حكم الزيادة على محل الفرض في الوضوء.

حكم الزيادة على محل الفرض في الوضوء.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فإنه يشرع لمن أراد الوضوء أن يزيد على محل الفرض أحياناً، فإذا غسل يده له أن يتجاوز المرفق، وإذا غسل رجله له أن يتجاوز الكعب، لما جاء في صحيح مسلم(٢٤٦)عن نعيم المجمر قال: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يتوضأ فغسل وجهه، فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: (هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ)رواه مسلم(٢٤٦)

دل قول أبي هريرة رضي الله عنه (هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ) أنه لم يفعله من باب الاجتهاد كما يقال، بل فعله من باب الاتباع والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا لا يتعارض مع الأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه المخرج في صحيح البخاري(١٥٩)وصحيح مسلم(٢٢٦)عن حمران مولى عثمان أن عثمان رضي الله عنه دعا بوضوء فتوضأ)وفيه(ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم غسل اليسرى مثل ذلك……ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا..)الحديث.
وحديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه المخرج في صحيح البخاري(١٨٦)وصحيح مسلم(٢٣٥)في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: (ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين……ثم غسل رجليه إلى الكعبين)
فإن غالب فعله صلى الله عليه وسلم عدم الزيادة على
محل الفرض، وأحياناً ربما زاد عليه.
ومجاوزة محل الفرض ثبت عن بعض الصحابة الكرام، منهم أبو هريرة رضي الله عنه راوي الحديث، وهذا يدل على ثبوته عنده.

عن أبي زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة رضي الله عنه دار مروان فدعا بوضوء فتوضأ، فلما غسل ذراعيه جاوز المرفقين فلما غسل رجليه جاوز الكعبين إلى الساقين، فقلت: ما هذا؟
قال: هذا مبلغ الحلية)رواه ابن أبي شيبة في المصنف(٦٠٦)ورجاله ثقات، وأصله في صحيح مسلم(٢٥٠)

وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف)رواه ابن أبي شيبة في المصنف(٦٠٤)وحسنه ابن حجر في الفتح(١/٣٩)والصنعاني في السبل(١/٧١)والسفاريني في كشف اللثام(١/١٦٦)

وقال به جمع من العلماء، قال السفاريني في كشف اللثام(١/١٦٥): اختلف العلماء في استحباب الزيادة على محل الفرض في الوضوء، وفيه روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: استحباب التجاوز لمحل الفرض لإطالة الغرة والتحجيل، وهذا الصحيح في المذهب، واختاره المجد،
وفاقاً لأبي حنيفة والشافعي.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد: عدم استحباب ذلك، وهو مذهب مالك، واختيار ابن القيم.

وكتبه/
بدر محمد البدر العنزي

حالات مرسل التابعي.

-حالات مرسل التابعي-

التابعي: هو من لقي الصحابي مؤمناً بالنبي صلى الله عليه وسلم ومات على الإسلام.

ومرسله ينقسم إلى قسمين:

الأول: مرسل صريح: وهو ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
مثال ذلك: عن مكحول رحمه الله قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبال بأبواب المساجد)رواه أبو داود في المراسيل(٣)

الثاني: مرسل غير صريح، وهو ما له حكم الارسال، وهو قول التابعي إذا كان لا مجال للرأي فيه ولم يُعرف بالأخذ عن أهل الكتاب.
قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث(١/٢٣١): وألحق ابن العربي المالكي بالصحابة في ذلك ما يجيء عن التابعين مما لا مجال للاجتهاد فيه فنص على أنه يكون في حكم الرفع وادعى أنه مذهب مالك.اهـ

مثال ذلك:
عن ليث ابن أبي سليم عن سعيد بن جبير رحمه الله: (من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة)رواه ابن أبي شيبة(١٢/٤٣)وليث فيه ضعف يسير.

قال العلامة عبدالرحمن بن حسن في قرة العيون(٢٢٣):
وهذا عند أهل العلم له حكم الرفع لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي فيكون على هذا مرسلاً لأن سعيداً تابعي.اهـ
وكذا قال غير واحد من أهل العلم منهم: الشيخ ابن باز في شرح التوحيد(١٣)والشيخ صالح آل الشيخ في التمهيد(١١٩)

وأما إذا عُرف التابعي بالأخذ عن أهل الكتاب فلا يكون في حكم المرسل.
مثال ذلك: قال وهب بن منبه رحمه الله: (كان لسليمان بن داود عليه السلام ألف بيت أعلاها قوارير وأسفلها حديد)رواه أحمد في الزهد(٢١٦)
مثل هذا لا يقال في حكم المرسل، لأن وهب بن منبه رحمه الله عُرف بالأخذ عن أهل الكتاب.

وكتبه/
بدر محمد البدر العنزي

مسألة: إذا دخل المسافر في صلاة المقيم

—مسألة: إذا دخل المسافر في صلاة المقيم:
له حالتان:
الحالة الأولى: إذا أدرك المسافر ركعة كاملة وصاعداً مع الإمام المقيم، ففي هذه الحالة يلزمه الاتمام، وهو قول أكثر العلماء، ونقل بعضهم الإجماع.

قال ابن المنذر في الأوسط(٤/٣٣٨): اختلف أهل العلم في مسافر صلى خلف إمام، فقالت طائفة: يصلي بصلاتهم، روينا هذا القول عن ابن عمر وابن عباس، وبه قال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وجابر بن زيد ومكحول وبه قال الثوري والأوزاعي ومعمر والشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي.اهـ

أدلة هذا القول:
عن موسى بن سلمة قال: كنا مع ابن عباس رضي الله عنه بمكة فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً، وإذا رجعنا إلى راحلنا صلينا ركعتين؟ قال: تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم )رواه أحمد(١٨٦٢)وصححه الألباني في الإرواء(٥٧١)وأصله في صحيح مسلم(٦٨٨)

وقال أبو مجلز: قلت لابن عمر رضي الله عنه أدركت ركعتين من صلاة المقيمين وأنا مسافر؟ قال: (صل بصلاتهم)رواه ابن أبي شيبة(٣٨٥١)وابن المنذر في الأوسط(٢٢٤٤)

وقال ابن عباس رضي الله عنه: (إذا دخل المسافر في صلاة المقيمين صلى بصلاتهم)رواه ابن أبي شيبة(٣٨٤٩)وابن المنذر في الأوسط(٢٢٤٥)

قال ابن عبد البر في التمهيد(١٦/٣١٥): وقد أجمعوا على أن المسافر إذا أدرك ركعة من صلاة المقيم لزِمه الإتمام، بل قد قال أكثرهم: إنه إذا أحرم المسافر خلف المقيم قبل سلامه أنه تلزمه صلاة المقيم، وعليه الإتمام.اهـ

وقال ابن قدامة في المغني(٢/١٨٠): روي عن ابن عباس أنه قيل له: ما بال المسافر يصلي ركعتين في حال الانفراد وأربعاً إذا ائتم بمقيم؟ فقال: (تلك السنة)رواه أحمد، وقوله(تلك السنة)ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه فعل ابن عمر وابن عباس من الصحابة ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفاً.اهـ

وقال النووي في المجموع(٤/٣٤١): ولأن العلماء أجمعوا على أن المسافر إذا اقتدى بمقيم لزِمه الإتمام.اهـ

وقال ابن حجر في الفتح(٢/٥٦٥): احتج الشافعي على عدم الوجوب بأن المسافر إذا دخل في صلاة المقيم صلى أربعًا باتفاقهم، ولو كان فرضه القصر لم يأتم مسافر بمقيم.اهـ

الحالة الثانية: إذا أدرك المسافر أقل من ركعة مع الإمام المقيم، فهذا موضع خلاف بين العلماء.

قال ابن المنذر في الأوسط(٤/٣٣٩): وقالت طائفة: إذا أدرك المسافر بعض صلاة المقيمين صلى بصلاتهم، وإن أدركهم جلوساً صلى ركعتين، وهذا قول الحسن البصري وإبراهيم النخعي والزهري وقتادة، وقال مالك: إذا أدرك المسافر التشهد من صلاة المقيمين صلى ركعتين.اهـ

والصحيح يلزمه الإتمام لعموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)رواه البخاري(٧٢٢)ومسلم(٤١٤)
واللفظ عام يشمل المقيم والمسافر.

—مسألة: إذا دخل المقيم في صلاة المسافر.
يتم صلاته ولا يقصر معه، بإجماع أهل العلم.
دليل ذلك:
عن عمران بن حصين قال: أقمت مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح بمكة فأقام ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين ثم يقول لأهل البلد: (صلوا أربعاً فإنا قوم سفر)رواه ابن أبي شيبة(٣٨٦٠)وأبو داود(١٢٢٩)وفي سنده علي بن زيد جدعان ضعفه أكثر العلماء، ووثقه بعضهم، وله شاهد صحيح موقوف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بمكة ركعتين ثم قال: (إنا قوم سفر فأتموا الصلاة)رواه مالك(٤٠٤)وابن أبي شيبة(٣٨٦١)بسند صحيح.
وفي رواية في الموطأ(١١٩٨)عن زيد بن أسلم عن أبيه
أن عمر بن الخطاب صلى للناس بمكة ركعتين، فلما انصرف، قال: يا أهل مكة، أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر)

قال ابن المنذر في الأوسط(٤/٣٦٥): أجمع أهل العلم على أن المقيم إذا ائتم بالمسافر وسلم الإمام من ثنتين أن عليه إتمام الصلاة.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي

شرح حديث: (لاتدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)

-شرح حديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)

عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)رواه البخاري(٣٣٢٢)ومسلم(٢١٠٦)

وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)رواه أبو داود(٤١٥٢)والنسائي(٢٦١)بسند ضعيف.
رواه أحمد(٨١٥): عن علي رضي الله عنه بلفظ: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)وليس فيه (ولا جنب)
قال الأرناؤوط في المسند(٢/١٩٠): حديث حسن لغيره.

وعن أم سلمة رضي الله عنه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جلجل ولا جرس)رواه النسائي(٥٢٢٢)وحسنه الألباني.
وله شاهد عن عائشة رضي الله عنه رواه أحمد(٢٦٠٥٢)بسند ضعيف.

غريب الحديث:
الجُلجُل بضم الجيم، صوت الجرس الصغير، قال ابن الأثير في النهاية(١/٢٧٧): الجلجل هو الجرس الصغير، الذي يعلق في أعناق الدواب.اهـ
قال السندي في حاشية النسائي(٨/١٨٠): ‏‏قوله: (جلجل ولا جرس) ‏يدل على أن بينهما فرقاً وبعضهم فسر أحدهما بالآخر.اهـ

-شرح الحديث:
ذهب جمع من أهل العلم أن المراد بالملائكة هم ملائكة الرحمة، لا يدخلون بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا جرس.

قال النووي في المنهاج(٦/١٥٦): قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة)
قال العلماء: سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة، وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى، وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب لكثرة أكله النجاسات، ولأن بعضها يسمى شيطاناً كما جاء به الحديث، والملائكة ضد الشياطين، ولقبح رائحة الكلب، والملائكة تكره الرائحة القبيحة، ولأنها منهي عن اتخاذها، فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته، وصلاتها فيه، واستغفارها له، وتبريكها عليه وفي بيته، ودفعها أذى الشيطان.
وأما هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتاً فيه كلب أو صورة فهم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار، وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت، ولا يفارقون بني آدم في كل حال، لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها.اهـ

وقال السندي في حاشية ابن ماجه(٥/٢٤٣): قوله: (فيه كلب ولا صورة) حمل الكلب على غير كلب الصيد والزرع ونحوهما والمراد بالصورة صورة ذي الروح قيل إذا كان لها ظل وقيل بل أعم والمعنى لا تدخل ملائكة الرحمة والبركة في ذلك البيت وإلا فالحفظة لا يفارقون أحداً.اهـ

وقال عظيم آبادي في عون المعبود(١/١١٣): بالتصغير (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب): قال الإمام الخطابي في معالم السنن: يريد الملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة دون الملائكة الذين هم الحفظة فإنهم لا يفارقون الجنب وغير الجنب.اهـ

وقال ابن عثيمين في شرح مسلم(١٠/٣٩١): فإن قال قائل: هل يمنع وجود الصور دخول الملائكة؟
الجواب: إذا وجدت الصورة الممنوعة فإنها تمنع من دخول الملائكة، وأما المباحة فلا بأس بها، ونحمل قوله: (بيتاً فيه صورة)على الصور المحرمة، لئلا نمنع دخول الملائكة من شيء أباحه الله للعباد.
لكن إذا كانت الصورة المحرمة في حجرة من البيت فهل يمتنع دخول الملائكة للبيت كله أو لهذه الحجرة؟
الجواب: الظاهر لي أنها الحجرة خاصة فقط، لأنها منفصلة مستقلة عن البيت.اهـ

-فائدة:
كما أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا جرس، كذلك لا تصحب رفقه في سفر معهم كلب أو جرس.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس)رواه مسلم(٢١١٣)وفي رواية لمسلم(٢١١٤)عنه: (الجرس مزامير الشيطان)

قال النووي في المنهاج(٦/١٦٢): ‏‏قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس) ، ‏وفي رواية: (الجرس مزامير الشيطان) فقه الحديث: فيه كراهة استصحاب الكلب والجرس في الأسفار، وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها أحدهما.
والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والاستغفار، لا الحفظة، وسبق بيان الحكمة في مجانبة الملائكة بيتا فيه كلب، وأما الجرس فقيل: سبب منافرة الملائكة له أنه شبيه بالنواقيس، أو لأنه من المعاليق المنهي عنها، وقيل: سببه كراهة صوتها، وتؤيده رواية (مزامير الشيطان)وهذا الذي ذكرناه من كراهة الجرس على الإطلاق هو مذهبنا ومذهب مالك وآخرين ، وهي كراهة تنزيه ، وقال جماعة من متقدمي علماء الشام : يكره الجرس الكبير دون الصغير.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي

ثبوت صيام يوم عرفة لغير الحاج

—ثبوت صيام يوم عرفة لغير الحاج—

روى مسلم(١١٦٢)بسنده من طريق عبدالله بن معبد عن ‏ ‏أبي قتادة ‏‏قال:‏ ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏‏ (صيام يوم ‏‏ عرفة ‏أحتسب ‏ ‏على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)
هذا الحديث الصحيح، ادعى بعض الناس ممن لا علم له بالصنعة الحديثية ضعفه، لانقطاعه بين عبدالله بن معبد وبين أبي قتادة، وقوله ضعيف من عدة أوجه:

أولاً: الحديث رواه مسلم في صحيحه، وقد تلقى العلماء صحيح مسلم بالقبول.
قال النووي في المنهاج(١/١١٦): اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن، الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما، وهذا متفق عليه.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار(١/٦٢): اعلم أن ما كان من الأحاديث في الصحيحين أو في أحدهما جاز الاحتجاج به دون بحث، لأنهما التزما الصحة، وتلقت ما فيهما الأمة بالقبول.

ثانياً: أن عبدالله بن معبد الزماني، وثقة الأئمة الحفاظ، منهم النسائي والعجلي وابن حبان والبرقي والذهبي وابن حجر، ولم يرمَ بالتدليس. قال الذهبي في ديوان الضعفاء(٢٢٩): قال البخاري: لايعرف لعبدالله بن معبد سماع من أبي قتادة،قلت: لايضره ذلك.اهـ يعني لأنه معاصر له ولم يرمَ بتدليس.

ثالثاً: الحديث صححه جمع من الأئمة الحفاظ منهم:
الترمذي(٧٥٢)وابن خزيمة(١٧١٣)وابن حبان(٣٦٣١)وقال النسائي في السنن الكبرى(٢/١٥٣): هذا أجود حديث في هذا الباب عندي.
وصححه أيضاً: ابن عبدالبر في التمهيد(٢١/١٦٣)والبغوي في شرح السنة(٦/٢٤٣)وابن القيم في تهذيب السنن(٧/٦٧)والألباني في سنن أبي داود(٢٤٢٥)والأرناؤوط في مسند أحمد(٢٢٥١٧)

رابعاً: الحديث لم ينفرد بروايته عبدالله بن معبد عن أبي قتادة بل تابعه عليه: حرملة بن إياس عن أبي قتادة رواه أحمد(٢٢٥٨٨)وصححه الأرناؤوط، وقال الألباني في الإرواء(٤/١٠٩): إسناده جيد.
وحرملة وثقه ابن حبان في الثقات(٤/١٧٣)

خامساً: الحديث له عدة شواهد منها:
١-عن سهل بن سعد رضي الله عنه رواه أبو يعلى(٧٥١٠)والطبراني في الكبير(٦/٢٢٠)
قال المنذري في الترغيب(٢/٦٨)والهيثمي في مجمع الزوائد(٣/١٨٩): ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.
٢-عن ابن عمر رضي الله عنه رواه الطبراني في الأوسط(١٥٧٣)
قال المنذري في الترغيب(٢/٤٣): رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
وقال الهيثمي في المجمع(٣/١٩٠): حديث حسن.
٣-عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه رواه ابن ماجه(١٧٣١)قال البوصيري في الزوائد(٣/٢١٢): له شاهد صحيح، وصححه الألباني في سنن ابن ماجه(١٧٣١)

سادساً: عمل الناس على صيامه.
قال الترمذي في جامعه(٧٥٢): وقد استحب أهل العلم صيام يوم عرفة إلا بعرفة.اهـ
والحديث إذا كان صحيحاً وعليه العمل، فإنه يزداد قوة على قوته، وإذا كان فيه ضعف يسير وعليه العمل فإنه يتقوى بالعمل، نص عليه الحافظ ابن حجر في النكت على المقدمة(١/٨٨)

كتبه/
بدر محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد

رفع اليدين في الصلاة

رفع اليدين في الصلاة-

من سنن الصلاة الفعلية، رفع اليدين في الصلاة إذا كبر للإحرام، وإذا ركع، وإذا رفع من الركوع، وإذا قام من التشهد الأول، وهو من زينة الصلاة، كما قال عبد الملك: سألت سعيد بن جبير عن رفع اليدين في الصلاة فقال: (هو شيء تزين به صلاتك)رواه البخاري في جزء رفع اليدين(٣٧)

وقال النعمان بن أبي عياش: (لكل شيء زينة، وزينة الصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع)رواه البخاري في جزء رفع اليدين(٥٨)

عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنه كان إذا رأى رجلاً لا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رماه بالحصى)رواه البخاري في جزء رفع اليدين(١٤)

١-رفع اليدين إذا كبر للإحرام وإذا ركع وإذا رفع من الركوع.
وهذا متواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام، نص على تواتره السيوطي في قطف الأزهار(٣٣)والكتاني في نظم المتواتر(٨٠)

جاء في الحديث عن سالم بن عبدالله عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا قام في الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع، ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع)رواه البخاري(٧٣٥)ومسلم(٣٩٠)

قال الإمام الترمذي في جامعه(٧٣): ونحو حديث ابن عمر في الباب عن عمر وعلي ووائل بن حجر ومالك بن الحويرث وأنس وأبي هريرة وأبي حميد وأبي أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة وأبي قتادة وأبي موسى الأشعري وجابر وعمير الليثي.اهـ

قلت: وتواتر أيضاً عن الصحب الكرام والأئمة الأعلام رفع اليدين في الصلاة.
قال الإمام البخاري في جزء رفع اليدين(٧): وقال الحسن وحميد بن هلال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أيديهم فلم يستثن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون أحد، ولم يثبت عند أهل العلم عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يرفع يديه، وكذلك رويناه عن عدة من علماء مكة وأهل الحجاز والعراق والشام والبصرة واليمن وعدة من أهل خراسان.اهـ

٢-رفع اليدين إذا قام من التشهد الأول.
وهذا مشهور عن النبي عليه الصلاة والسلام، فيه أحاديث، منها:
عن نافع: (أن ابن عمر رضي الله عنه كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله عليه الصلاة والسلام)رواه البخاري(٧٣٩)وبوب له: باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين، ومسلم(٣٩٠)

قلت: وفي الباب:
عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، رواه البخاري في رفع اليدين(١)
وعن أبي قتادة رضي الله عنه، رواه البخاري في جزء رفع اليدين(٣)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، رواه أبو داود(٧٣٨)
وعن ابن الزبير رضي الله عنه، رواه أبو داود(٧٣٩)
وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، رواه أبو داود(٧٣٠)

-مسألتان:
الأولى: قال الإمام البخاري في جزء رفع اليدين(٣٤): ولم يثبت عند أهل النظر ممن أدركنا من أهل الحجاز وأهل العراق، منهم عبد الله بن الزبير وعلي بن عبد الله بن جعفر ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه هؤلاء أهل العلم من أهل زمانهم فلم يثبت عند أحد منهم علمنا في ترك رفع الأيدي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يرفع يديه.اهـ

قلت: وأما حديث ابن مسعود أنه صلى فلم يرفع يديه إلا مرة)رواه أبو داود(٧٤٨)وضعفه، والترمذي(٢٥٧)وقال: لم يثبته عبدالله بن المبارك.

وحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام رفع يديه حين افتتح الصلاة ثم لم يرفعهما حتى انصرف)رواه أبو داود(٧٥٢)وضعفه

الثانية: وردت أحاديث في رفع اليدين في السجود، وتنازع العلماء في صحتها.
نفاها ابن عمر رضي الله عنه كما في صحيح البخاري(٧٣٨)وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في سنن أبي داود(٧٤٤)
وضعفها ابن القيم في الزاد(١/٢٢٢)وابن رجب في الفتح(٦/٣٥٤)وابن باز في شرح البخاري(٢/١٩٧)

وقال بعض أهل العلم: إن صحة أحاديث رفع اليدين في السجود، فإنها تفعل أحياناً لا دائماً.

كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد

١٨ شوال ١٤٤٠هـ

سجود التلاوة

– سجود التلاوة –

هو سنة عند أكثر أهل العلم، وقال بعضهم بوجوبه، والقول الأول أصح.
قال الإمام مالك: (لا أحب لأحد أن يقرأ سجدة إلا سجدها في صلاة أو في غيرها)المدونة(١/١٩٩)

وله حالتان:
الأولى: في الصلاة.
ويشرع فيه التكبير إذا سجد وإذا رفع، لعموم الأدلة في صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يكبر في كل خفض ورفع، وبه قال أكثر أهل العلم وهو مذهب الأئمة الأربعة.

عن عكرمة قال: رأيت رجلًا عند المقام يكبر في كل خفض ورفع، وإذا قام وإذا وضع، فأخبرت ابن عباس رضي الله عنه، قال: (أوليس تلك صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، لا أُمَّ لك)رواه البخاري(٧٨٧)

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (رأيت النبي يكبر في كل خفض ورفع)رواه أحمد(١/٣٨٦)والترمذي(٢٥٣)وقال: حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وعليه عامة الفقهاء والعلماء.اهـ

وقال الإمام مالك من قرأ سجدة في الصلاة فإنه يكبر إذا سجدها ويكبر إذا رفع رأسه منها)المدونة الكبرى(١/٢٠٠)

وقال ابن قدامة في المغني(٢/٣٥٩): إذا سجد للتلاوة، فعليه التكبير للسجود والرفع منه، سواء كان في صلاة أو في غيرها، وبه قال ابن سيرين والحسن وأبو قلابة والنخعي ومسلم بن يسار وأبو عبدالرحمن السلمي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي وقال مالك: إذا كان في صلاة، واختلف عنه إذا كان في غير صلاة.اهـ.

وقال النووي في منهج الطالبين(١/٣٥): ومَن سجد فيها-يعني الصلاة-كبر للهوي وللرفع، ولا يرفع يديه.اهـ

قال العظيم آبادي في عون المعبود(ح-١٤١٣): السنة أن يكبر للسجدة، وعلى هذا مذهب أكثر أهل العلم، وكذلك يكبر إذا رفع رأسه.اهـ

الحالة الثانية:
في غير الصلاة:
وهذا يكبر إذا سجد، ويرفع بدون تكبير، في أصح قول العلماء.

عن عبدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا)رواه أبو داود(١٤١٣)وفي سنده عبدالله بن عمر العمري، ضعف.
ورواه الحاكم(١/٢٢٢): من طريق عبيدالله بن عمر وهو ثقه، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأقره الذهبي.

وعن أبي قلابة وابن سيرين قالا: (إذا قرأ الرجل السجدة في غير الصلاة قال: الله أكبر)رواه ابن أبي شيبة(١/٤٣٥)بسند صحيح.

كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد

فضل الصحابة الكرام

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-الكلمة رقم(٧٠): فضل الصحابة الكرام.

عباد الله: اعلموا رحمكم الله، أن أصحاب نبينا عليه الصلاة والسلام، هم خير أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، فقد جاء في الحديث عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (خير الناس قرني ثم الذين يَلونهم ثم الذين يلونهم)رواه البخاري(٢٦٥٣)ومسلم(٢٥٣٣)

فهم خير القرون ، وهم خير الناس بعد الأنبياء والرسل ، وقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على فضلهم ومكانتهم وخيريتهم:

قال تعالى: (والسـٰبقون الأولون من المهـٰجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسـٰن رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنـٰت تجرى تحتها الأنهـٰر خـٰلدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم)

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(٤/١٤٠): يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم، والنعيم المقيم.اهـ

وفي الحديث عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول عليه الصلاة والسلام: (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما تُوعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يُوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يُوعدون)رواه مسلم(٢٥٣١)

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد عليه الصلاة والسلام خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خيرَ قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه)رواه أحمد(١/٣٧٩)قال الهيثمي في المجمع(١/١٨٢): رجاله موثقون.

-عباد الله: إن للصحابة رضي الله عنهم حقوق كثيرة يجب على كل مسلم ومسلمة مراعاتُها ، منها:
١-محبتهم والترضي عنهم والدعاء لهم.
قال تعالى: (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخوٰننا الذين سبقونا بالإيمـٰن ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم)

٢-اعتقاد خيريتهم وفضلهم.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعاً: (خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)رواه البخاري(٣٦٥٠)وفي رواية عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (خير الناس قرني ثم الذين يَلونهم ثم الذين يلونهم)رواه البخاري(٢٦٥٣)ومسلم(٢٥٣٣)

قال وكيع سمعت سفيان يقول في قوله تعالى”قل الحمد لله وسلـٰم على عباده الذين اصطفى”قال: (هم أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام)رواه الطبري(٢٠/٣)

٣-اعتقاد عدالتِهم ، فهم كلهم عدول ، بإجماع أهل العلم.
قال ابن حبان في صحيحه(١٢٦٥):أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام كلهم ثقات عدول.اهـ

٤-الكف عما شجر بينهم.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى(٣/١٥٢): ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام…ويمسكون عما شجر بين الصحابة.اهـ

-عباد الله: إن سب الصحابة والطعن فيهم من كبائر الذنوب ، وهو طعن في تزكية الله لهم ، وإيذاء للنبي عليه الصلاة والسلام.
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدَكم أنفق مثلَ أحد ذهباً ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه)رواه البخاري(٣٦٧٣)ومسلم(٢٥٤١)

وعن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً: (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الطبراني في الكبير(١٢٧٠٩)وحسنه السيوطي في الجامع الصغير(٨٧١٥)وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٦٢٨٥)

قال العلامة الصنعاني في التنوير(١٠/٢٥٢): قوله(من سب أصحابي)ظاهر في كل من صحبه(فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)أي يلحقه كل لعن صادر عن هؤلاء لأنه سب من أمر بالدعاء لهم وسؤال المغفرة ، وأثنى الله عليهم في عدة آيات في كتابه فسابهم مضاد لأمر الله.اهـ

قال ابن عمر رضي الله عنه: (لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدِهم ساعة خير من عمل أحدِِكم عمره)رواه ابن ماجه(١٦٢)قال البصيري في الزوائد(١/١٠٦)إسناده صحيح ، وحسنه الألباني في سنن ابن ماجه(١/٣٢)

قال الحافظ أبو زرعة الرازي: (إذا رأيت الرجلَ ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وإنما يريدون أن يُجرحوا شواهدنا ، ليُبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، وهم زنادقة)رواه الخطيب في الكفاية(٩٧)

وسُئل الإمام أحمد عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، فقال: (ما أراه على الإسلام)رواه الخلال في السنة(٧٨٢)واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد(٣٣٨٦)

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

٥ محرم ١٤٤٠هـ

الرد على من زعم جواز أخذ شيء من الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي

-الرد على من زعم جواز أخذ شيء من الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي.

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد،،

عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره) رواه مسلم(١٩٧٧)وفي رواية له(١٩٧٧) (فلا يمس من شعره وبشره شيئاً)
وفي رواية لابن أبي شيبة في المصنف(١٥٠٩٢)قالت أم سلمة رضي الله عنها: (فلا يأخذ من شعره شيئاً حتى يضحي)

دل هذا الحديث الصحيح ، أن مَن أراد أن يضحي سواء كان رجلاً أو امراةً ، إذا دخلت العشر الأول من ذي الحجة حرم عليه أخذ شيء من شعره وظفره وبشره حتى يذبح أضحيته، ولا يحرم عليه شيء سوى ذلك مما أحل الله له.

وأما حديث عمرة بنت عبدالرحمن أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة رضي الله عنها أن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: (من أهدى هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه) قالت عمرة: فقالت عائشة رضي الله عنها: (ليس كما قال ابن عباس ، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام بيدي ثم قلدها رسول الله عليه الصلاة والسلام بيديه ثم بعثها مع أبي فلم يحرم على رسول الله عليه الصلاة والسلام شيء أحله الله له حتى نحر هديه)رواه البخاري(١٦١٣)ومسلم(١٣٢١)

فالمراد بقولها رضي الله عنها: (فلم يحرم على رسول الله عليه الصلاة والسلام شيء أحله الله له حتى نحر هديه).
أرادت به الجماع لا الشعر والظفر ، كما جاء ذلك صريحاً في رواية الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيبعث هديه إلى الكعبة، فما يحرم عليه مما حل للرجال من أهله، حتى يرجع الناس)رواه البخاري(٥٥٦٦)
فالنصوص يفسر بعضها بعض، ولا قول لأحد من الناس كائناً من كان مع قول رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ومن القواعد المقررة عند أهل العلم (لا اجتهاد مع وجود النص)
قال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وقال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأفعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)رواه مسلم(١٣٣٧)

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بوزارة الشؤون الإسلامية

١ ذو الحجة ١٤٣٩هـ

سلسلة ما ليس بحديث (٢)

سلسلة ما ليس بحديث(٢)

١١-(الأقربون أولى بالمعروف)
ليس بحديث. قال السخاوي في المقاصد الحسنة(١٤١): ما علمته بهذا اللفظ.اهـ
وقال العجلوني في كشف الخفاء(٤٨٦):قال في أسنى المطالب: ليس بحديث خلافاًلمن زعمه.اهـ

١٢-(إكرام الميت دفنُه)
ليس بحديث، قال السخاوي في المقاصد الحسنة(١٥٠): لم أقف عليه مرفوعاً، وإنما يروى عن أيوب السختياني نحوه.

١٣-(ألسنة الخلق أقلام الحق)
ليس بحديث، قال السخاوي في المقاصد الحسنة(١٦٤): لا أصل له، هو من كلام بعض الصوفية.

١٤-(أُمرت أن أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر)
ليس بحديث. قال السخاوي في المقاصد الحسنة(١٧٨): لا وجود له في كتب الحديث المشهورة ، ولا الأجزاء المنثورة ، وجزم العراقي بأنه لا أصل له، وكذا أنكره المزي وغيره.اهـ
وقال العجلوني في كشف الخفاء(٥٨٥): قال السيوطي في الدرر: هو من كلام الشافعي في الرسالة.اهـ

١٥-(أنا أفصح من نطق بالضاد)
ليس بحديث. قال السخاوي في المقاصد الحسنة(١٨٥): معناه صحيح ، ولا أصل له كما قاله ابن كثير.اهـ

١٦-(أنا أفصح العرب بيد أني من قريش)
ليس بحديث. قال العجلوني في كشف الخفاء(١/٢٢٨): أورده أصحاب الغرائب ولا يعلم من أخرجه ولاإسناده.

١٧-(أنفق ما في الجيب يأتك ما في الغيب)
ليس بحديث. قال العجلوني في كشف الخفاء(٦٤١): ليس بحديث.

١٨-(ادفع الشك باليقين)
ليس بحديث. قال الغزي في الجد الحثيث(١٣): جاء في كلام سفيان الثوري ، وليس بحديث.

١٩-(إذا جاء القضاء ذهب البصر)
ليس بحديث. قال الغزي في الجد الحثيث(١٥): هو من كلام ابن عباس.

٢٠-(إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين)
ليس بحديث. قال الغزي في الجد الحثيث(١٧): ليس بحديث.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بوزارة الشؤون الإسلامية

١٧ ذو القعدة ١٤٣٩هـ