياماً ، فأرجو أن لا يكون به بأس ، وإن توقى ذلك الرجل لم يكن به بأس.اهـ

وقال محمد بن الحسن في الموطأ(٨٨٠): لا نرى بالشرب قائماً بأساً ، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.اهـ

قال الحافظ النووي في شرح مسلم(٢٠٢٤):
أما شربه عليه الصلاة والسلام قائماً فبيان للجواز فلا إشكال ولا تعارض ، وهذا الذي ذكرناه يتعين المصير إليه وأما من زعم نسخا. أو غيره فقط غلط غلطاً فاحشاً ، فكيف يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع بين الأحاديث.
فإن قيل كيف يكون الشرب قائماً مكروهاً وقد فعله النبي عليه الصلاة والسلام؟
فالجواب أن فعله عليه الصلاة والسلام إذا كان بياناً للجواز لا يكون مكروهاً.اهـ

والتحقيق: جواز الشرب قائماً من غير كراهة ، لشربه عليه الصلاة والسلام قائماً ، والجلوس أفضل وأحسن لنهيه عليه الصلاة والسلام عن الشرب قائماً ، هذا هو الراجح ، جمعاً بين الأدلة الشرعية.
فلا يقال: إن الشرب قائم خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام لعدم الدليل على الخصوصية.
ولا يقال: إن النهي منسوخ ، لأنه لا يصار إلى النسخ إلا عند تعذر الجمع ، والجمع ممكن.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.
١٢ محرم ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – إراقة الماء اذا ولغ فيه كلب @

– الأحكام الفقهية:

– إراقة الماء إذا ولغ فيه كلب.

إذا ولغ الكلب في إناء فيه ماء ، يراق الماء ولا يستعمل ، على المختار ، لتلوثه بلعاب الكلب ، ثم يغسل الإناء سبع مرات أولاهن بالتراب ، وبرهان ذلك:

روى مسلم في صحيحه (٢٧٩) قال حدثني علي بن حُجر حدثنا علي بن مُسهر أخبرنا الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ، ثم ليغسله سبع مراراً)
قال مسلم: وحدثني محمد بن الصَّبَّاح حدثنا إسماعيل بن زكريا عن الأعمش بهذا الإسناد مثله ، ولم يقل: (فليرقه).

قال النسائي في سننه(١/٥٣): لا أعلم أحداً تابع علي بن مسهر على قوله (فليرقه).اهـ

وقال السفاريني في كشف اللثام(١/٨٢): قال حمزة الكناني: إنها غير محفوظة ، وقال ابن عبدالبر: لم يذكرها الحفاظ من أصحاب الأعمش كأبي معاوية وشعبة ، وقال ابن منده: لا تعرف عن النبي عليه الصلاة والسلام بوجه من الوجوه إلا عن علي بن مسهر بهذا الإسناد.اهـ

قلت: والتحقيق أن زيادة (فليرقه) محفوظة ، لوجهين:

أولها: علي بن مُسهر القرشي ، أوثق من إسماعيل بن زكريا.
قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب(٧/٣٢٤): في ترجمة علي بن مسهر ، وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن حبان وابن سعد.اهـ
وأما إسماعيل ، فإنه صدوق ، قال الذهبي في الكاشف(٤٤٥): إسماعيل ، صدوق ، اختلف قول ابن معين فيه.اهـ

فزيادته زيادة ثقة مقبولة ، ولذلك قبلها مسلم وأودعها كتابه الصحيح(٢٧٩) ، وأثبتها ابن خزيمة في صحيحه(٨٩) وأثبتها ابن الجارود في المنتقى(٥٠)
وقال الدارقطني في سننه(١٧٩) بعد ما رواها ، صحيح إسناده حسن ورواته كلهم ثقات.
وصححها الألباني في صحيح الجامع(٨٤١)

ثانيها: أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يفتي بإراقة الماء الذي ولغ فيه الكلب وهذا يدل على ثبوتها عنده ، روى الدارقطني في سننه(١٨٠) قال: حدثنا المحاملي أخبرنا حجاج بن الشاعر أخبرنا عارم أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه في الكلب يلغ في الإناء قال: (يهراق ويغسل سبع مرات)
قال الدارقطني: صحيح موقوف.
وقال ابن حجر في الفتح(١/٢٧٥): إسناده صحيح.اهـ

– ويزاد أيضاً: أن النفوس تعاف استعمال الماء إذا ولغ فيه كلب ، ولذلك روي عن طائفة من السلف كراهة سؤر الكلب.
روى ابن أبي شيبة(٣٠٥) عن نافع أن ابن عمر كان يكره سؤر الحمار والكلب.
وروى (٣٠٦) عن الحسن وابن سيرين أنهما كانا يكرهان سؤر الحمار والكلب.
وروى أيضاً(٣١١) عن حكيم قال سألت أبا وائل عن سؤر الكلب؟ فقال: ما أحب مشاركته.

قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١/٢٧٩):
فيه: نجاسة ما ولغ فيه وأنه إن كان طعاماً مائعاً
حرم أكله لأن إراقته إضاعة له ، فلو كان طاهراً
لم يأمرنا بإراقته بل قد نهينا عن إضاعة المال ، وهذا مذهبنا ومذهب الجماهير أنه ينجس ما ولغ فيه.
وفيه: الأمر بإراقته وهذا متفق عليه عندنا.اهـ

– فائدة:

قال العلامة ابن عثيمين في التعليق على صحيح مسلم(٢/١٤٤): إذا نظرنا في أول السياق في قوله عليه الصلاة والسلام (فليرقه) ولم تذكر في بقية الألفاظ ، وهذه الجملة لا تنافي بقية الألفاظ بل قد تؤيدها ، لأنه لا يمكن أن يغسل إلا بعد إراقة الماء ، فنريق الماء الذي تلوث بنجاسة الكلب ثم بعد ذلك نغسل الإناء ، وكيف يمكن أن نغسل الإناء والماء فيه؟ فهذه اللفظة وإن لم تذكر فهي من لازم الغسل.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.
١٢ محرم ١٤٣٨هـ

@ الأحكام الفقهية – حكم دباغ الجلود @

– الأحكام الفقهية:

– حكم دباغ الجلود:

الجلود نوعان:

– الأول: جلد الحيوان مأكول اللحم.
وهو نوعان: المذكى والميتة.
أ- جلد المذكى: وهذا يطهر إذا دُبغ ، لا أعلم فيه خلافاً ، لعموم الأدلة ، منها:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر)
رواه مسلم(٣٦٦)

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)
رواه الدارقطني (١١٨) وقال: إسناده حسن.
وله شاهد عن ابن عباس رضي الله عنه ، رواه الترمذي(١٧٢٨) وقال: حديث حسن صحيح ، وصححه ابن حبان(١٢٨٤)

وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (طهور كل أديم دباغه)
رواه الدارقطني(١٢١) وقال: إسناد حسن كلهم ثقات.
وصححه الألباني في صحيح الجامع(٣٩٣٤)

ب- جلد الميتة: وهذا يطهر إذا دُبغ ، على الصحيح وهو قول جمهور العلماء ، ودليل ذلك:
عن سلمة بن المحبق رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام في غزوة تبوك أتى على بيت فإذا قربة معلقة فسأل الماء ، فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة ، فقال: (دباغها طُهورها)
رواه أبو داود (٤١٢٥) وابن حبان في صحيحه(٤٥٢٢)
قال ابن حجر في التلخيص(١/٦١): إسناده صحيح.
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤١٢٥)
وله شاهد عن ابن عباس رواه ابن خزيمة في صحيحه(١١٤)

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام: (دباغ جلود الميتة طهورها)
رواه الدارقطني(١١٩) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٣٣٦٠)

وعن العالية بنت سبيع أنها قالت: كان لي غنم بأُحد فوقع فيها الموت فدخلت على ميمونة رضي الله عنها زوج النبي عليه الصلاة والسلام
فذكرت ذلك لها ، فقالت لي ميمونة: لو أخذتِ جلودها فانتفعت بها ، قالت: فقلت: أو يحل ذلك؟
قالت: نعم ، مر على رسول الله عليه الصلاة والسلام رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار ، فقال لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لو أخذتم إهابها) قالوا إنها ميتة ، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (يطهرها الماء والقرظ)
رواه أبو داود(٤١٢٦) والنسائي(٧/١٧٤)
صححه ابن حبان(١٢٨٨)
وقال ابن حجر في التلخيص(١/٦١): صححه ابن السكن والحاكم.اهـ
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤١٢٦)

قال الإمام الترمذي في جامعه(١٧٢٨): والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم قالوا في جلود الميتة: إذا دبغت فقد طهرت.اهـ

– تنبيه:
حديث عبدالله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام بأرض جهينة وأنا غلام شاب (أن لا تستمتوا من الميتة بإهاب ولا عصب)
رواه أبو داود(٤١٢٧) والترمذي(١٧٢٩) وحسنه بلفظ: (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب).

قال الإمام الترمذي في جامعه(١٧٢٩): وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذُكر فيه قبل وفاته بشهرين وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبي عليه الصلاة والسلام ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده.اهـ

قلت: الحديث مختلف في صحته ، وعلى تقدير صحته فالمراد: عدم الانتفاع بجلد الميتة ما لم يدبغ ، لأن الإهاب هو الجلد الذي لم يدبغ ، جمعاً بين النصوص.

قال الحافظ ابن حبان في صحيحه(١٢٧٦): ومعنى خبر عبدالله بن عُكيم (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) يريد به قبل الدباغ ، والدليل على صحته قوله: (أيما إهاب دبغ فقد طهر).اهـ

– الثاني: جلد غير مأكول اللحم.
وهذا لا يطهر في الدباغ في أصح قولي العلماء ،
ودليل ذلك:
عن أبي المليح عن أبيه رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن جلود السباع)
رواه أحمد(٥/٧٤) وأبو داود(٤١٣٢) والترمذي(١٧٧١) والحاكم(٥٢٢) وصححه.
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤١٣٢)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تصحب الملائكة رُفقة فيها جلد نمر)
رواه أبو داود(٤١٣٠) وحسنه الألباني في سنن أبي داود(٤١٣٠)

وعن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه أنه قال لمعاوية رضي الله عنه ، فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله عليه الصلاة والسلام نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم.
رواه أبو داود(٤١٣١) وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤١٣١) وفي الصحيحة(١٠١١)

قال الإمام الترمذي في جامعه(١٧٢٨): وقال بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم: إنهم كرهوا جلود السباع وإن دبغ ، وهو قول عبدالله بن المبارك وأحمد وإسحاق.اهـ

قال العلامة المباركفوري في تحفة الأحوذي(٥/١٧٤): أحاديث الباب تدل على أن جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها ، وقد اختلف في حكمة النهي.اهـ

– تنبيه:
حديث (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) لفظ (الإهاب) عام يراد منه خاص ، يراد جلد مأكول اللحم دون غيره ، ودليل ذلك نهيه عليه الصلاة والسلام عن جلود السباع.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.
٩ محرم ١٤٣٨هـ